رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أستاذى الذى قدّمنى.. من هو «مكتشف» يوسف إدريس ومحمود درويش؟

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

أن يظهر ويلمع صوت إبداعي جديد، كان ذلك بمثابة حدث جديد تستقبله الأوساط الثقافية المصرية والعربية باحتفاء ورعاية، الأمر أصبح  قليلا ونادرا، وقد يبدو ذلك لأسباب متعلقة بما يمكن أن نصفه بالانفجار الإبداعي المتعدد في كافة المجالات ما بين الشعر والقصة والرواية، ولذلك تبقى فكرة ظهور صوت إبداعي جديد والاحتفاء به يعد بمثابة حالة علينا دراستها.   

طه حسين  يقدم يوسف إدريس

يوسف إدريس علم وتاريخ إشكالي ومغاير وحقيقي جدا في تاريخ الثقافة العربية، وأحد أساطيرنا الإبداعية، ويمكن وصفه بالمجدد لفن القصة المصرية والعربية، من أول لحظة لدخول يوسف إدريس إلى عالم الأدب، كان إشكاليا  وهذا واضح في مجموعته القصصية المعنونة بـ"أرخص ليالي" والتى قدمها عميد الأدب العربي دكتور طه حسين، وبطبيعة الحال أشار طه حسين على إدريس أن يكون بـ"أرخص ليال"، ولكن يوسف إدريس رفض النصيحة ونشرت بـ"أرخص ليالي" 1955.

وحول تقديم طه حسين لـ يوسف إدريس أشار الكاتب الصحفي رشاد كامل إلى أن لتقديم طه حسين ليوسف إدريس كواليس تستحق القراءة رواها له يوسف إدريس ضمن ذكرياته الأدبية المهمة والتى صدرت كاملة فى كتاب «ذكريات يوسف إدريس» الصادر عام 1991 عن «المركز المصرى العربى»!! وشاءت المصادفة أن يصدر الكتاب بعد ساعات من وفاة د. يوسف إدريس.

وتابع رشاد كامل "قال لى دكتور يوسف إدريس: بعد صدور مجموعتى القصصية الأولى «أرخص ليالي» عام 1954 كتب عنه كل نقاد مصر تقريبا وكذلك كل رؤساء التحرير فكتبوا عنه وحدثت ضجة هائلة جعلت النقاد يبحثون عن هذا الكاتب الجديد، هذه الضجة هى التى جعلت د. طه حسين يقرأ ما كتبته فأعجبته القصص فأخذ يبحث عنى ليكتب هذه المقدمة، وفى تلك الفترة اعتقلت، وبعد أن خرجت وجدت د. طه حسين مازال يبحث عنى ليكتب مقدمة المجموعة الثانية فأرسلت له المجموعة وقابلته ودار بيننا حوار ومناقشة حول ما كتبت.

 يوسف إدريس عن المخزنجي: شخص موهوب وبالغ الحساسية بشكل مدهش 

يتردد في المشهد الثقافي المصري أن يوسف إدريس قدم  محمد المخزنجي كقاص، والحقيقة لا تحمل أيا من الأعمال القصصية لمحمد المخزنجي حتى تنويها إو إشارة من إدريس، هذا على عكس ما يردده  البعض، لكن  ثمة علاقة وطيدة تجمع بينهما فكلاهما طبيب وكلاهما قاص وكلاهما متورط حتى اخمص قدميه في حب الوطن.

وقد سأل الكاتب الروائي إبراهيم فرغلي  “يوسف إدريس عن رأيه في المخزنجي وأعماله القصصية، وجاءت إجابة يوسف إدريس عن سؤاله له عن المخزنجي.. ابتسم بسعادة ثم قال: «المخزنجي ده بالنسبة لي لوحده في كوم وباقي الكتّاب في كوم آخر». . وأضاف: «أنا بصراحة لا اعرف كيف خلق الله المخزنجي؟ فهو شخص بالغ الحساسية بشكل مدهش». وأضاف أنه موهوب بشكل لافت جدا، وأنه يشعر بالأسف لأنه لم يسبق أن قدمه أو كتب عنه حتى الآن لكنه سيفعل، ولا أظنه قد فعل، فقد توفي يوسف إدريس في أغسطس من نفس ذلك العام.

رجاء النقاش أول من قدم الطيب صالح ومحمود دروريش 

لا يغيب عن أحد أن أول من قدم  الكاتب الروائي السوداني “الطيب صالح” صاحب رواية “موسم الهجرة للشمال”  للمشهد الثقافي والروائي المصري هو الناقد رجاء النقاش وقال عنها: "لم أصدق عيني وأنا ألتهم سطور هذه الرواية وأتنقل بين شخصياتها النارية العنيفة النابضة بالحياة، وأتابع مواقفها الحارة المتفجرة، وبناءها الفني الأصيل الجديد على الرواية العربية.. لم أتصور أنني أقرأ رواية كتبها فنان عربي شاب، ولم أتصور أن هذه الرواية الناضجة الفذة – فكراً وفناً – هي عمله الأول . لقد أخذتني الرواية بين سطورها في دوامة من السحر الفني والفكري، وصعدت بي إلى مرتفعات عالية من الخيـال الفني الروائي العظيم ، وأطربتني طرباً حقيقياً بما فيها من غزارة شعرية رائعة .

ولم أكد أنتهي من قـراءة الرواية، حتى تيقنت أنني - بلا أدنى مبالغة – أمام عبقرية جديدة في ميدان الرواية العربية.. تولد كما يولد الفجر الجديد المشرق، وكما تولد الشمس الإفريقية الصريحة الناصعة.

