رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هجرة الأطباء..

بعد آلاف الاستقالات.. أطباء يتحدثون عن أسباب هجرتهم إلى الخارج

الاطباء
الاطباء

دفعت أزمة التكليفات للأطباء التي وقعت خلال العام 2020 “ميار.خ”، أحد أطباء ذلك التكليف، إلى الهجرة والعمل خارج مصر، بعدما تم تسجيلها إجباريًا للعمل في منطقة لا تعلم عنها شيء، بناء على النظام الجديد الذي وضعته الصحة وقتها باختيار أماكن التكليف للأطباء.

قرار الصحة جاء رغبة في التوزيع الجغرافي العادل، حتى لا يتكدس الأطباء في محافظة واحدة دون الأخرى، تقول ميار: «تم توزيعي في بلد بعيدة عني بنحو 4 ساعات ولا أعرف عنها شيء، وليس لها مواصلات سهلة، كيف أطبق التكليف الإجباري وأمارسه في وسط تلك الظروف، إضافة على إنني زوجة وأم لطفل رضيع، فوجئت بتكليفي إجباريًا في منطقة لا أعلم عنها شيء».

ميار واحدة ضمن الكثير من الأطباء في مصر الذين هاجروا خارج البلاد، إذ يعاني القطاع الصحي في مصر من مشاكل عديدة، تدفع الأطباء إلى تفضيل العمل الخارجي، بعد سنوات من الدراسة في مصر، وربما العمل أيضًا لفترات طويلة، وتختلف الأسباب الخاصة بهم في ذلك المضمار.

وتحاول الدولة جاهدة على الجهة المقابلة تحسين المستويات وحل تلك الأزمات، ومؤخرًا دخل البرلمان على نفس الخط من أجل الحد من هجرة الأطباء من مصر والعمل في الخارج حتى لا يخسر القطاع الصحي مزيدًا من الأفراد.

ويتسق ذلك مع طلب المناقشة الذي قدمه المهندس حازم الجندي عضو مجلس الشيوخ، ومساعد رئيس حزب الوفد للتخطيط الإستراتيجي، بشأن استيضاح سياسات الحكومة بشأن ظاهرة هجرة الأطباء من القطاع الطبي المصري للعمل بدول الخارج.

وقال الجندي، إن مصر شهدت خلال الآونة الأخيرة وتحديدًا السنوات الثلاث الماضية موجة غير مسبوقة من هجرة الكوادر الطبية والأطباء إلى الخارج، ذلك الأمر الذي يطلق تحذيرات متوالية، ومخاوف من تأثيرات هذه الموجات من الهجرة على المنظومة الصحية المصرية ومستوى الخدمات المقدمة للمرضى والتي تعاني في الأساس نقصًا شديدًا في الجودة كمًا وكيفًا.

وأوضح: «هذا الأمر الذي يُعتبر نزيفًا متواصلًا، وإهدارا للطاقات والكوادر البشرية الطبية خاصة بعدما أصبحت بعض الدول مثل ألمانيا، وإنجلترا، وكندا، واستراليا، ونيوزيلندا، وسنغافورة، دولا جاذبة للطبيب المصري، بعدما كانت دول الخليج العربي أكثر جذبًا».


وتوضح ميار أسبابها للهجرة والعمل في الخارج، أنها قدمت أكثر من تظلم إلا أنه لم ينظر فيه بسبب احتياج وزارة الصحة وقتها لكل الأطباء من أجل توزيع على مستشفيات فيروس كورونا، لسد العجز الحالي في المستشفيات.

ترى ميار أنه لا بد أن يكون الطبيب على علم بالبلد التي سيعمل بها، مشيرة إلى أن المتزوجات لديهن حالة خاصة بسبب وجود أطفال، فيكون السفر مشقة عليهم شديدة: «كنت مجبرة على الهجرة للخارج بسبب تلك الظروف».

تدل الأرقام أيضًا على حجم الأزمة، بحسب بيان لنقابة الأطباء في العام الجاري فقد استقال 934 طبيبًا من بداية العام حتى مارس الماضي، فأصبح العدد الإجمالي لنحو 11 ألفًا و536 طبيبًا استقالوا منذ أول 2019 وحتى 20 مارس 2022، كما رصدت النقابة 11500 استقالة لأطباء خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

ويصل معدل الأطباء في مصر 8.6 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، أي أقل من طبيب لكل 500 مواطن، بينما المعدل العالمي 23 طبيبًا لكل 10 آلاف مواطن.

ولم تكن السنوات السابقة أفضل حالًا، فعام 2016 كان عدد المستقيلين من الأطباء 1044 طبيبًا، وفي عام 2017 كان العدد 2549 طبيبًا ، وعام 2018 بلغ عدد الأطباء المستقيلين 2612 طبيبًا. 

في عام 2019 شهد استقالة 3507 طبيبًا، وفي عام 2020 استقال 2968 طبيبًا، أما عام 2021 فكان العدد الأكبر من المستقيلين من العمل الحكومي، وبلغ 4127 طبيبًا.

ويوجد في مصر 228 ألفًا و862 طبيبًا، 93 ألف و536 طبيبًا في العمل الحكومي، بينما يبلغ عدد خريجي كليات الطب نحو 9 آلاف طبيب سنويًا، في حين يعمل أكثر من 60% من الأطباء المصريين خارج البلاد أكثرهم بدول خليجية.

لم يختلف الحال مع رباب.ع، طبيبة تخدير تركت مصر خلال العام 2019 وأصبحت تعمل في إحدى دول الخليج، وذلك بسبب ضعف الرواتب وكذلك تدهور أحوال الأطباء في مصر بحسب وصفها.

ترى أن ضعف الرواتب مقارنة بساعات العمل التي يستمر فيها الأطباء داخل المستشفيات دفعها إلى ذلك، مضيفة: «الإمكانيات داخل المستشفيات كانت في ذلك الوقت متردية، إلى جانب عدم وجود قوانين تحمي الأطباء من بطش أهل المريض».

توضح أن ضعف القوانين كان أحد الأسباب التي دفعتها للسفر: «تخصصي غير مفهوم للجميع وكذلك يعد حرجًا للغاية، والأخطاء فيه واردة لكنها في مصر تسمى إهمال طبي ويحاسب عليها الطبيب فقط».

 

يذكر أنه في فبراير الماضي علق الرئيس عبد الفتاح السيسي على هجرة كثير من الأطباء للخارج، وقال وقتها: «الرواتب التي يحصلون عليها في مصر لا تناسبهم، البعض يترك مصر من أجل فرصة عمل في بلاد أخرى».

ويتسق ذلك مع ميزانية القطاع الصحي، فبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، وصل الإنفاق العام على قطاع الصحة في العام المالي 2021-2022 إلى أكبر معدل له منذ العام المالي 2013-2014 وبلغ 108.8 مليار جنيه، مقارنة بـ93.5 مليار جنيه في موازنة عام 2020-2021، و73.1 مليار جنيه في موازنة عام 2019-2020، و61.8 مليار جنيه في موازنة 2018-2019.