رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عرفن بصوت رخيم رنان.. قصة أقدم 3 مغنيات في القرن التاسع عشر

عرفن بصوت رخيم رنان
عرفن بصوت رخيم رنان

أسماء كثيرة لمعت في سماء الغناء خلال حقبة أسرة محمد علي وقبلها بفترة، ولكن ربما لا يعرف عنها الكثير شيئًا، فكان لها دور كبير في إسعاد الناس وخلد التاريخ ذكراهم، ومن بين هؤلاء المغنيات التي لا يعرف عنهن الكثير شيئًا ساكنة بك منا لقبها الأتراك والست ألمظ وقبلها عزة التي غنت لشعر حسان بن ثابت.

«الدستور» يرصد خلال التقرير التالي أشهر وأقدم 3 مغنيات في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.

تربعت على عرش الغناء في القرن التاسع عشر فنانتان فقط، شهدت فترتهما صراعًا فنيًا كبيرًا، كل منهما تحاول أن تحافظ على مكانتها، وتظل متربعة على قلوب الجماهير، ساكنة بك وألمظ، ولكن سبقتهما أقدم مغنية ربما لم يذكر التاريخ عنها شيئًا، ولم تعرفها الأجيال وهي: عزة الميلاء.

عزة الميلاء

عزة الميلاء، هي أقدم من غنى الغناء الموقع من نساء الحجاز، وكانت موصوفة بجمال وجهها وقدها، ولقبت بالميلاء لتمايلها في مشيتها، وكانت من جواري الأنصار، وكانت دارها مجمعًا لأهل الأدب والظرف في زمانها، ويروى أن عمر بن أبي ربيعة زارها يومًا بصحبة عبدالله بن جعفر وابن عتيق، فغنتهم صوتًا من شعر عمر، ولما فرغت قال عمر: "لقد سمعت والله ما يذهب العقل"، وكان الشاعر حسان بن ثابت معجبًا بصوت عزة، ويضعها في طليقة القيان في المدينة، وطالما غنت عزة من شعر حسان بن ثابت، وذلك بحسب ما جاء في كتاب «القاهرة وما فيها من حكايات» للكاتب سعيد مكاوي.

ساكنة بك

بينما تعد «ساكنة» من أقدم المغنيات «العوالم» عهدًا، فهي أول مطربة ظهرت في عهد الخديو عباس حلمي الأول، أحد حكام الأسرة العلوية التابعة اسميًا للدولة العثمانية، الذي حكم مصر بين عامي 1848 حتى عام 1854، وكان آنذاك في مدينة جدة عندما توفى عمه والى مصر «إبراهيم باشا» فاستدعى إلى مصر ليتولى حكمها طبقًا لنظام الوراثة القديم، الذي يجعل ولاية الحكم للأرشد من نسل محمد على باشا، وكان يميل للعزلة وسيئ الظن بالناس ومحبًا للقسوة، ويعتبر بعض المؤرخين عهده عهد رجعية وارتداد، وذلك بحسب ما جاء في كتاب «القاهرة وما فيها من حكايات» للكاتب سعيد مكاوي.

وعندما انتهى عهد الخديوي عباس حلمي الأول باغتياله في قصره ببنها، أما «ساكنة» فقد بزغ نجم سعدها في سماء الغناء في عهده وزاد ضياءً في عهد خليفته سعيد باشا، والى مصر، وكانت متصفة بحسن الصوت الذي ترسله بدون عناء، وقد أعجب بها الترك المقيمون في مصر آنذاك، ولقبها العامة بلقب بك، وكان لها مزاح يضحك الحزين ويفرح القلب العابد، وكانت تتمتع بخفة الظل، وسرعة البديهة، وكان المزاح في ليالي الفرح عادة مألوفة في مصر حتى بعهد «عبده الحامولي» الذي كان يحتم على صاحب العرس أن يستحضر مضحكين ينزلان إلى ميدان المضاحكة بين كل غناء وأخرى تخلصا الملل في أثناء انتظار تصليح الآلات وطلبًا للروح، واستمرت ساكنة على قمة الغناء في عصرها حتى أن ظهر في أفق مصر هلال "ألمظ".

وساكنة بك كانت من مواليد عام 1801، ورحلت عن عالمنا عام 1890 في القرن التاسع عشر، ونزحت للقاهرة في سن مبكرة، وعملت في حي الأزبكية مغنية وكان لها شهرة كبيرة ولمع اسمها آنذاك.

 

الست ألمظ 

وأما ألمظ التي خطفت قلب عبده الحامولي، وأصبحت قصة حبهما من أشهر قصص الحب في القرن التاسع عشر، فقد ظهرت في نهاية عصر ساكنة بك، وبدأت تعمل معها في فرقتها، إلا أنه قد حدثت خلافات بينهما بسبب ألمظ التي بدأ الجمهور يلتف حولها ويبعد شيئًا فشيئًا عن ساكنة.

وتعد ألمظ من المغنيات التي عرفن بصوتهن العذب، واسمها الحقيقي سكينة، والفني ألمظ، فكان لها صوت رنان رخيم، وجاذبية لا تقاوم، واختلفت الأقوال حول عمل والدها فقيل إنه يعمل بنَّاء، لأنها كانت تحمل قارب المونة على رأسها لتقدمه للبنائين وهي تغنى في مقدمة زمرة الفتيات العاملات معها، ومنهم من قال بأنه صباغ.

وكانت ألمظ قمحية اللون واسعة العينين كثيفة الحاجبين، كان لها من عذوبة المنطق وجمال العقل والقلب مما جعلها تخلق لنفسها موضعًا ومكانة في النفوس آنذاك، وعندما تزوجت من عبده الحامولي بعد قصة حب شهيرة منعها من الغناء تمامًا، وكانت الزوجة الثانية له.

وماتت ألمظ بعد فترة ولم تعقب نسلًا بل تركت لزوجها الحسرة على فقدها، كما تركت له مجموعة من الجواهر الثمينة والأموال.