رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السبحة» حبات التقرب إلى الله عابرة للتاريخ والأديان

سبحه حبات للتقرب
سبحه حبات للتقرب إلي الله

السبحة أحد أبرز ظواهر التمظهر الديني قديما وحديثا، جاءت مع ظهور البوذية وانتشرت عبر الدين الإبراهيمي، وتسربت إلى البلدان والأديان وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من المظهر الديني لغالبية الأفراد المتدينين في كل الأديان الأرضية والسماوية عن بداياتها وتطورها وعن أول ذكر لها في التاريخ الإسلامي.

سبحة البوذيون 

عبر كتابه "السبحة تاريخها حكمها" يقول بكر بن عبد الله أبوزيد: نالت حظا وافرا من بيان حكمها، وأحوالها لدى العلماء: فقهاء ومحدثين، ولسانيين، ومؤرخين، في كتب الفقة والفتاوي والشروح الحديثية، وكتب اللسان والتاريخ، حتى بالتأليف وبلغت نحو أثنى عشر كتابا، لعل أولها كان للسيوطي وتحت عنوان "المنحة في السبحة"، وألف الشيخ عبد اللكنوي كتابه "نزه الفكر في سبحة الذكر". 

يشير أغلب المؤرخين إلى أن أول من استخدم المسبحة في صلواتهم هم البوذيون والهندوس، وبأت أول أشكال الصلاة بالمسبحة في النصرانية في العصور الوسطى، ولأنها انتشرت ققط في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. 

وفي كتاب "مساهمة الهندي" لأبى النصر أحمد الحسيني، يشير إلى أن اختراع الذكر بالسبحة يرجع إلى الهنود وتحديدا أصحاب الدين البرهيمي فيها ومنها تسرب إلى بلاد وأديان أخرى.

وتختلف فرق الدين البراهمي في عدد حباتها وترتيبها، ففرقة شيوائتية تعين فيه 84 حبة لا تزيد عليها طبقا لحساب النجوم لديها فإن العجج 48 لديها هو حاصل ضرب عدد الأبراج 12 في عدد النجوم 9، وهو عدد زائد عما قررته الفرقة شيوائية، لأنه روعيت فيه أحوال القمر الثلاثة: الاستهلال، والاستواء، والاستمرار.

 

سبحة المسيحيين 

يقول بكر بن عبد الله أبوزيد إن السبحة دخيلة عل كل دين من عند الله، وأنها في الأديان المختلفة معروفة منذ عصور ما قبل التاريخ، وقيل: منذ عام 800 م، إنها من وسائل التعبد لدى البوذيين، ثم لدى البراهمة في الهند، وغيرها، ومنهم تسربت إلى النصارى، لدى القسيسين والرهبان ـ ومن الهند انتقلت إلى غرب آسيا.

تتكون المسبحة التى يستعملها الكاثوليك من خمسين حبة صغيرة، مقسمة على أربع حبات كبيرة، إلى أقسام متساوية، يتدلى من المسبحة قلادة مكونة من حبتين كبيرتين، وثلاث حبات صغيرة، وصليب، ويرتل المصلون صلوات الرب على الحبات الكبيرة، كما يستعملون الحبات الصغيرة في صلوات مريم العذراء، ويسمون هذه الصلوات بالسلام المريمي، وفي آخر كل مقطع من السلام المريمي يتم ترتيل مقطع صغير في الثناء على الرب، وترتيل قانون الإيمان على الصليب، وأثناء ترتيب المصلين للصلوت يوقع أن تنكشف لهم أسرار الإيمان.

يذهب بكر بن عبد الله أبوزيد إلى أن السبحة تصنع من عدة أنواع منها الطين والحصى، النوى، المعدن، العاج، الزجاج، الذهب، الفضة، الخزف، العنبر، وأنواع الطيب الأخرى، الأحجار الثمينة، الألماس، أو تطلى بالذهب، أو بالفضة، أو تتخذ من عظام بعض الحيوانات، مثل "عظم سن الفيل" ومن نوى بعض الفواكه، مثل المشمش، والخوخ ومن ثم هي مختلفة الألوان فيكون خرزها، أسود أو  أحمر أو أبيض، وهكذا.

يشير كتاب السبحة تاريخها وحكمها "إلى أن أول وأقدم ذكر للسبحة في التاريخ الإسلامي جاء على لسان الخليفة الأمين العباسي قال "أنا يا ابن الربيع ألزمتنى النسك وعودتنيه والخير عادة فارعوي باطلي وأقصر حبلى، وتبدلت عفة وزهادة المسابيح في ذراعي والمصحف في لبتي مكان القلادة.

سبح المتصوفة 

وكانت تزين يد سيد الصوفية أبى القاسم الجنيد بن محمد وكان يقول "عنها طريق به وصلت إلى ربي لا أفارقه، وعندما قيل للحسن البصري يا أستاذ مع عظيم شأنك وعبادتك إلى الآن أنت مع السبحة، فقال لي "هذا شيء قد استعملناه في البدايات ما كنا لنتركه في النهايات، أنا أحب أن أذكر الله بقلبي ولساني ويدي".

وأشارت الكاتبة الصحفية هدى عبد الستار عبر مقال لها بصحيفة الأهرام "أشهر الحكايات التى تتوارد عن السبحة فى هذا السياق، حكاية سبحة القطب الصوفى العارف بالله السيد البدوى، المحفوظة بمسجده والتى أحاطت بها العديد من الخرافات، ويحرص المريدون على الذهاب للضريح للتبرك بها. 

ويذكر حسين الطيب فى كتابه «أسرار آل البيت»، أن البدوى صنع مسبحته من خشب العود والصندل الذى كان موجودا على جبل أبى قبيس، الذى كان يتعبدفيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبها 1999 حبة مختلفة فى الحجم والشكل، وعلى كل حبة اسم من أسماء الله الحسنى، ولم يكرر الاسم على حبة أخرى، مما جعل مسبحته أطول سبحة فى تاريخ الإسلام، حيث قارب طولها التسعة أمتار، فكانت تتدلى من أعلى سطح المسجد، وهو يسبح عليها طوال الليل والنهار.