رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مسجد «السيدة سكينة».. أول الداخلين إلى مصر من «بيت النبوة»

مسجد السيدة سكينة
مسجد السيدة سكينة

تعد منطقة الأشراف بحي الخليفة بالقاهرة واحدة من أهم المناطق التاريخية في مصر، فقد تشرفت مصر بأن احتضنت العديد من آل البيت عقب خروجهم من الشام بعد معركة كربلاء، ومن بين نساء آل البيت، تأتي صاحبة المكانة الخاصة في قلوب أهل مصر، ليحمل مسجدها مكانة خاصة أيضًا، وهو مسجد "السيدة سكينة".

العديد من الألقاب أطلقت على السيدة "آمنة" بنت الحسين، والتي سميت بهذا الاسم تيمنًا لجدتها أم الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن أمها أطلقت عليها سكينة لما عرف عنها بالهدوء والسكينة، كما أطلق عليها المصريون زهرة الروضة المحمدية، لفرط محبة المصريين لآل البيت، أمها هي السيدة رباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس سيد بني كليب، ولدت في العام 47 هجرية، وفيما روي عنها أنها كانت في شدة الأناقة وجمال الخلق، وقد عاصرت السيدة سكينة أحداث كربلاء ومقتل أبيها الإمام الحسين، وعرف عنها أنها اهتمت بعده بتعليم المسلمين الفقه واللغة والأدب فقد كانت شديدة الاهتمام بتلك العلوم، وقد تزوجت مصعب بن الزبير بن العوام، وأنجبت منه بنت سمتها باسم جدتها "بضعة النبي" فاطمة الزهراء، وبعد مقتله تزوجت عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم ، فولدت له عثمان، وبلغت من العمر 70عامًا وتوفيت في عام 117 هجرية.

ومثلها مثل العديد من آل البيت تضاربت الروايات حول مكان وفاتها، في ظل محاولات مجهولة المصدر للتشكيك بوجود كل هذا العدد من أضرحة آل البيت في مصر، إلا أن الإمام عبد الوهاب الشعراني، وهو أحد أهم أقطاب الصوفية  في أحد كتبه "أن السيدة سكينة مدفونة في مصر، بالقرب من السيدة نفيسة، أما الحسن بن زولاق، رائد المؤرخين المصريين في العصور الوسطى، فقد ذكر أن أول من دخل مصر من ولد على، سكينة بنت الحسين، والتي حملت إلى الأصبع بن عبد العزيز بن مروان ليدخل بها لكنه مات قبل أن يراها فخرجت إلى المدينة المنورة، لتعود إلى مصر مرة أخرى مع عمتها السيدة زينب، وعقب وفاتها دفنت في بيتها الذي تحول إلى مقام ومسجد صغير.

وقد أنشأ ضريحها وقام بتوسعته المأمون البطائحي وزير الأمر بالله الفاطمي، وبني عليه قبة لتضيف إلى المكان جمال معماري وتوسعة للزائرين، ثم ألحق بالضريح مسجد أقامه الأمير المملوكي عبد الرحمن كتخدا عام 1760 ميلادية، في عهد على بك الكبير، خلال فترة الحكم العثماني لمصر، ووضع على الضريح مقصورة من النحاس، ثم أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بتجديد المسجد والضريح في عام 1322 هجرية /1905 ميلادية في الأعوام الأخيرة لحكمه، وأصبح للمسجد ثلاث أبواب و ميضأة، ويشتمل على 6 أعمدة من الرخام ومنبر من الخشب النقي، والضريح عليه تابوت من الخشب داخل مقصورة كبيرة من النحاس الأصفر متقن الصنع، ويدخل المسجد ضمن خطة الدولة في تطوير مزارات آل البيت.

ونسب إلى السيدة سكينة أنها رثت والدها الإمام الحسين بقصيدة شعر بعد استشهاده وقالت في جزء منها: "إن الذي كان نورًا يستضاء به.. بكربلاء قتيل غير مدفون.. سبط النبي جزاك الله صالحة.. عنا وجنبت خسران الموازين.. قد كنت لي جبلًا صعبًا ألوذ به.. وكنت تصحبنا بالرحم والدين.. من لليتامى ومن للسائلين ومن يغني وياوي إليه كل مسكين.. والله لا أبتغي صهرُا بصهركم.. حتى أغيب بين الرمل والطين".