رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالم أزهري: اغتنموا أيام عشر ذي الحجة لفضلها ومكانتها

د. صفوت محمد عمارة
د. صفوت محمد عمارة

قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إنّ اللَّه عزّ وجلّ جعل لعباده مواسم للطاعات ليتقربوا فيها بالأعمال الصالحة، والسعيد من اغتنمها، ولقد أقبلت علينا أكثر هذه المواسم ثوابًا والأعظم أجرًا، في أشهر اللَّه المحرَّمة،  ألَا وهي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، التي أقسم بها في كتابه الكريم لعظم مكانتها وفضلها، وهذا وحده يكفيها شرفًا وفضلًا، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم؛ فقال: {وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2،1]، وجمهور المفسرين قالوا أن الليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها، وأن يتنافس فيها فيما يقربه إلى اللَّه عزَّ وجلَّ.

وتابع «عمارة»، أنَّ أيام العشر الأوائل من ذي الحجة شهد لها رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بأنها أفضل أيام الدنيا، كما ورد في حديث عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما، قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «ما العملُ في أيامٍ أفضل منها في هذه» يعني العشر، قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: «ولا الجهادُ، إلَّا رجلٌ خرج يُخاطرُ بنفسه وماله، فلم يرجِع بشيءٍ» [رواه البخاري]؛ ففي هذا الحديث بيَّن لنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عظم مكانة العشر الأوائل من ذي الحجة وفضلها على غيرها من أيام العام، وأجر العمل الصالح فيها يتضاعف ما لا يتضاعف في سائر الأيام، إلَّا رجلٌ خرج مخاطرًا بنفسه وماله في سبيل اللَّه، ففقد ماله وفاضت روحه في سبيل اللّه.

وأشار «عمارة» إلى أنه ينبغي على المسلم أن يجدد العهد مع اللَّه تعالى بتوبة صادقة، لأن الذنوب والمعاصي من أسباب حرمان العبد من الخير والإقبال على اللَّه تعالى؛ فهذه الأيام لا تُتاح كل عامٍ إلَّا مرةً واحدةً، وتجتمع فيها أمهات العبادات؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وحجٍّ وغيرها، ولا يكون ذلك في غير العشر من أيام العام، ولذلك اختصها اللَّه بمزيد من الفضل وزيادة الأجر، ويستحب صيام تسع ذي الحجة، لأنه ثبت عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، أنه كان يصوم التسع من ذي الحجة؛ فعن بعض أزواج النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قالت: «كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيامٍ من كل شهر» [أخرجه أبو داود].

وأضاف «عمارة» أنّ هذه الأيام يستحب فيها كثرة الذكر لقول اللَّه تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، وورد في حديث عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما، قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «ما من أيامٍ أعظمُ عند اللّه ولا أحبُّ إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» [رواه أحمد]، والتهليل هو قول لا إله إلَّا اللّه، والتكبير هو قول اللّه أكبر، والتحميد هو قول الحمد للّه، وقال ابن القيم: "القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة فإذا ذكر الله ذابت هذه القسوة كما يذوب الرصاص فى النار"؛ فعلينا جميعًا أغتنامها بالأعمال والأقوال الصالحة، نسأل اللَّه أن يعيننا على اغتنام عشر ذي الحجة على الوجه الذي يرضيه.