رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تنبأ له بشأن عظيم وبسببه فُصل عن العمل».. هذه حكاية الشيخ إمام بمحمد رفعت

الشيخ إمام
الشيخ إمام

27 عاما مرت على وفاة الشيخ إمام، الذي رحل عن عالمنا في 7 يونيو لعام 1995، تاركا وراءه أعمالا فنية نادرة، قبل أن يفضل في منتصف التسعينات العزلة والاعتكاف في حجرته المتواضعة بحي الغورية ولم يعد يظهر في الكثير من المناسبات كالسابق حتى توفي في هدوء.

"في قرية أبوالنمرس التابعة لمحافظة الجيزة ولدت سنة 1918، لأبوين فقيرين، أبي كان يبيع زجاج المصابيح، يدور في البلاد على رأسه بها" هكذا تحدث الشيخ إمام عن البيئة التي نشأ فيها، مستطردا: في السنة الأولى من ولادتي، لا أعلم في أي شهر، فقدت بصري وعندما بلغت الخامسة ذهبت إلى الكتاب لحفظ القرآن الكريم، كنت أستمع وأنا في السابعة إلى عماتي وأمي وهن يغنين أثناء تنقية القمح في مناسبات الحج والفرح، كان غناء شجيا، يأخذني ويجعلني لا أتحرك، وكان يصل الحال بهم إلى البكاء وهم يغنون، ومن هؤلاء اكتشفت معنى الغناء وأنني وهبت الموهبة الموسيقية.

"كانت أبوالنمرس تابعة للجمعية الشرعية، والتي يوجد مقرها الرئيسي في القاهرة، من أهداف هذه الجمعية عندما يحدث فرح في بلد يتبعها يخرج واحد من الجمعية ليلقي محاضرة تتناول مراسم الزواج وما يجب أن يحدث، وآخر يلقي تواشيح بعد المحاضرة، ويتم اختيار ثلاثة من الحاضرين للعمل ككورال لهذه الموشحات، وكان أبي دائما وسط الكورال المختار، وبالتالي أنا معه" جاء هذا الكلام على لسان الشيخ إمام في حوار له بمجلة "القاهرة" بعددها رقم 153 والصادر بتاريخ 15 أغسطس 1995، وكشف عن إعجاب الشيخ به لدرجة أن قال لأبيه أن يأتي به إلى قصر الجمعية بعد إتمامه المصحف، ليجود القرآن ويتعلم شئون الدين.

وبالفعل بعد أن أتم المصحف، وكان حينها في الثانية عشرة من عمره، أخذه أبوه إلى هناك، وهو ما كشف عنه الشيخ إمام قائلا: لم تكن المرة الأولى التي أنزل القاهرة فيها، لأنني عندما كنت في الكتاب كان يأخذني عمي لصلاة الجمعة عند الشيخ محمد رفعت في مسجده في درب الجماميز، وكان اسم المسجد جامع فاضل باشا "مسجد بشتاك"، وأذكر أنه في أول جمعة صليتها عنده ذهبنا للسلام عليه - أنا وعمي - فلما أمسك يدي أحس الشيخ رفعت أنني كفيف - لأنه كان كفيفا هو الآخر - فسألني عن اسمي، وسألني "هل تذهب إلى الكتاب؟" ثم قال: سيكون لك شأن عظيم، وكان عمري في ذلك الوقت سبع سنوات.

وتابع: عندما ختمت المصحف، جئت إلى القاهرة مقيما.. حيث الجمعية.. كان مؤسسها من الصوفيين الأفاضل، من الذين يعلمون العلم لوجه الله، وكان اسمه الشيخ محمود خطاب السبكي، تعلمت التجويد على أحد رجال الجمعية، وكان إماما من أئمة علم القراءات، وعملت مساعد موشح ثم ترقيت حتى أصبحت موشحا، ظللت في هذه الجمعية حوالي 4 سنوات إلى أن توفى مؤسسها الشيخ السبكي، كان الراديو في ذلك الوقت حديثا، وكان محمد رفعت العلم الوحيد للإذاعة، يقرأ مرتين كل أسبوع (جمعة وثلاثاء)، وكنت أحرص على سماعه، أما في الجمعية فكان سماع القرآن في الراديو حرام.. إلى أن "ضبطني" أحدهم وأنا أستمع إلى الشيخ رفعت في الراديو فذهب وأبلغ الجمعية.. ففصلوني!

وأضاف: وعندما علم أبي بخبر فصلي، ضربني وشتمني، فأصبحت بلا مأوى أجلس نهارا في جامع سيدنا الحسين وليلا أنام في الأزهر، في هذه الفترة شاهدت الويل، وعرفت الكثير، كم سرقت مني "عمم" وأحذية في "الأزهر" وأنا نائم، كنت أتلفلف في الحصيرة مثل "الكرنبة"، وأستيقظ أجد نفسي "مقرفص" والجو "يهمي ثلج" بلا عمة ولا حذاء وحالتي "كدر".