رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مسجد|السيدة نفيسة.. حاول زوجها دفنها بالبقيع فأمره النبي تركها بمصر

السيدة نفيسة
السيدة نفيسة

مقامها بين مقامات آل البيت له مكانة مميزة، ويقع مسجدها ومقامها في ميدان يحمل اسمها، وفي الروايات عنها يقال أن المصريون توسلوا إلى الوالي ليطلب من زوجها تركها تدفن بينهم وألا يأخذها للبقيع، واستجاب لهم ودفنت السيدة نفيسة في ضريحها المعروف بمسجد "السيدة نفيسة".

في القاهرة القديمة، وعلى مقربة من أهم المناطق الحيوية بها، يقع طريق آل البيت، أو شارع الأشراف، والذي يبدأ بمقام زين العابدين ويحتوي بداخله "رأس" زيد بن على زين العابدين، يليه مقام ومسجد السيدة نفيسة العلم.

هى السيدة نفيسة العالية القدر بنت الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن على بن أبى طالب، وأمها هي زينب بنت الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، من نسل الرسول صلى  الله عليه وسلم، ولدت بمكة عام 145 هجرية، وهي في الخامسة من عمرها انتقلت مع أبوها الإمام الحسن الأنور إلى المدينة المنورة، وهناك تعلمت علوم الحديث والفقه، وكانت دائمة الذهاب إلى المسجد النبوي والاستماع إلى الشيوخ والعلماء، فأطلق عليها لقب "نفيسة العلم"، قبل أن تصل لسن الزواج.

وروي عن زواجها قصة شهيرة، أن معظم شباب آل البيت تقدموا لأبيها الإمام الحسن طالبين خطبتها، فما كان أبيها يوافق على أحدهم، حتى تقدم لخبطتها إسحق بن جعفر الصادق، والذي كان يلقب بـ"المؤتمن" لكثرة أمانته وقوة إيمانه، وتقدم إسحق لخطبة السيدة نفيسة، مصطحبًا كبار آل البيت، وامتنع الحسن الأنور عن الرد، فذهب إسحق إلى المسجد النبوي وأخذ يصلى داعيًا الله عز وجل مستفيثًا بجده المصطفى (ص)، ليطلب منه عمه الحسن الأنور في اليوم التالي المجيء إلى منزله، وأخبره أن الرسول (ص)، وقاله له أن يزوجه نفيسة وتم زواجهما في عام 161 هجرية، وأنجبت منه "القاسم وأم كلثوم".

وجاءت السيدة نفيسة إلى مصر بصحبة زوجها وأبيها وأبنائها، في 193 هجرية، لزيارة آل البيت الموجودين في مصر عقب زيارة بيت المقدس، ولما علم المصريون استقبلوها في مدينة العريش ثم صحبوها إلى القاهرة، وأعطاها والي مصر في ذلك الوقت "عبدالله بن السري بن الحكم" داره الكبرى في  منطقة درب السبع في ذلك الوقت، وقيل أنها حفرت قبرها بنفسها في ذلك المنزل، وكانت تنزل فيه وتصلي، وتوفت في شهر رمضان عام 208 هجرية، وقرر زوجها أن يحملها إلى المدينة لكي يدفنها بالبقيع، لكن أهل مصر استجاروا بالوالي عنده ليرده عن ذلك فرفض، رغم ما جمعه المصريون من نقود طالبين منه أن يأخذها ويترك السيدة نفيسة تدفن بينهم، حتى وافق في صباح اليوم التالي بعدما أخبر المصريين أن الرسول صلى  الله عليه وسلم قال له في المنام:"رد على الناس أموالهم وأدفنها عندهم".

وذكر المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأثار"، أن أول من بنى قبر السيدة نفيسة هو والي مصر عبد الله بن السري، في عهد الدولة العباسية، وأعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية وأضيف له قبة وذلك في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، في عام 482 هـ.

ثم أمر الناصر محمد بن قلاوون بإنشاء مسجد بجوار الضريح عام 714هجرية، وأمر بتجديد المسجد والضريح معًا، وظل المسجد والضريح على حالتهم حتى عام 1173 فقد نشب حريق بالمسجد وأتلف قسم كبير منه.

وأمر الخديو عباس حلمي الثاني بإعادة بنائه في 1314 هجرية/1897 ميلادية، ليحتفظ المسجد بطابعه الأثري منذ ذلك التاريخ، حيث تعلوه منارة تم بنائها على الطراز المملوكي، ويتوسط جدار القبلة محراب مكسو بالقاشاني الملون، وعلى يمين المحراب باب يؤدي إلى ردهة مسقوفة بوسط سقفها شخشيخة حليت بنقوش عربية، وهي الردهة الموصلة إلى ضريح السيدة نفيسة المقام فوقه مقصورة نحاسية.