رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف نقتلع جذور الإرهاب؟

يخطئ من يظن أن معركتنا مع الإرهاب تقوم على مواجهة العناصر الإرهابية التى تعتنق صورة إجرامية من التدين الشرير.

فكلما تكرر حادث إرهابى تأكد اليقين أن المعركة ضد الإرهاب لن تنتهى بسهولة، ولن تنتهى بجهود حراس الوطن الأبطال من رجال جيشنا الباسل، ومعهم رجال الشرطة.

وقبل أن نشرع فى التفكير فى كيفية اقتلاع جذور الإرهاب، لا بد من أن نُعزّى أنفسنا وشعبنا وجيشنا فى رجاله الأبطال الذين قضوا نحبهم وهم يدافعون عن مصرنا وممتلكاتها وشعبها من شر هذا التدين الإجرامى التكفيرى البغيض الذى تعانى منه مصر والمنطقة منذ عقود طويلة، ويعانى منه الجنس البشرى كله.

إن هؤلاء الشهداء من الضباط والجنود البواسل ماتوا لنعيش نحن، واستشهدوا لتحيا مصر، وأفشلوا مخططًا دنيئًا لتفجير محطة مياه يستفيد منها كل ذى كبد رطب من إنسان وحيوان، مما يوضح أن التدين الإجرامى الإرهابى لا يبالى بالحياة الإنسانية إلا حياة أهلهم وعشيرتهم الذين يعتنقون نفس الفكر التكفيرى المجرم الشيطانى الكاره لكل مختلف معهم، ويبطنون حقدًا عميقًا ضد الجنس البشرى كله إلا عصابتهم المجرمة.

وقد قال رئيسنا عبدالفتاح السيسى، فى تدوينة له على صفحاته بمواقع التواصل، إن «أبناء مصر من المخلصين يلبون نداء وطنهم بكل الشجاعة والتضحية، مستمرين فى إنكار فريد للذات وإيمان لن يتزعزع بعقيدة صون الوطن».

وأكد أن «تلك العمليات الإرهابية الغادرة لن تنال من عزيمة وإصرار أبناء هذا الوطن وقواته المسلحة فى استكمال اقتلاع جذور الإرهاب».

ولن تُقتلع تلك الجذور إلا بالتجفيف الشامل العميق لمنابع الفكر الدينى الإرهابى، وتطوير المناهج التعليمية التى تؤكد الفكر النقدى الإنسانى، وتطوير الفكر الدينى وأماكن تلقين الفكر الدينى التقليدى، التى تعد أحد منابع الفكر الدينى التكفيرى الإجرامى. 

وبالتوازى مع ذلك، تعميق ونشر العقل النقدى داخل كل منظماتنا التعليمية والثقافية والإعلامية، وبث ثقافة إنسانية تؤمن بوحدة الجنس البشرى، ووحدة مصيره، وضرورة تعايش أبنائه معًا، ويكون الشعار «الأديان لله وأن الأرض والوطن لجميع البشر».

لا بد من وجود إصدار جديد من التدين صديق للجنس البشرى، ومحب للوطن، ويحمل قيمًا إنسانية توافق قيم العصر الحالى، لا قيم العصور الوسطى الغابرة.

لا بد من معرفة أن مواجهة تلك الأفكار التكفيرية ليست مهمة الأجهزة الأمنية فقط التى نُحمّلها ما تنوء بحمله الجبال، وهى أهلٌ لذلك، لكننا علينا أن نعد مشروعًا إنسانيًا كبيرًا تكون مصرنا فيه رائدة، تقوم بدورها العالمى والإقليمى فى تفكيك وفضح أبجديات وأسس الفكر المصدر للتدين الإجرامى، ووضع بدائل دينية وإنسانية وتتضافر فى ذلك الدول الإسلامية وغير الإسلامية.

ولا بد من تعاون الدول العربية فى ذلك، وتبادل الخبرات فى تطوير ومحاربة النكبة التى أحدثتها ما تسمى «الحركات الأصولية الإسلامية» صاحبة الفكر العنصرى العنيف، التى نجحت فى اختراق بنية المجتمع العربى، ولعل تجربة المملكة العربية السعودية مفيدة فى ذلك، ولذلك علينا أن نتعاون مع المملكة وغيرها لعمل مشروع إنسانى شامل تشترك فيه كل هيئات تكوين الوعى وتطويره.

وللأسف، دون هذا المشروع سيظل الإرهاب والفكر الدينى الإجرامى يقتل مزيدًا من البشر والممتلكات العامة والخاصة، ويمحو كذلك صورة الإله الجميل المحب للإنسانية، ويشوه صورة دين العرب بجعله دينًا للعنف والقتل والكراهية والعنصرية.

إن تلك الجماعات المجرمة هى أكبر إزراء وازدراء للدين الإسلامى ورسوله الكريم، وأكثر بشاعة من أقبح رسوم مسيئة.

وفى الأخير، أقول رحم الله شهداءنا البواسل الذين استشهدوا من أجل أن نعيش نحن، ومن أجل يهبوا لنا حياة كريمة، ونرجو لذويهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.