رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ورطة تل أبيب.. ما تداعيات مقتل "شيرين أبوعاقلة" على إسرائيل؟

شيرين أبو عاقلة
شيرين أبو عاقلة

مقتل الصحفية شيرين أبوعاقلة ليس مجرد حادث وقع في مرمى إطلاق النار أثناء اشتباك، الحادث وردود الأفعال جعلته حادثًا ذا تأثير قد يستمر لفترة طويلة من الوقت، وسيبقى عالقًا في الذاكرة الفلسطينية والعربية مع أحداث أخرى سجلها التاريخ. 

حتى الآن ليس مؤكدًا من ضغط على الزناد وأطلق الرصاصة التي قتلت الصحفية، لكن التهمة أُلصقت بإسرائيل، وسيكون لهذا العديد من التداعيات السياسية. نستعرضها في السطور التالية.

ثغرات أمنية

في إسرائيل لم يعترفوا بعد أن الرصاصة التي قتلت "أبوعاقلة" إسرائيلية، فيما تستند إسرائيل على عدة ثغرات أمنية، أولاها على سبيل المثال أن الفلسطينيين سارعوا إلى دفن الجثة بعد الحادثة على الفور من أجل منع تشريحها، وجاء ذلك بعد المطلب الإسرائيلي بإجراء تحقيق مشترك مع السلطة الفلسطينية التي رفضت، وهو ما فتح الباب أمام تكهنات كثيرة، فلماذا ترفض السلطة إجراء تحقيق لتثبت إدانة إسرائيل؟

التصريحات الإسرائيلية حول الحادث، كانت تدور حول احتمالية أن تكون "شيرين" قتلت بنيران فلسطينية، أو قتلت بنيران إسرائيلية عن طريق الخطأ، فيما وعد فيه رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، بإجراء فحص جذري وعبر عن الأسف على موت "أبوعاقلة".

قائد المنطقة الوسطى، الجنرال الإسرائيلي يهودا فوكس، صرح بشكل جريء قائلًا:"أنا كممثل للجيش الإسرائيلي مسئول عن كل ما يحدث في المنطقة. هذه ليست النتيجة التي أردناها. نحن سنفحص من أجل أن نعرف إذا كانت المراسلة قتلت بنار قواتنا بالخطأ".

خلال النتائج الأولية للتحقيقات، تم تعقيد الوضع، فقد تم إخراج رصاصة بقطر 5.56 ملم من جثة أبوعاقلة التي أصابت رأسها وقتلتها. هذه ذخيرة تستخدم في بندقية "إم 16" وهو السلاح المتطور لجنود وحدة دفدفان " الإسرائيلية" التي كانت في الاشتباك، ولكنه موجود أيضًا قيد الاستخدام في أيدي الفلسطينيين، مثلما يظهر في الفيديوهات التي تم تصويرها في ذاك الصباح في جنين.

إسرائيل طلبت أن يتم نقل الرصاصة إليها من أجل القيام بفحصها ومقارنتها بالسلاح الذي يوجد في حوزة الجنود. وقد قيل إن الفحص سيجري بحضور خبراء من السلطة ومن الولايات المتحدة، لكن السلطة رفضت نقل الرصاصة بذريعة أنها لا تريد شراكة مع الاحتلال. 

لاحقًا أظهرت البيانات، أن جنود وحدة المستعربين "دفدفان"، التي جاءت لاعتقال مطلوب من الجهاد الإسلامي، كانوا على بعد 100-150 مترًا عن المكان الذي أطلقت منه النار على "أبوعاقلة"، نيرانهم كان يتم إطلاقها كانت محدودة وموجهة نحو الجنوب، في الوقت الذي كانت فيه أبوعاقلة توجد شمال الجنود. 

جدوى التحقيق

الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي يطالب بضرورة فتح تحقيق، وهو ذاته المطلب الدولي، ومن هنا تظهر أهمية التحقيق، والأهم من ذلك هوية المُحققين، فتحقيق إسرائيلي لا يكفي وحده، وإنما من الضروري أن يتم تشكيل لجنة تحقيق دولية تحظى بثقة الجمهور الفلسطيني والإسرائيلي والمراقبين الدوليين الموجودين في البيت الأبيض وفي عواصم دول عربية وأوروبية.

فإذا وجد التحقيق أن الجنود الإسرائيليين هم الذين أطلقوا النار على "أبوعاقلة"، فمن المنتظر أن تتصرف إسرائيل مثل أي دولة، تعترف بالمسئولية، وتحاسب المخطئ، وتتحمل التعويضات، والأهم من ذلك أن تتخذ خطوات أساسية تمنع، قتل صحفيين وأبرياء عمومًا.

تداعيات سياسية 

أمام عيون العالم لا يمكن لإسرائيل أن تخرج من الحادث منتصرة، بشكل عام فإن العالم يميل للتعاطف مع الضعيف، وكون الضحية صحفية وليس لها أي نشاط سياسي أو انتماء تنظيمي، فإن هذا يعزز التعاطف الدولي مع "أبوعاقلة".

هناك احتمالات أن يؤدي مقتل "شيرين أبوعاقلة" إلى موجة عنف جديدة في الشارع الفلسطيني، وهناك تقديرات ربطت بين الحادث وبين موت الطفل محمد الدرة في سبتمبر 2000. في اليوم الثاني للانتفاضة الثانية، الدرة أطلقت عليه النار وقتل في تبادل لإطلاق النار في مفترق نتساريم في غزة، وكان سببًا في تسخين الانتفاضة، وليس مؤكدًا أن يكون الحادث له ذات التأثير، خاصة مع وجود ضحايا من الصحفيين في أنحاء متفرقة في العالم، لكن يظل احتمال أن تتطور الأمور إذا لم يكن هناك تحقيق مُعلن ونتائج وأدلة واضحة ومحاسبة.