رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكتابة الأنثوية

مصطلح الكتابة الأنثوية، هو مصطلح ظهر في القرن الماضي، ويقتصر استخدامه على نوع معين من الكتابة يعتمد إلى إبراز صوت المرأة، وإلى تأكيد اختلافها عن القوالب التقليدية التي توضع بها، وتظهر من خلال الطابع الأنثوي للنص المكتوب، أو الخصوصيات الأنثوية التي تميزه عن الكتابة الأخرى. 
تحفل كتب التراث العربي بعدد من الشاعرات في الكتب التراثية العربية، ففي الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وهو أحد أهم المصادر في الأدب العربي القديم نلحظ الكثير من القصص والأحداث عن النساء والمغنيات. ويقدم الكتاب معلومات فيما يزيد على أربع عشرة امرأة، وغالبيتهن من الجواري، مثل دنانيـر، عبيـدة، محبوبة، حبابة وجميلة وغيرهن.
في العصر الحالي، مارس الكثير من الكاتبات الكتابة الصحفية، وأخريات كتبن القصة القصيرة، وحققن بهذا مزيدا من الخبرة ومنحن الثقة لاستمرارية الكتابة، وتطورت المعرفة المتنامية واكتساب المهارات، ما أضاف لهن الرغبة في الانطلاق لرحاب أكبر في مجال الكتابة إلى الرواية. وقد بدأت الرواية النسائية بعد ظهور كتابة الرجل، وجاءت المرأة لتكتب القصة القصيرة وظهرت تدريجيا خلال الستينيات واستمرت في التطور حتى الآن.
ومن أهم العوامل التي تعوق فرص الإبداع للنساء، العادات والتقاليد، خاصة التي ترفض ظهور المرأة وانتشارها إعلاميا، وكذلك تسلط بعض الرجال،‏ وقد يكون ابنا أو زوجا أو أبا، مع الإحساس بالغيرة منها، أو عدم الاقتناع بأنها تستطيع أن تحقق ما لا يستطيع هو تحقيقه‏. وربما يرى الزوج أو الابن أن كل كتابة للمرأة هى تعبير عما بداخلها، وهو ما يتسبب في تشويه العلاقة بينه وبين زوجته أو ابنته او شقيقته الكاتبة.
وهناك أيضا عوامل شخصيه‏، فقد تجعل هذه الضغوط الخارجية الكثير من النساء المبدعات يفقدن الثقة والجرأة والقدرة على البوح والمشاركة الفعلية،‏ وبالتالى يقلل من الطموح الأدبي لديها‏، فتتقاعس تدريجيا أمام مسئوليات الأسرة، كما أن هناك كثيرًا من الأسر ترفض ظهور اسم بناتها على صفحات الجرائد والكتب،‏ لأنها ترى أن اسم المرأة جزء من‏ حرمتها‏.‏ 
عندما تكتب أو تبدع الكاتبة أو الشاعرة أو الإعلامية العربية فإنها تضع في اعتبارها عدة محظورات.
أولًا: المحظور القبلي أو الأسري. 
ثانيا: المحظور الأنثوي. 
فمن ناحية المحظور القبلي تعاني المرأة الكاتبة أو المبدعة نوعين من القهر، القهر من المجتمع كظاهرة عامة‏،‏ وقهر الرجل القريب لها، والمرأة تتحمل العبء الأكبر في المواجهة‏، لأن المطلوب منها الرضوخ والانحناء‏،‏ كما تلقي مشاكل المجتمع بعبئها الأكبر والأثقل على المرأة‏.‏ 
الكاتبة العربية عليها أن توازن بين حياتها كامرأة شرقية لها بيت يجب أن تحتويه، وتلبي مطالبه، من تجهيز الطعام إلى غسيل الملابس، وغيرها، من شئون المنزل التي تضطلع بها ربة البيت. وزوج له متطلبات أخرى، فهو زوج ورب الأسرة، ويهمه بالدرجة الأولي ألا يكون لزوجته شاغل آخر سواه. قليل جدا من الأزواج يرضون لزوجاتهم بالخروج إلى المنتديات الأدبية. وممارسة الكتابة.
من ناحية المنظور الأنثوي الذي يحد من الإنتاج الإبداعي للمرأة هو شعورها بأن هناك من يتلصص على أنوثتها من خلال كتاباتها، ويظهر هذا في عملية التفتيش في ألفاظها عندما تتحدث حول علاقتها بالرجل‏،‏ بالإضافة  إلى عملية الخلط بين كتاباتها وحياتها الخاصة‏،‏ بينما يتسامح المجتمع مع الرجل لو أسهب في وصف تلك العلاقة، لأن المجتمع يتعاطف دائما مع الرجل لمغامراته وخبراته العاطفية‏.‏ 
كاتبة مصرية توفيت قبل نهاية القرن الماضي تلبسها الإبداع، كان لا بد أن تكتب، تعرضت لنقد شديد من زوجها كي تقلع عن الكتابة، جاءت اللحظة الحاسمة فخيرها زوجها بين الكتابة والبيت، لجأت سرا إلى إحسان عبد القدوس وبعض الكتاب من جيل سابق طلبوا منها أن تستمر كاتبة، باسم مستعار، غير أن دافع الأمومة والأسرة عندها كان أقوى. ومع ذلك استمرت في الكتابة. وبعد مدة اقتنع الزوج بأن زوجته متلبسة بالإبداع، تركها تمارس حريتها. وسمح لها بعد سنوات بكتابة الأدب ونشره باسمها الحقيقي.. وكانت المفاجأة ترجمة أعمالها إلى عدة لغات، وصدور قصص لها مترجمة إلى الإنجليزية. 
كما ترجم لها المترجم المعروف دنيس جونسون ديفيد، والذي سبق أن ترجم لتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وغيرهما‏، تعرضت الكاتبة بسبب كتاباتها  للمصائب والضغوط السياسية التي مورست ضدها في الخارج، والتي وصلت  إلى حد خطف جواز سفرها في لندن من أجل إرغامها على السفر إلى إسرائيل، ولما رفضت تعرضت  على حد قولها للإهانة وعاشت أيام رعب حقيقية إلى أن أنقذتها في النهاية السفارة المصرية،‏ لكن السفارة المصرية وأعادتها سالمة إلى مصر، فإن رقابة وزارة الإعلام واصلت الحملة ضدها بمنع كتابها في بلدها‏، فمن أين تتلقي هذه الرقابة توجيهاتها؟ هل ممن يهددون كتابنا في الخارج ويضغطون عليهم من أجل السفر إلى إسرائيل.
ولا شك أن ألد أعداء الكاتب أسرته، لكن إذا استطاع الكاتب، رجلا كان أو امرأة أن يتخطى العقبة نجح، لأن الكاتب قد يسلط الله عليه زوجة نكدية لا تفهم طبيعة عمله. 
ثانيا: المحظور الأنثوي. وهناك مبدعون قضت عليهم زوجاتهم. 
وتذكر كاتبة كويتية أنها لا تخفي شيئا من حياتها وأنها جريئة، وأن جرأتها تلك قادتها إلى المحاكم، وتعتقد أنه على الصعيد العائلي لا سلطة عليها لأن سلطة الوالد انتهت بوفاته.