رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين الحقيقة والخيال.. اكتمال القمر يُزيد معدلات الجريمة ويُفسد المشاريع الجديدة

اكتمال قمرالفراولة
اكتمال قمرالفراولة

ظاهرة فلكية شهدتها مصر مساء يوم الثلاثاء 14 يونيو 2022، وهي ظاهرة اكتمال ما سمي بـ "قمر الفراولة"، وفيها اكتمل قرص القمر تمامًا، وبلغ لمعانه 99.7 %، متمتعًا بمظهر ساحرِ فريدِ يختلف عن اكتماله في أيٍ من شهور العام.

إلا أنه مع هذا السحر المتفرد في مشهد البدر وسط السماء، ظهرت العديد من الأصوات التي تُحذّر من قيام الأفراد بعدة مهام وقت هذا الاكتمال، مثل السفر الطويل والإقبال على المشاريع الجديدة، مؤكدين أنه وقت اكتمال القمر يتسبب في وقوع العديد من الظواهر السلبية والضارة على الإنسان، والتي قد تدفعه إلى ارتكاب بعض الجرائم وغيرها من الأضرار الأخرى.

كما أكدت تلك الأصوات تسبب اكتمال القمر في حدوث بعض الاضطرابات لباقي الكائنات الأخرى، واستعانت تلك الأصوات في إثبات ذلك ببعض النصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة النبوية.

     

فهل من صدق لهذه التحذيرات أم أنها نابعة من خرافات موروثة تم تداولها؟

 

طبيب تنمية بشرية: يؤثر على النوم ويختلف من الرجال للسيدات

فكرة أن البدر يمكن أن يثير المشاعر، ويثير سلوكًا غريبًا، بل ويسبب مرضًا جسديًا ليس مجرد مجازًا أدبيًا، إنه اعتقاد راسخ، ويشتمل على الكثير من الصحة، وذلك حسب محمد سامي دكتور التنمية البشرية بجامعة كندا، الذي أوضح أن اكتمال القمر يؤثر على الإنسان وسلوكه، بل أنه كذلك يؤثر على الرجال والنساء بشكل مختلف.

وتابع أن بعض الدراسات أوضحت تأثير البدر على النوم بشكل مختلف عند الذكور والإناث، إذ وُجد أنه تنام العديد من الإناث أقل عند اقتراب مرحلة اكتمال القمر، بينما ينام الذكور أكثر بالقرب من ذات الوقت.

 

وأضاف “سامي” أنه بفحص عدد من الباحثين على بعض الأطفال وُجد أن دورات نوم الأطفال في 12 دولة بهذا التوقيت أقل بنسبة 1 عن دورتهم الطبيعية، ومع ذلك لم يجد الباحثون أي ارتباط بين هذا التغيير في النوم والاختلاف الكبير في السلوك خلال تلك الفترة.

خلال مرحلة اكتمال القمر أيضًا تتغير أنظمة القلب والأوعية الدموية، حسب النتائج التي توصل لها بعض الباحثون، وفق ما ذكر طبيب التنمية البشرية، مُشيرًا إلى أنه لوحظ خلال تللك الدراسات انخفاض ضغط الدم لدى المُشاركين بنحو 5 ملم زئبق، كما تبين عودة معدل ضربات القلب وضغط الدم إلى مستوياتها الطبيعية بسرعة أكبر بعد اكتمال القمر.

استشاري الأمراض النفسية: يوصف لأطفال فرط الحركة علاجًا وقت حدوثه

يؤكد على ذلك الدكتور جمال فرويز استشاري الأمراض النفسية، في حديثه لـ"الدستور" موضحًا أن هناك ما يُسمى بالنواقل العصبية، وهي المسئولة على سلوكيات الأفراد وتصرفاتهم، ومنها مادة "السيلوتنين" المسئولة عن نشاط جسم الإنسان، والتي يتحكم فيها حالة الجهاز الهضمي بنسبة 70%،  أما حالة الجلد فتتحكم يها بنسبة ثلاثون بالمئة.

تابع أنه مع تغير الظواهر الطبيعية الخارجية مثل حدوث "اكتمال القمر" فإنه بالفعل تقع بعض التأثيرات والاضطرابات على تلك النواقل العصبية فقد يحدث أن تزيد معدلاتها داخل جسم الإنسان مما يتسبب في المزيد من العصبية والانفعال لديه، مُشيرًا إلى أنه لذلك يصف أطباء العلاج النفسي عقاقيرًا في مُعالجة للأطفال مرضى فرط الحركة بداية من اليوم الأول بالشهر العربي إلى اليوم العاشر منه فقط، وذلك لكونها تلك الفترة التي يكتمل فيها القمر، وتصبح معها حركة الأطفال أصحاب هذاالمرض أكثر حدة ونشاطًا.

في الوقت نفسه أكد “فرويز” أن التأثر بحركة القمر لا يحدث للجميع، كما أنه لا يحدث للجميع على نفس المقدار، مُشيرًا إلى أنه يقع بالأخص على الأشخاص الذين لديهم ما يُعرف بالشخصية الدورية تلك التي تتغير حالتها مع تغيرات الفصول والقمر، كما أكد أن التغير لا يكون بالصورة المُفزعة أو الصادمة التي قد يتصورها البعض.

 رأي الدين: خرافات لا أساس لها من الصحة    

على النقيض أكد الشيخ أحمد ترك من علماء الأزهر الشريف لـ "الدستور" أن الحديث عن تأثير القمر على الإنسان إنما هو أحد الخرافات وأشكال الدجل الذي يُذهب صاحبه إلى المهالك، موضحًا أن تلك أمور لا تنبني على علم واضح لذلك لا يجب أن يأخذها أحد في الاعتبار، فضلًا على ذلك فليس لتلك الأمور أي أساس من الوجود بالقرءان الكريم  والسنة النبوية.

وذكر “ترك” في هذا الأمر ردّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على صحابته حين توفي ابنه إبراهيم عندما قالوا بأن الشمس قد كُسفت لوفاته، قائلًا "لا، لم تنكسف لأجل إبراهيم، إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنكسفان لموت أحدٍ من الناس ولا لحياته، إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره".

وأكد عالم الأزهر أن تصديق تلك الخرافات ونسبها إلى الدين ما هو إلا افتراء وتجرؤ واضح على الدين، موضحًا أن ما يتحكم بالإنسان وتصرفاته هو عقله، و لا وجود لما أسماه البعض بعلم الطاقة بينما هو وسيلة لصرف المسلمون عن التفكير العقلي السليم والاستعانة بمنهج الله ورسوله. 

ويرجع إطلاق اسم قمر هذا الوقت من العام باسم "قمر الفراولة" إلى القبائل الأمريكية القديمة له التي أطلقته عليه لارتباطه بموسم حصاد ثمار الفراولة في هذا التوقيت من العام.