رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الناقد المغربى فؤاد زويريق: «جزيرة غمام» من أجمل الأعمال الدرامية العربية

مسلسل جزيرة غمام
مسلسل جزيرة غمام

أشاد الناقد المغربي فؤاد زويريق بمسلسل "جزيرة غمام"، وقال في منشور له عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: مسلسل جزيرة غمام من أجمل الأعمال الدرامية العربية لهذا الموسم، عمل متكامل ينطلق من الخيال ليصب في الواقع، اتخذ من الواقع بِصَدَماته الدينية والاجتماعية والسياسية.

 

 وأرجع ذلك لتفكيك المجتمع وتشريحه بأسلوب فني وفكري يزخر بجمالية الشكل والمحتوى معا، مشيراً إلى أن جمال الصورة هنا يوازي عُمق الفكرة وفلسفتها المراد توصيلها للمُتلقي، فبينما نجد الكثير من الأعمال تجعل من الصورة الركيزة الأساسية لجذب الجمهور على حساب المحتوى، نكتشف في هذا العمل أن الاهتمام بالصورة والكادرات يدخل في صميم الخطاب الفلسفي للعمل، وأقول الفلسفي لأن هناك فعلا فلسفة تتخلل مضامينه الدرامية، وهذا ليس غريبا عن المؤلف والمبدع عبد الرحيم كمال الذي رسم خيوط هذا العمل بإتقان، كما نسج لنا من قبل العديد من الأعمال الدرامية الرائعة كشيخ العرب همام، وأهو ده اللي صار، والخواجة عبد القادر، وونوس.

 

وتابع “زويريق”: أحداث هذا العمل تدور في جزيرة صغيرة منعزلة تمثل مجتمعا متكاملا تتنوع شخوصه كأي مجتمع آخر وتختلف باختلاف طبقاتها الاجتماعية والثقافية... فيحتد الصراع فجأة بعد رحيل الشيخ الطيب ''مدين'' بين الخير والشر، ذاك الشر الذي لم تكن تعرفه الجزيرة من قبل، إلا بدخول ''خلدون'' الجزيرة، وهي الشخصية الذي رأيت فيها فكرة الشيطان التي جسدها الكبير يحيى الفخراني من قبل في مسلسل ونوس، وربما هي فعلا مستقاة منه (مع الفارق طبعا) عن سبق إصرار وترصد مادام مؤلف المسلسلين معا هو نفسه، فخلدون هنا يمثل ''الشيطان'' الذي أدخل كل أنواع اللهو المحرم الى مجتمع لازال بكرا وطاهرا، فبدأ يوسوس لسكان الجزيرة ويدفعهم اليه، ولا يوازيه في الشر سوى التطرف الديني الذي بدأت نزعته تتبلور شيئا فشيئا (إلى حدود الحلقات التي توقفت عندها) عند شيخ الجزيرة ''محارب'' الذي يؤديه باقتدار المبدع فتحي عبدالوهاب، شخصية خلدون/الشيطان، وبحكم مهمته هي شخصية مركبة حربائية يجسدها الفنان طارق لطفي إلى حد الآن بقوة وإقناع، أما الفنان الجميل والكبير رياض الخولي الذي يؤدي دور كبير الجزيرة، فهو كما العادة قادر على مناوشة مخيلتنا نحن الجمهور بقوة أدائه وتعمقه في الشخصية، الفنان أحمد أمين إلى حد اللحظة مقنع في تشخيصه وخصوصا في مشاهده مع الأطفال وهذا ليس غريبا عنه مادامت له صلة بعالمهم من خلال تأليفه للرسوم المتحركة، وبالمناسبة فأطفال هذا المسلسل أبانوا عن قدرة الصغار على منافسة الكبار إبداعيا، فأغلبهم يؤدون أدوارهم بثقة دون خوف ورهبة من الكاميرا، أما الممثل القدير محمود البزاوي فحضوره كما دائما يعطي للعمل نكهة خاصة وهو هنا يؤدي دور ''بطلان'' المقرب من السلطة أي من كبير الجزيرة، وبه يكتمل ثالوث الشر.

 

وشدد “زويريق” علي: البناء الدرامي في المسلسل يتحرك بايقاع بطيء نوعا ما كأغلب المسلسلات، لكن هناك تشويق وحبكة متماسكة، التصوير ممتع للغاية بكادرات سينمائية أكثر منها تلفزيونية، ذكرتني كثيرا بمسلسل “الفتوة” حيث أن مدير التصوير فيهما معا هو إسلام عبد السميع، والمخرج فيهما معا أيضا هو الفنان حسين المنباوي، أما المبدع الكبير علي الحجار فأمتعنا كالعادة بأغنية التتر وذكرنا بزمن الملاحم الدرامية الجميلة، العمل يستحق المشاهدة خصوصا في هذا الموسم الذي كثر فيه الكم على حساب الكيف.

 

منشور الناقد المغربي فؤاد زويريق
منشور الناقد المغربي فؤاد زويريق