رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خيانة بيرم الخامس: أنشأ صحيفة للدفاع عن الاحتلال الإنجليزى لمصر

محمد بيرم الخامس
محمد بيرم الخامس

فى بدايات الاحتلال الإنجليزى لمصر انتقل صحفى يدعى محمد بيرم الخامس إلى مصر، هاربًا من تونس بسبب الاحتلال الفرنسى هناك، وأسس فى القاهرة صحيفة جديدة تسمى «الأعلام».

وكرّس «بيرم» صحيفته ليدافع عن الاحتلال البريطانى لمصر، فكتب فى افتتاحية العدد الأول: «الخديو توفيق منذ صعد منصة الخديوية كان أول خطاب له بمثابة إذن لإطلاق الحريات، ومن فروعها حرية المطبوعات».

وذكر الكاتب الصحفى محمد توفيق فى كتابه «الملك والكتابة» أن تلك الصحيفة استخدمت فى خطابها للشعب المصرى آيات من القرآن الكريم، مثل «اعدلوا هو أقرب للتقوى»، «إن الله يأمر بالعدل والإحسان».

ولفت إلى أن الصحيفة اعتبرت أن المصريين ظالمون، وأن إنجلترا هى المظلومة، وبررت الاحتلال الإنجليزى لمصر على اعتبار أنه سوف يدفع المصريين للتعلم ومعرفة طرق إدارة بلادهم.

ورأى «توفيق» أن أخطر ما فعلته صحيفة «الأعلام» فى مصر هو استخدامها الدين لتمرير أفكارها السياسية، إذ دعت الناس لسماع أوامر جنود الاحتلال والمعتمد البريطانى بوصفهم أولى الأمر، ونصحت المصريين بأن طاعة أمر الحاكم، حتى ولو كان إنجليزيًا، من صميم أوامر الدين. 

وفى الخامس والعشرين من فبراير ١٨٨٥، حاول محمد بيرم صاحب جريدة «الأعلام» تبرير اعتماد الخديو على الإنجليز، فاستخدم بعض الروايات من التاريخ الإسلامى، وشوهها من أجل ذلك.

وادّعى أن المصريين المؤيدين للإنجليز ينفعون وطنهم، وأن الشريعة تؤيدهم، قائلًا إن الرسول أمر جمعًا من أصحابه وفيهم ابنته بالاحتماء بملك الحبشة، وهو نصرانى، من ظلم مشركى العرب، وأقاموا عنده مدة، واعتبر ذلك دليلًا على جواز الاحتماء بغير المسلم.

والتقت رؤى الاحتلال الإنجليزى مع أفكار محمد بيرم التى اعتمدت على المغالطات، إذ لم يكتفِ بالدفاع عن الاحتلال البريطانى لمصر، بل برر احتلالهم الهند، وكتب: «الأموال الطائلة تأتى فى كل عام من الهند إلى مكة والمدينة، ولا نرى درهمًا واحدًا من الجزائر أو القوقاز، حتى إن أوقاف الحرمين لم يبق لها ذكر هناك». وواصل «بيرم» دفاعه عن الاستعمار الإنجليزى فى الهند مدعيًا تحسن أحوالها تحت سيطرته، وأفرد صفحة كاملة عن اللورد ريبون، الحاكم العام فى الهند، ووصفه بأنه صاحب ضمير حر وخادم للإنسانية.

وقال الكاتب محمد توفيق إن الهدف من صحيفة «الأعلام» كان مهاجمة فرنسا لصالح إنجلترا، حيث أفرد صاحبها صفحات عديدة للمقارنة بين ما وصفه بسماحة بريطانيا وسماجة فرنسا فى إدارة شئون رعاياها، لذا اهتم بما يحدث فى تونس والجزائر، وحاول تبرير ذلك للقارئ المصرى، وكتب: «عليك أن تعلم أحوال المسلمين فى بقية البلدان لتدرك ما أنت فيه من نعمة تحت الاحتلال الإنجليزى».

وفى هذه الأثناء، أدركت السلطات العثمانية تأثير الصحف فى أهل الشام، فأمرت بمنع الصحف من الدخول إلى سوريا، واستغل الاحتلال البريطانى هذه الأوامر واستمال الصحف إليه، وكتبت صحيفة «المحروسة» أن السوريين أصابهم الاكتئاب بسبب منع وصول الصحف إليهم.

وبعد أن كانت الصحف تُطبع فى الشام وترسل إلى مصر، طُبعت فى مصر وأرسلت إلى الشام، ولم يكن من السهل دخولها إلى هناك، وحاول صناع الصحف التحايل لإدخالها، ولكن الرقيب ورجال البريد منعوا كل محاولة للوصول إلى أهل سوريا، لذا انتقل عدد كبير من الصحفيين هناك إلى مصر.