رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العيد فرحة وفكّة.. وهبْد!

بيان عجيب أصدرته وزارة المالية، عن العملات المعدنية، أحدث جدلًا كبيرًا وأنتج هبدًا أكبر. ولعلّك تتذكر أننا كنا قد كتبنا هنا، فى ٣ أبريل الماضى، أى منذ شهر بالتمام والكمال، عن «فكّة رمضان»، وأوضحنا أن تلك العملات، التى كانوا يصنعونها من الذهب والفضة، ويقتصر تداولها على الأثرياء، جار عليها الزمن وباتت توصف اليوم بـ«العملات المساعدة»، أو الفكّة. كما أشرنا إلى أن هناك دعوات، مطالبات أو حملات لإلغائها، تنطلق بين الحين والآخر، فى مختلف دول العالم، بزعم أن عدّها مضيعة للوقت. 

البيان العجيب، نشره الموقع الإلكترونى للوزارة، أمس الأول الأحد، ثم الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء على «فيسبوك»، مصحوبًا بصورة عملة تذكارية للشيخ محمد متولى الشعراوى، وستحتاج إلى عناوين كثيرة وحوالى ٢٥٠ كلمة، قبل أن تصل إلى فقرة تقول: «وإيمانًا بأهمية تنمية الوعى الوطنى، والحفاظ على الهوية المصرية، تزايد اهتمام الدكتور محمد معيط، وزير المالية، بتطوير مصلحة الخزانة العامة وسك العملة، وترسيخ العمل بروح الفريق الواحد بقيادة اللواء حسام خضر، رئيس المصلحة، على نحو يتجلى فى الارتقاء بمستوى الأداء، وتحقيق الجودة الشاملة، وتعزيز القدرات البشرية، والتوسع فى استخدام الحلول التقنية والتكنولوجية، وتوطين الخبرات العالمية المتميزة، وتعميق المكون المحلى».

انتقل الشعراوى إلى رحمة الله فى ١٧ يونيو ١٩٩٨، ومنتصف أكتوبر التالى، قرر مجلس الوزراء إصدار هذه العملة لـ«تكريم وتخليد الشيخ الراحل نظرًا لعطائه المتميز والكبير ومساهمته الفعالة فى نشر تعاليم الدين الإسلامى وإثرائه للمكتبات بالعديد من المؤلفات». ووقتها، نقلت جريدة «الأهرام»، عن الدكتورة فاطمة المهيلى، التى كانت ترأس مصلحة سك العملة، أن إصدار العملات التذكارية يمر بعدة مراحل، تبدأ بأن تتقدم جهة حكومية معتمدة بطلب الاستصدار لتسجيل مناسبة معينة أو تكريم شخصية محددة.

حوالى ٢٤ سنة، إذن، مرت على إصدار تلك العملة التذكارية، ومع ذلك اعتقد البعض أنها جديدة، ورأينا تعليقات كثيرة، على صفحة رئاسة مجلس الوزراء، تدرجت مواقف أصحابها بين الانتقاد الحاد والترحيب البالغ. وربما لهذا السبب، أضاف مسئولو الصفحة لاحقًا، تحديدًا بعد ساعة ونصف الساعة، ٣٥ صورة أخرى، غير أن «الهبد» الخاص بعملة الشيخ الشعراوى، كان قد خرج عن السيطرة وانتقل إلى حسابات وصفحات أخرى!

كتب أحدهم: «آخر ما كنت أتصوره أن يكون فيه عملة للشيخ الذى سجد شكرًا لله على هزيمة بلاده.. ونشر الإرهاب والكراهية بين أبناء شعب مصر، ولا توجد عملة للدكتور زويل ومجدى يعقوب»، وكتب آخر: «أنا اللى شدنى للبوست عملة الشيخ الشعراوى ألف رحمة ونور عليه». وخارج الصفحة، الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء، كتب محمد الخولى: «مجموعة ساكنى زد التجمع وزد الشيخ زايد زعلانين إن الحكومة عملت عملة للإمام الشعراوى.. كمية حقد غير عادية»، وكتب ماجد زكريا: «يعنى الدولة بتقول الجمهورية الجديدة وبتدعو للمواطنة وحرية الاعتقاد والعلم وحقوق الإنسان وتمكين المرأة، قوم نعمل إيه؟ نعمل عملة بصورة شيخ تصريحاته صوت وصورة بتعادى كل ده». كما فوجئنا بتدوينة كتبها مارك مجدى، وقام بمشاركتها، أو بـ«تشييرها»، صديقنا الكاتب والمثقف الموسوعى محمد شمس عبدالشافى، يزعم فيها أننا أمام «فضيحة بكل المقاييس ومحصلتش فى عهد مبارك طوال ٣٠ سنة»!

.. وتبقى الإشارة إلى أنك لو قرأت بيان وزارة المالية العجيب، بقدر من التركيز أو الصبر، ستعرف، أو ستستنتج، أنه صدر لسببين، الأول هو أنه «فى كل عام يكون المصريون على موعد مع إبداع جديد لدرع عيد العمال»، والثانى هو أن المصلحة تقوم فى الأعياد، بزيادة الكميات المطروحة من «الفكّة» بنسبة ٥٠٪، لتلبية احتياجات الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتسهيل عمليات البيع والشراء، وتلافى حدوث أى اختناقات فى مواقف السيارات أو الأسواق. وعليه، وبما أن إجمالى إنتاج «الفكّة» يبلغ ٤٥ مليون جنيه، شهريًا، فإن المطروح كان ينبغى أن يصل إلى ٦٧.٥ مليون جنيه، فى حين قال رئيس مصلحة الخزانة العامة وسك العملة، لموقع «سكاى نيوز عربية» إن الرقم تضاعف ليصل إلى حوالى ٩٠ مليون جنيه!