رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتب أحمد الأقطش: الدورات الرمضانية كانت حديث الساعة في شوارع بورسعيد (حوار)

الكاتب والشاعر المترجم
الكاتب والشاعر المترجم أحمد الأقطش

عن مسارات الترجمة والشعر العامي والفصيح وذكريات مدينة بورسعيد مع طقوس شهر رمضان المبارك كان اللقاء مع المترجم أحمد الأقطش، الذي يحدث “الدستور” عن علاقته بشقيقه الكاتب الراحل محمد الأقطش وعلاقتهما بالثقافة والآداب، وكذلك طقوس الكتابة والقراءة.. أحمد له من الإصدارات الإبداعية خمسة عناوين كان آخرهم ترجمته لكتاب "برتولد بريخت وحكايات السيد كوينز وقصص أخرى".. عن الكثير من المخبوء عن طقوس الكاتب والمدينة كان هذا الحوار..

-سألت المبدع أحمد الأقطش المولود والمقيم بمدينة بورسعيد.. ماذا عن تلك العوالم الروحية والنفسية التي تحيط بعلاقتك بالشعر والترجمة؟

للنشأة التي نشأتُ عليها أنا وشقيقي محمد رحمه الله أثر كبير في هذا الأمر، فقد كان الوالد حفظه الله هو بوابتنا إلى عشق اللغة العربية وإبداعها الساحر، فهو عالم أزهري واسع الثقافة مارس في شبابه كتابة الشعر والقصة وكان رسامًا وخطاطًا، وكنا ملازمين له منذ نعومة أظفارنا ننهل من علمه الديني وأدبه الرفيع، ومن هنا تشربت أرواحنا حب الثقافة والأدب. وقد ظل معي هذا الوهج متواصلاً حتى بعد دراستي للإنجليزية وخوضي في الترجمة، ولم أجد أي غرابة في ذلك إذ اللغة هي ترجمان الروح فإذا استطعت أن تنقلها من ثقافة إلى أخرى وتكسوها ثيابًا جديدة فقد أسهمت في إمتاع القارئ وإثراء المكتبة العربية.

_ما هي آخر الرؤى والأعمال الإبداعية المنتظرة في شهر رمضان أو بعده؟

أرتب هذه الأيام لتدشين فعالية لديواني الثالث الذي صدر قبل مدة، كما أقوم حاليًا بتجهيز الديوان الجديد ولم أفرغ منه بعد. أيضًا أعمل على ترجمة كتاب مهم لأحد مشاهير المستشرقين لم يترجم من قبل إلى العربية، وهو كتاب في التاريخ القديم وبالأخص الوجود اليهودي في الجزيرة العربية. وهذا الكتاب قد يأخذ مني بعض الوقت لأنه يحتاج من المترجم أن يكون على دراية بهذا الموضوع الخطير ولديه خلفية عن اللغات السامية القديمة.

_ عن تلك الطقوس الرمضانية التي تخص شعب بورسعيد الجميل ومدينة بورسعيد البهية، ما هو الذي يتذكره الشاعر والمترجم أحمد الأقطش من تلك الأجواء؟ وهل لم تزل باقية؟

أدركت في طفولتي الفوانيس المعدنية ذات الشموع وكانت لها بهجة فريدة، وكنا مع رفاق الطفولة نزين العمارة التي نسكنها بزينة رمضان التي نصنعها بأيدينا وعلى رأسها فانوس خشبي ضخم نكسوه بالجلاد الملون ونضع فيه مصابيح كهربائية. أما المساجد في رمضان فلها مذاق خاص، لا سيما في صلاة التراويح التي كانت في الماضي تتخللها بعض الأدعية والذكر الجماعي الجميل. أيضًا الدورات الرمضانية كانت هي حديث الساعة في شوارع بورسعيد ومراكز الشباب والأندية، وكانت المباريات التي نلعبها بعضها قبل الإفطار وبعضها بعد التراويح. أما الآن فقد اختفت أغلب هذه المظاهر، والموجود منها الآن صار يمارس على نطاق ضيق لاختلاف الأجيال وطبيعة العصر.