إلى جانب ذلك أشار المؤرخ الثقافي والناقد شعبان يوسف عبر مقال له نشر بالأهرام تحت عنوان “النقاش مكتشف المواهب.. وصانع الظواهر الثقافية الكبرى” إلى أن النقاش كان من أوائل الذين كتبوا عن شعراء الأرض الحتلة مجلة «المصور»، وبعيدا عن الكتاب المهم الذى كتبه عن محمود درويش، فإنه نشر أول ديوان لمحمود درويش فى القاهرة، وهو ديوان «آخر الليل»، عام 1969 وجاء نشره ضمن المجلة ذاتها، ليصبح الديوان متاحا بطريقة مبتكرة، وأوسع انتشارا من صدوره فى دار نشر بشكل مستقل، كما نشر ديوانا آخر للشاعر توفيق زياد، وهو ديوان «ادفنوا موتاكم وانهضوا»، بالطريقة ذاتها التى نشر بها ديوان درويش، ومن المعروف أن النقاش كان شديد الحماس لشعراء المقاومة، للدرجة التى أسمى ابنه «سميح» تيمنا بالشاعر سميح القاسم، وكان أكثر الحادبين عليه عندما نشبت معركة بين سميح ورفيقه محمود درويش، ورأى النقاش أن حملة شعواء طالت سميح القاسم، فكتب مقاله الشهير:»ارفعوا أيديكم عن سميح القاسم»، وهاجم كل الأطراف التى تعبث فى المياه التى تم تعكيرها بين الشاعرين، ونشر المقال فى مجلة الطليعة المصرية فى ديسمبر 1974.

يشير الكاتب القاص منتصر القفاش إلى أن أحد أبرز أسباب ظهور نصوصه القصصية  للنور يرجع إلى مجلة إبداع،  وحماس رئيس تحريرها انذاك الناقد عبد القادر القط ، وذلك رغم مغايرة نصوصي لما كان شائع في ذلك الوقت ، ومن ثم جاء  دور الناقد إدوار الخراط ، والذي  قدم دراسة نقدية مطولة لنصوصي  حتى تلك التي لم تنشر، وكانت في حوزته كمخطوط ،  وكان يشير في هوامش دراسته إلى النصوص المخطوطة وتلك التى سبق نشرها عبر مجلة إبداع ، ومن ثم لعب حسني سليمان عبر دار شرقيات دور بارز  ليس في تقديمي  اعمالي فقط ولكن في تقديم عدد كبير من المبدعين الشباب انذاك منهم مي التلمساني ، وسحر الموجي ، وميرال الطحاوي.

 

إبراهيم عبد المجيد: قدمت الكثيرين في بداياتهم  رباب كساب ومنير عتيبة ودينا عبد السلام وغيرهم 

ومن جانبه يقول الكاتب الروائي إبراهيم عبد المجيد الكاتب لا بد أن يؤمن أن الحياة تمضي إلى الأمام وأنه ليس آخر الموهوبين. حين توليت رئاسة تحرير سلسلة كتابات جديدة نشرت لشباب لا أعرفهم . فقط هو النص الأدبي سبيل النشر.. حين صارت هناك رقابة غير رسمية على ما ينشر بسبب مجموعة قصص نشرناها أهاجت الإسلاميين وكانت معركة كبيرة وصارت هذه الرقابة تطلب حذف بعض الكلمات أو السطور وهناك من يوافق ومن لا يوافق تركت السلسة في السنة الرابعة لراحة البال وحتي لا يغضب أحد. 

ويشير إبراهيم عبد المجيد "قدمت اسماء شابة كثيرة في السلسلة أذكر منهم سيد محمود وعزمي عبد الوهاب وغيرهم ويمكن أن تعود إلى السلسلة فلابد أن هيئة الكتاب لديها سجل لما ينشر ولقد توليتها من عام 1996 إلى عام 2000. حين توليت إدارة الثقافة العامة بالثقافة الجماهيرية كان من عملنا تنظيم مؤتمر أدباء الأقاليم ففتحت الباب لأعداد كبيرة من شباب الاقاليم للحضور. في أحد المؤتمرات لا أذكر تاريخه . كان في التسعينات . قررت مع اللجنة المنظمة أن يكون الحضور الأكثر لمن هم أقل من خمس وثلاثين سنة وفوجئت قبل المؤتمر بالأسماء كلها لكبار السن الذين حضروا من قبل أكثر من مؤتمر، فقمت أنا الاتصال بالشباب في بلادهم وحضروا معهم وصار المؤتمر مؤتمرين .

القدامي في القاعات يتناقشون والشباب معي في حديقة معسكر شباب الإسماعيلية  نتناقش ونسمع بعضنا وكان من بين الشباب فيما أذكر احمد الجعفري وخالد حجازي وكثيرين . اسماء كثيرة قدمتها بل بعضهم قدمته للنشر في بيروت في بداية حياته مثل رباب كساب ومنير عتيبة، وحدث ذلك حين سألتني دار النشر عن ترشيحات لي لتنشرها. كثيرا ما كتبت كلمة غلاف لكاتب سعدت بعمله . قدمت رضوي الأسود ودينا عبد السلام التي كانت في كتابتها الأدبية تبشر بمخرجة سيمائية عظيمة ولقد حدث فاعمالها تفوز بالجوائز في مصر والعالم . لا أذكر كل الأسماء. المهم أن ما فعلته كانت كتابتهم الجميلة هي السبب فيه.

ربما الآن قل ذلك بسبب الصحة والعمر، لكن  لا بد أنك تري أحيانا إشارات لي على الفيسبوك لبعض مما اقرأ بقدر ماتسمح به صحتي وحالتي العقلية، فلقد صرت بعد الجراحات الصعبة التي أجريت لي كثير الشرود . لكن هناك غيري يفعل ذلك والحمد لله .