رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاحتفال الحقيقى المثمر بالعمل.. سبب الوجود وأصل الحياة

واجب على كل البلاد أن تحتفل بالعمل وبالعمال على مدار العام كله، وليس فقط فى يوم واحد، أليس العمل هو الذى أوجد الحياة وصنع الحضارات وأبقى على النماء واخترع الأدوات فى كل مجال وفى كل زمان ومكان؟ أليس العمل هو الذى جعل من ماء البحر المالحة قطرات ماء عذبة تروينا؟ وهو الذى أدار محركات السفن والطائرات والسيارات لتنقلنا حيث نريد؟
العمل، صنع أوتار العود والكمان لتعزف لنا عزاءها فى الأحزان ومشاركتها فى الفرح، كما صنع أوتار النول اليدوى لتغزل النسيج وصنع أرغفة الخبز لتبقينا على قيد الحياة، وعندما يفتك بنا الألم الشرس، أليس العمل هو وراء الأقراص الأقراص المسكنة التى تعيد سكينة الجسد وراحة النفس؟
وهى مهمة مضنية محكوم عليها بالفشل مسبقًا أن يحاول أى إنسان الإحاطة بمنجزات العمل وثمرات الكد والكفاح التى قدمتها الطبقة العاملة منذ إشراقات الجنس البشرى، لنقل بكل بساطة حتى نكون أمناء ومحقين وقارئين للتاريخ إن "العمل هو كل شىء.. وأن كل شىء هو العمل".
وعندما كنا نردد "العمل حق واجب شرف حياة"، لم يكن هذا الترديد اعتباطاً أو نوعًا من الشعارات الجوفاء والضحك على عقول العمال وتطييب خاطرهم، بل كان يعكس وعيًا إنسانيًا راقيًا بقيمة العمل ومكانة العامل والعاملة "العمل حق واجب شرف حياة" كانت مقولة نرددها بزهو بصوت عال فى طوابير الصباح فى المدارس ونكتبها على أغلفة الكتب والكراسات وعلى جدران المبانى وعلى زجاج الأتوبيسات وعلى حوائط الشوارع لنثبت قدر العمل فى المجتمع وبين الناس.
كلمات قليلة بسيطة كانت كافية لأن يشعر كل عامل وكل عاملة، أنه فى وطن يشعر له بالامتنان وأن ما يفعله لن يذهب عبثًا أو هدرًا، بل إن ما يفعله هو "ضرورة" للنهوض الاقتصادى والاجتماعى والفكاك من التبعية والعلاقات التجارية العالمية غير المتكافئة التى تفرضها الدول الصناعية الكبرى على الدول البادئة فى النهضة.
وفى مجتمع مثل مصر، حيث الكثافة السكانية التى تعززها الثقافة الدينية التقليدية والأعراف الاجتماعية البالية يصبح العمل والتوسع فيه وخلق مجالات متزايدة هو الحل الوحيد الأمثل لامتصاص الزيادة السكانية وتوجيهها نحو المسار الوطنى المفيد للأفراد وللمجتمع على حد سواء.
إن الأفراد الذين يلدهم المجتمع ويكبرون ولا يجدون عملًا يتناسب مع تعليمهم ومهاراتهم وخبراتهم وأحلامهم وأمنيات آبائهم وأمهاتهم، وينتهى بهم الحال للتسول أو الجلوس على المقاهى يتحرشون بالفتيات والنساء هم خطر داهم، على أنفسهم، هم "خطر"، حيث يقتلهم الإحباط والشعور بعدم  القيمة واللا جدوى وعدم البهجة فى الحياة، فى أغلب الأحيان تصيبهم أمراض نفسية وعضوية خطيرة، حيث أجمل الطاقات الإيجابية معطلة باطلة عن التحقق وكذلك يمتد الأمر إلى الأسرة التى قامت بتضحيات كثيرة من أجل تعليمهم وتربيتهم.
وهم أيضًا خطر على مجتمعهم، فالبطالة أسرع طريق إلى الحقد والغضب والاستفزاز وتوليد الرغبة فى الانتقام بأشكال ودرجات مختلفة، هم لا ينتقمون فقط لأنفسهم، ولكن أيضًا لأم أنكرت راحتها وسعادتها وكرامتها لكى يدخلون المدارس والجامعات، وكذلك لأب كان يحرم نفسه من اللقمة والهدمة ليوفر لهم حياة أفضل.
إذن فالعلاقة وثيقة وعضوية وحميمة وعميقة أكثر مما نتصور بين العمل والنهضة، والسعادة  والصحة النفسية والصحة الجسمية والأمان والاستقلال، والحرية للفرد والمجتمع على حد سواء. 
إن بلدًا مثل الصين، حيث يصل سكانها إلى ما يقرب من 2 مليار نسمة عرفت كيف تستفيد من هذا الكم الضخم وكيف تحوله إلى سلاح للتقدم ينبهر به العالم كله بالعمل ليلًا ونهارًا أعلنت الصين مؤخرًا أن العام الماضى 2021 هو عام خلو البلاد من مواطن واحد فقير واليوم نستمر فى قراءة الأخبار التى تفيد بأن مصر سوف تعمم الإدارات الإلكترونية والميكنة والشباك الواحد لخدمة الشعب المصرى ولتقليل فرص الفساد، كلام جميل ولكن ماذا سنفعل مع الانفجار السكانى الهائل؟ ماذا سنفعل وكل عشرين ثانية يولد طفل؟
ثانيًا، هل خدمة الشعب المصرى تكون بالتوسع فى الميكنة والاستغناء عن أبنائه وبناته فى العمل؟ أم بخلق فرص جديدة ومتزايدة للعمل؟.
ثالثًا: إن القضاء على الفساد الذى ينبع من العنصر البشرى ليس بإلغاء العنصر البشرى ولكن بتوفير فرص عمل أفضل وتحسين الأحوال المادية والمعيشية والبيئية والتشريعية للعنصر البشرى حتى لا يضطر إلى أخذ رشاوى أو عقد صفقات للتحايل على القوانين.
إن القضاء على المرض لا يكون بالقضاء على المريض ولكن  بالتشخيص السليم للمرض والعلاج الآمن غير الجشع، لنأخذ بعض مزايا "الميكنة" فى حدودها التى تفيدنا وتحررنا وتتناسب مع موارد بشرية ضخمة نحولها من نقمة إلى نعمة.
**
من بستان قصائدى.. رجل فقد أعز ما يملك
- توسل إليها باكيًا.. قالت انتهى الأمر
- كنت أختبر أخلاقك.. لن أتزوج رجلًا لعوبًا
- سلمنى نفسه قبل الزواج.. فقد فى لحظة عابرة
- أعز ما يملك.. وهانت عليه سمعة عائلته
- كيف أثق بك.. لأعطيك اسمى
- وتحافظ على شرفى أنت مجرد نزوة ونداء لضبط المزاج