_ عن تلك الطقوس المرتبطة بشهر رمضان فيما يخص القراءة والكتابة وتحديدًا فيما يخص علاقتها بالمبدع أحمد الأقطش؟

رمضان شهر روحاني بطبعه، لذلك أجدني منجذبًا إلى قراءة القرآن الكريم وسماعه بأصوات عمالقة التلاوة المصرية، وأحب هؤلاء إلى قلبي هو المنشاوي. ولا يكون رمضان رمضان دون أن يصدح النقشبندي بابتهالاته التي تنساب من الأذن إلى أعماق الروح. وهذا الصفاء يحسن من مزاجية القراءة والكتابة عندي في الأدب وغيره، فأنا أقرأ في مجالات متنوعة كالتاريخ والفلسفة واللغويات وعلوم الدين، إلى جانب علم المخطوطات الذي أدرسه الآن في مرحلة الماجستير. أما الأوقات التي أكون متهيئًا فيها للقراءة أو الكتابة فأحيانًا تكون فيما بين الظهر والعصر، لكن في معظم الأحيان تكون الفترة الممتدة من منتصف الليل إلى الفجر.

_ أهم العناوين الإبداعية في الشعر أو الرواية أو صنوف السرد الأخرى التي ارتبطت مع ذائقتك ووعيك بشهر رمضان المبارك؟

جزء من تكويني الثقافي المبكر كان سماعيًّا من الإذاعة المصرية العريقة، وقد ارتبط ذلك أكثر بشهر رمضان فكنت أتابع فيه حلقات ألف ليلة وليلة التي كتبها طاهر أبو فاشا وكان استمتاعي بها يفوق متعة التليفزيون. وبالحديث عن التليفزيون فرمضان في الدراما التليفزيونية ارتبط عندي بمسلسل المال والبنون الذي كتبه محمد جلال عبد القوي، حيث تبدأ الحلقة الأولى منه في أجواء رمضانية صرفة كانت بمثابة المدخل الذي عرفنا من خلاله العلاقات المتشابكة بين الشخصيات والأحداث في تلك المنطقة الشعبية. هذه الأجواء نجدها أيضًا في عالم الرواية بما يتلاءم مع السرد، فقد نسجها نجيب محفوظ نسجًا في خان الخليلي متخذًا من الحرب العالمية الثانية إطارًا زمنيًّا لأحداث روايته، ومحفوظ خير مَن يوظف الأدب في تجسيد ثقافة الناس لا سيما في الأحياء الشعبية.

_كان هناك مشروع لاستكمال تلك العوالم المتبقية فيما يخص الكاتب الراحل محمد الأقطش، ما هو الجديد في هذا الإطار الذي ينبئنا به شقيقه؟

محمد الأقطش حدوتة كبيرة شاء القدر أن يرحل عنا مبكرًا، فمع أنه لم ينشر في حياته إلا كتابين: (نورس وحيد بجناحين من ورق) وهي المجموعة القصصية الفائزة في المسابقة المركزية بقصور الثقافة، و(بورسعيد بيروت أبجدية البحر والحرب) في أدب المدن، فلا يزال كثير من إبداعه غير منشور. بعض هذه الأعمال كان قد جمعها قبل وفاته، وهي ديوان بالعامية المصرية، وديوان نثري بالفصحى. وبعضها عبارة عن نصوص متناثرة استطعت أن أجمعها وأقوم بتنظيمها على هيئة كتاب، وهي مجموعة قصص غير منشورة وتشتمل على كتاباته الأخيرة في غرفة المستشفى، ومجموعة قصائد تفعيلية بالفصحى، ومجموعة من النصوص والمقالات المتنوعة. وهذا الإرث الإبداعي لا أريد له أن يخرج متفرقًا متناثرًا مبعثرًا بين دور النشر، بل أريد أن يخرج وحدة واحدة باعتباره يمثل الأعمال الكاملة لأديب يمثل محطة هامة في مسيرة السرد لجيل كامل من الشباب في بورسعيد خاصة ومصر عامة.