رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذكرى العاشر من رمضان.. دور المؤسسات الدينية في انتصارات حرب أكتوبر

البابا شنودة ف حرب
البابا شنودة ف حرب أكتوبر

فى ذكرى العاشر من رمضان، يحتفل المصريون بنصر حرب أكتوبر المجيد، ويُسلط الضوء في هذا اليوم على المحاربين الذين ضحوا بأرواحهم فداءًا للوطن، وكان للجهات الدينية أيضًا دورًا رئيسيًا في إلقاء الخطب الحماسية، بهدف تشجيع الجنود على الجهاد في سبيل الله.

ترصد "الدستور" في السطور التالية، الدور الوطني لمؤسسة الأزهر الشريف خلال فترة حرب أكتوبر 1973، والذي شهد غرس التهيئة النفسية والمعنوية داخل نفوس الجنود قبل خوضهم للحرب، وإطلاق فتاوى من قبل بعض الدعاة للجنود، كان من ضمنهم استحباب الأخذ برخصة الفطر، حتى تكون عونًا لهم في تحقيق الانتصار على العدو الإسرائيلي.
 

شيوخ الحرب
كان قد وثق الشيخ أحمد ربيع الأزهري، الباحث فى التاريخ والمنهج الأزهري، مشاهدة عدة لدور الأزهر في استعدادات حرب أكتوبر، من خلال دراسة نشرها بعنوان "دور الأزهر فى تحقيق نصر أكتوبر المجيد.. قراءة فى فقه التهيئة النفسية والمعنوية للجنود".

وأشارت الدراسة إلى اهتمام الإمام الأكبر حسن المأمون بزيارة الجبهة عام 1968، بهدف عقد ندوات للجنود بالوحدات العسكرية، ووجه حينها النداء إلى الحكام العرب والمسلمين، مطالبهم باستخدام سلاح البترول، قائلًا: "أيها المسلمون إن مصر لا تحارب إسرائيل وحدها، إنها تكافح العدوان الموتور، الممثل فى أمريكا وبريطانيا".

في 17 سبتمبر 1969، تولى الشيخ الفحام مشيخة الأزهر، وفى عام 1972 قام بزيارة الجبهة لرفع الروح المعنوية للجنود والضباط. حتى طلب ترك المشيخة في مارس 1973، ليتولى من بعده الشيخ عبد الحليم محمود، وهو من أكثر علماء الأزهر إسهاما فى التهيئة المعنوية لجنود حرب أكتوبر.

الشيخ عبد الحليم محمود


وفي الفترة التي تولى فيها المشيخة، كان يعمل على إسهام الأزهريين فى معركة العاشر من رمضان، معتمدًا على أساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة، وكان هناك أيضًا أدوار أخرى لمشايخ وعلماء آخرين، مثل الشيخ الشعراوى، والشيخ محمد أبو زهرة.

الأزهر كان حاضرًا بقوة في الحرب

قال الدكتور أسامة الأزهرى، العالم الأزهري، إن حرب أكتوبر المجيدة شهدت نزول علماء الأزهر لساحات القتال برفقة الجنود، وكان لمؤسسة الأزهر الشريف دورًا كبيرًا في النصر، بدءًا من العمل على تثبيت المعنويات لدى الجنود في وقت الأزمات، ومرافقتهم في أماكن التحصين والثكنات العسكرية، وصولًا إلى الخطوط الأولى من المعركة.

 وأكد العالم الأزهري، أن هناك العديد من علماء الأزهر الذين حملوا السلاح، وتكاتفوا بجانب جنود القوات المسلحة، ليثبتوا أمام الجميع أن الشعب بأكمله يدًا واحدة، هدفهم الحفاظ على تراب الوطن، وتحقيق النصر لاستعادة كرامة البلاد مرة أخرى.
 

وأعرب أيضًا عن نصر أكتوبر العظيم، الذي يُعد ملحمة بكل معاني الكلمة، سطرها رجال الجيش المصري البواسل، حين نجحوا في اقتحام خط بارليف، وحطموا الأسطورة المزيفة التي كان يدعيها العدو الصهيوني بأنه الجيش الذي لا يقهر.
 

وأكد "الأزهري" أن شيوخ الأزهر الشريف كتبوا تاريخًا مشرفًا في عمليات التأهيل النفسي للجنود خلال فترة الحرب، وكان من ضمنهم الشيخ حسن المأمون، والشيخ محمد الفحام، والشيخ الشعراوي، جميعهم شاركوا في تحقيق النصر المجيد في اليوم العاشر من رمضان.


خطابات البابا شنودة 
 الكنائس المصرية أيضًا كان لها دورًا كبيرًا في نصر أكتوبر المجيد، حين بعثت رسائل قداسة البابا شنودة الثالث، الروح الوطنية للشعب المصري، والجنود في الحرب، فضلًا عن تطوع الراهبات في المعارك لعلاج جرحى الحرب.

كان قد بعث قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رسائل عدة إلى الجنود على الجبهة، يطمئنهم أن إسرائيل ليست شعب الله المختار، وأنه ليس هناك حل لاسترداد الأرض إلا بالقوة، مستدلًا على الكتاب المقدس (إن الملك لا يحمل السيف عبثا).
 

وفي 10 أبريل 1972، قام البابا شنودة بزيارة الجنود على الجبهة أكثر من مرة، وألقى كلمة على الجنود: "أحييكم كواحد منكم، فقد تخرجت فى مدرسة المشاة للضباط الاحتياط سنة 1947، وأمضيت المدّة العسكرية متطوعا، فلم اضطر للدخول وإنما تقدّمت برغبتى متطوعا، لأن العسكرية تعلّم النظام والشجاعة، نحن هذه الأيام نخوض معركة بيننا وبين اليهود، فهم عدونا المشترك، وهم أعداء المسيحية والإسلام، فالمسيحيون والمسلمون يؤمنون أن المسيح قد جاء، أما اليهود فلا يؤمنون، وإنما ينتظرونه من نوع شمشون الجبار، أما عن علاقة اليهود بشبه جزيرة سيناء، فإنها أبدا لم تكن أرض الميعاد، وإنما كانت أرض المتاهة، لقد أراد الله أن يبدد هذا الشعب المتمرد، فأتاهه 40 عاما كاملة، حتى هلك الشعب ولم ينج منه سوى اثنين، لقد تاهوا فى شبه جزيرة سيناء، وضاعوا، ولم تكن أرض ميعاد أو الرضا لليهود، أما فكرة أرض الموعد، فقد انتهت بمجيء المسيح".

وزاد حماسه للجنود قائلا: "إننا نجاهد من أجل قضية عادلة، ودائما الحرب الدفاعية حرب عادلة، ونحن فى مصر فى حرب دفاعية، ولقد أصبح الهجوم دفاعا، والدفاع لا إثم فيه ولا خطيئة، بل هو واجب مقدس، ونحن نفرق بين العمل العام والخاص، فلك أن تتنازل عن حقك الشخصى، أما حق الله وحق الوطن فليس لك أن تتنازل عنه، والسيد المسيح الذى تكلّم عن المحبة باستمرار، قال "لا يوجد حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبّائه"، وأنتم هنا تبذلون حياتكم عن أحبائكم وأسركم وعمن تعرفون، تدافعون عن الوطن الذى تقدّست كل حبة رمل فيه".