رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصاد توشكى الخير

 

لأن من جدّ وجد.. ومن زرع حصد.. ومن سار على الدرب وصل، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس الخميس، إشارة بدء موسم حصاد القمح بمشروع توشكى، فى جنوب الوادى بمحافظة أسوان، كما تفقد الصوب الزراعية ومحصول السمسم، ومزارع النخل وغيرها من محاصيل ذلك المشروع، الذى أعادإحياءه، ووجّه فى ٢٣ يوليو ٢٠١٤ بحل كل مشكلاته وتوفير كل المقومات اللازمة لإنجاحه، ثم قام بافتتاح المرحلة الأولى منه فى ٢٦ ديسمبر الماضى، مرجعًا الفضل للدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء الأسبق، وموجهًا الشكر للشركة الوطنية والهيئة الهندسية، ولأكثر من ٩٠ شركة قطاع خاص، عملت فى كل مراحل المشروع.

مع بداية إنشاء السد العالى، بدأ التفكير فى تنمية الأراضى حول منخفض توشكى. وأُجريت العديد من الدراسات عن كيفية الاستفادة من مياه بحيرة السد، بحيرة ناصر، غير أنها ظلت حبيسة الأدراج، ولم تخرج منها إلا فى تسعينيات القرن الماضى، وصولًا إلى إطلاق المشروع فى ٩ يناير ١٩٩٧، مع تصورات طموحة بخلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية، وإضافة نحو ٥٤٠ ألف فدان، قابلة للزيادة، إلى الرقعة الزراعية، يتم ريّها بمياه النيل عبر ترعة الشيخ زايد، مع الإنتاج الحيوانى ومشروعات الصناعات التكميلية التحويلية لتعظيم الفائدة، والتشجيع على إعمار وإسكان وتنمية هذه المنطقة، لتخفيف الضغط البشرى على وادى ودلتا النيل.

مع الريح ذهبت كل تلك التصورات، بسبب الإهمال وسوء الإدارة، مع أن جحم الاستثمارات فى البنية الأساسية بلغ ٥.٩ مليار جنيه منذ بداية المشروع وحتى سنة ٢٠٠٦، وهى السنة التى نشر فيها الموقع الرسمى لمعهد التخطيط القومى دراسة عنوانها «مشروع تنمية جنوب الوادى.. توشكى بين الأهداف والإنجازات»، أوضحت أن شركة المملكة للتنمية الزراعية، التى أسسها رجل الأعمال السعودى الوليد بن طلال، استزرعت ١٪ فقط، أو ألف فدان من إجمالى ١٠٠ ألف تم تخصيصها لتلك الشركة، فى حين قامت شركة جنوب الوادى للتنمية الزراعية، وهى شركة مساهمة مصرية، باستزراع ٧ آلاف فدان، تمثل ٥.٨٪ من المساحة المخصصة لها.

الدراسة أشارت، أيضًا، إلى أن غالبية العمالة لدى الشركتين، كانت تقيم فى معسكرات إيواء، وهو ما يتعارض مع الأهداف المخططة للمشروع، والتى تسعى إلى جذب السكان إلى المنطقة والاستيطان والإقامة المستقرة بها، كما أوضحت أن المشروعات الإنتاجية، الصناعية والسمكية والخدمية، لم يبدأ تنفيذ أى منها وهو ما عرقل كذلك بدء عملية توطين السكان. وعليه، تطلّب إحياء المشروع، حجم أعمال هائل، سواء على المستوى الإنشائى والبنية الأساسية، أو من ناحية الجوانب الفنية وما يتعلق بتوفير مياه الرى ومصادر الطاقة، وكذلك إنشاء المحاور لربط المشروع بشبكة الطرق القومية، وتوفير الموارد المالية لكل تلك العناصر.

لدى الدولة خطة جادة، للنهوض بالزراعة، إجمالًا، وأقامت بالفعل عددًا من المشروعات القومية الضخمة لتحقيقها، من بينها مشروعات الصوب الزراعية، التى تقوم بتنفيذها الشركة الوطنية للزراعات المحمية، التابعة لجهاز الخدمة الوطنية لقواتنا المسلحة، وقام الرئيس بافتتاح عدد منها، فى ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨، وهو المشروع، الذى لا نبالغ لو قلنا إنه خطوة مهمة على طريق تحقيق التنمية الزراعية المستدامة، نظرًا لما تحققه مشروعات الصوب الزراعية، عمومًا، من معدلات كبيرة فى الإنتاج واستغلالها الأمثل لمساحات الأراضى، وتوفيرها للمياه، لاعتمادها على الرى بالتنقيط. وبإضافة الدلتا الجديدة وسيناء ومشروع المليون ونصف المليون فدان، نكون أمام خطة تنمية زراعية شاملة، يمكن الرهان عليها لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ولإنشاء مجتمعات زراعية متكاملة، تدعم الأمن الغذائى، وتزيد الصادرات وتوفر عشرات الآلاف من فرص العمل.

.. وتبقى الإشارة إلى أن أكاديمية البحث العلمى تقوم بالتعاون مع شركة تنمية الريف المصرى ومركز البحوث الزراعية وكليات الزراعة بالجامعات المصرية، بتوجيه مشروعات البحوث والتطوير، للاستفادة من الطاقات العلمية والتكنولوجية فى زيادة إنتاجية المحاصيل المختلفة، وتصنيع مستلزمات استصلاح واستزراع الأراضى، وكذا فى تصنيع المنتجات الزراعية، وحفظ وتبريد وتصدير المحاصيل الزراعية. كما قدم مركز بحوث الصحراء الدراسات اللازمة للمناطق التى شملتها خطة استصلاح واستزراع الأراضى.