رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالإكراه.. حكاية 30 جنيهًا تقاضاها الشيخ عبدالعظيم زاهر للقراءة فى أحد المآتم

الشيخ عبد العظيم
الشيخ عبد العظيم زاهر

يعد الشيح عبدالعظيم زاهر من قراء القرآن الكريم البارزين، ظهر في الرعيل الأول للقراء في منتصف القرن العشرين، كان نسيجًا وحده لا يقلد أحدًا، ومن الصعب تقليده، وصوته علامة من علامات شهر رمضان، حفظ القرآن الكريم، ثم انطلق في المآتم وفى الحفلات الدينية، واشتهر بسرعة البرق، وفرض نفسه على دولة التلاوة كواحد من نجومها، ولكن طريقته الخشنة والحادة مع الناس في التعامل والحياة ربما هي السبب في تعثره وعدم وصوله إلى القمة.
ولكن عدم وصوله إلى القمة لا ينفى أنه كان صاحب صوت من أجمل الأصوات التي سمعها الناس في العصر الحديث، وصاحب طريقة في الأداء ليس لها شبيه على طول الزمن.
كان صاحب صوت مقتدر على الأداء الممتاز في جميع المقامات، وكما كان مقتدرًا في طبقة الجواب وجواب الجواب، كان مقتدرًا أيضًا في طبقة القرار، وهي ميزة لم يظفر بها إلا عدد قليل من القراء، وعلى رأسهم الشيخ محمد رفعت، بحسب ما جاء في كتاب "ألحان السماء" للكاتب محمود السعدني.
لم يستطع أحد تقليده ولا يجرؤ على ذلك، ويذكر أن أحد أعيان حى "المدبح" طلبه للقراءة في إحدى الليالي، فطلب ثلاثين جنيهًا أجرًا عن تلك الليلة، وأمهله مدة ساعتين للحضور إليه ودفع المبلغ مقدمًا، واشترط إحضار سيارة لتوصيله إلى المأتم وإعادته إلى البيت آخر الليل، وكان مبلغ الثلاثين جنيهًا في ذلك الوقت مبلغًا جسيمًا، حيث كان فدان الأرض في المنوفية بثلاثين جنيهًا، وحاول أصحاب الليلة الاستعانة بقارئ آخر ولكنهم فشلوا، فاضطروا مكرهين إلى الاستعانة بالشيخ زاهر، ونفذوا جميع شروطه، منحوه المبلغ مقدمًا واصطحبوه معهم في سيارة إلى السرادق، وبعد أن أحيا الليلة، وكان صاحب الحفل سميعًا كبيرًا عاصر مشايخ كبارًا مثل الشيخ أحمد ندا والشيخ محمد القهاوي والشيخ الفيشاوي، وتقدم الرجل السميع وصافح الشيخ زاهر بشدة ونقده بثلاثين جنيهًا أخرى.
وتقدم أحد أبناء الرجل ولفت نظر أبيه بأن الشيخ زاهر قد تقاضى أجره مقدمًا، فقال الرجل بهدوء أعلم ذلك، ولكن الشيخ زاهر يستحق ضعف المبلغ الذي اتفق عليه، إن صوته من نسمات الجنة.
وقرأ الشيخ زاهر أيضًا في سرادق عابدين داخل القصر الملكي في ليالي رمضان المباركة آنذاك، وعندما قرأ في إمارة عجمان أصدرت طابع بريد يحمل صورته، وظل ينافس الكبار حتى توفاه الله.
يشار إلى أن الشيخ عبدالعظيم زاهر، من مواليد فبراير عام 1904 بمركز بنها، محافظة القليوبية، ورحل عن عالمنا في 5 يناير 1971، والتحق بالإذاعة سنة 1936، واختير قارئًا بمسجد محمد على قبل الثورة، وانتقل بعدها لمسجد صلاح الدين.