رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لعبة الكريات الزجاجية» رواية هيرمان هيسه التى منعها النازيون وفازت بجائزة نوبل

هيرمان هيسه
هيرمان هيسه

تميزت أعمال الكاتب والشاعر الألماني ــ السويسري هيرمان هيسه، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1877، بمقاطعة شتوتجارت الألمانية، بطابع روحي فلسفي عميق، فغالبا ما تكون الشخصية المحورية تائهة تبحث عن التنوير، والذي  ــ برأيه ــ لا يأتي إلا من أعماق الإنسان.

فمثلا في كتابه “ذئب البراري”، والصادر عام 1927، يقول هيرمان هيسه: “إننا لا نملك هوية واحدة ولا حتى اثنتين، ولكن نملك هويات متعددة، وأن السعادة تأتي من فهمنا لهذه الهويات وقبول الجانب المظلم من أنفسنا”.  

حقق هيرمان هيسه نجاحه بفضل أسلوبه الشعري المتميز، ومواضيعه الإنسانية والنفسية العميقة، وكان واضحا منذ طفولته بأنه سيكون كاتبا. 

“أكون شاعرا أو لا أكون”، هذا ما أعلنه هيرمان هيسه مبتدئا مسيرة التمرد، فقد تحدى رغبة والديه بأن يكون رجل دين، كما كانا هما، فوالده كان مبشرا، بينما كانت والدته هي الأخرى ابنة أحد المبشرين.

تمرد هيرمان هيسه على المدرسة التي رأى فيها عدوه الأول لأنها تريد قتل موهبته فتركها، هذا التمرد قابلها ميل “هيسه” إلى الرومانسية والخيال وهو ما يتضح جليا في جميع أعماله، كــ: ذئب البراري ــ سيدهارتا ــ أحلام الناي ــ ساعة بعد منتصف الليل ــ تحت الدولاب ــ جيرترود ــ ثلاث حكايات عن حياة كنلوب ــ حكايات خرافية ــ نظرة إلي الفوضي ــ رحلة إلي الشرق ــ لعبة الكريات الزجاجية ــ دميان وغيرها. ظل فيها هيرمان هيسه يبحث عن الاندماج في الطبيعة وأسرارها وكائناتها التي يتخاطب معها ويتأملها، وكذلك بحثه عن الذات روحيا وعاطفيا، حيث أن أبطاله دائما ما يتلذذون بالوحدة.

هكذا أنهكت الحرب العالمية هيرمان هيسه

أنهكت الحرب العالمية والدعاية لها هيرمان هيسه، حتى أنها عادت عليه بالأذى النفسي، فكان أن دعا المثقفين الألمان لتقليل حدة الجدال والمناقشات حول مسوغات الحرب والاهتمام أكثر بالإنسانية، مما ترتب عليه حملات تشويه وعداء وحتي الكراهية والسخرية منه.

خلال الحرب العالمية أخرج هيرمان هيسه عمله الأخير “لعبة الكريات الزجاجية”، والتي نال عنها جائزة نوبل في الآداب للعام 1946. وحينها قال "هيسه" عندما وصل إليه خبر فوزه بالجائزة مقولته الشهيرة: “قرر العالم رجمي حتى الموت بالجوائز والتهاني والبرقيات وسبع آلاف رسالة”.

وفي هذه الرواية ــ لعبة الكريات الزجاجية ــ التي منع النازيون نشرها، فنشرت أولا في سويسرا، ثم لاحقا نشرت في ألمانيا بعد هزيمة النازية بقيادة أودلف هتلر.

وصية هيرمان هيسه للعالم في روايته “لعبة الكريات الزجاجية”

في روايته الأخيرة “لعبة الكريات الزجاجية” والتي حصدت جائزة نوبل للآداب، يطرح هيرمان هيسه رؤيته في الفلسفة والحياة شرقا وغربا، وفيها يلقي وصيته إلي العالم والإنسانية جمعاء، حيث يقول هيسه: “كلما علت ثقافة الإنسان، وكلما عظمت الإمتيازات التي كان يتمتع بها، كانت التضحيات التي ينبغي له تقديمها في الأزمات كبيرة.”

وقد أصبح هيرمان هيسه بعد روايته هذه من أكثر الكتاب الأوروبيين إنتشارا بلغات أخري حول العالم خلال القرن العشرين. وكان أيضا رساما وشاعرا يخاطب ضمائر الأفراد وليس المجتمعات بحد قوله. 

أصيب “هيسه” بالإكتئاب في فترة من فترات حياته، فاتجه خلالها إلي دراسة التحليل النفسي، وتعرف علي رائد التحليل النفسي الأشهر “كارل يونج”.