رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلس الأمن والوساطة وضياع الجامعة العربية فى دمار الحرب

إطلالة د امية، متقنة الاخراج نجح في الأداء والتقديم، الرئيس الأوكراني، الذي تزامن وجوده  على شاشات الجمعية العمومية للأمم المتحدة مع وصول الوزاري العربي إلى موسكو، فكانت الرؤية السياسية، تقنع العالم بما في الواقع من دمار ومجازر ومخاوف، أتيح  لمجلس الأمن النظر في مسرحية الحدث على طريقة رئيس دولة تحت الحرب تدعى أوكرانيا. 
الأوكراني الرئيس عمليا وقف يتابع "بهلوانات" الحرب، عين على بوتين، وأخرى على أعضاء مجلس الأمن، وتأتية الأخبار عن وصول وفود الجامعة العربية والوزاري العربي، إلى موسكو ومن ثم إلى وارسو العاصمة البولندية، وتنتشر الانتقادات الدبلوماسية عن (عرج) النتيجة والتحويلات في مسار وساطات الحرب الروسية الأوكرانية، تلك التي تغوص في عمق المواقف. 
التحليلات والقراءات الأولية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي أدبيات حلف الناتو، هناك ثلاثة أسئلة عن دلالة ما يحدث، بعد تشكيلات الوزاري العربي والجامعة العربية ومجلس الأمن. 
.. والأسئلة التي سرت بسرعة، هي:
*كيف تشكل الوزاري العربي، ولماذا أرادت جامعة الدول العربية تهميش الوزاري؟. 
*غياب خارطة عمل مركزية لطبيعة عمل وفد الوزاري العربي؟ 
*لماذا زار الوزاري العربي موسكو، عاصمة الدولة الروسية الغازية لأوكرانيا، ولم يزر الوفد أوكرانيا، لمجرد الزيارة، فاختاروا وارسو. 
..ولعل المحلل الخبيث، كما أراه عندي، يطرح سؤال الحرج، للرئيس الأوكراني، عن كيف يتم مخاطبة مجلس الأمن والعالم، فيما الجامعة العربية وأمنها العام ووفدها الوزاري يملك جولاترمكوكية بين موسكو ووارسو؟

المحلل السياسي، المشرع - سابقا في مجلس النواب الاردني والكنيست الإسرائيلي- حمادة فراعنة، قال إنه: مهما كان دور فريق الوساطة الوزاري العربي، متواضعاً في الأزمة الأوكرانية، فهو يعني الكثير، معنوياً وسياسياً، فهو يؤكد أن للعرب تفاعلا مع الأحداث العالمية، وأنهم يتجاوبون معها ويتحركون وفق وقائعها، ويتعاملون معها في مدى تأثيرها على مصالحهم، ويقدمون رسالة معلنة أنهم يقفون في الصراع الروسي الأوكراني. 
يعتقد فراعنة ان الوفد، يعمل على الحياد، رغم أن أغلبهم يرتبط بعلاقات سياسية وعسكرية وأمنية قوية على قاعدة اتفاقات مع الولايات المتحدة، ولكنهم يتوسلون الخروج عن التبعية وسلوك طريق الاستقلال عن السياسات الأميركية المتنفذة، ويجدون في واشنطن أنها حليف غير موثوق عند الحاجة. 
يعلل ذلك المشرع، أن العرب لديهم قلق من الإدارة الأمريكية، لأنهم يرون الولايات المتحدة:انحيازها المتواصل للمستعمرة الإسرائيلية تحرجهم أمام أنفسهم وأمام شعوبهم، طالما تحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، وتتطاول على أقدس مقدساتهم الإسلامية والمسيحية في القدس وسائر فلسطين، ولا وسيلة للركون لها سوى الاحتجاج اللفظي، أو الصمت المعيب، والدعاء في السر لكسر أميركا وتسلطها، وتحريرها من نفوذ الصهيونية العنصرية وأدواتها، التي تدفع باتجاه الإخلال بالموقف الأميركي نحو خدمة المستعمرة وسياساتها التوسعية.
مبادرة الجامعة العربية، يوم 9 آذار 2022 بتشكيل وفد عربي، وتسميتها مجموعة الاتصال من وزراء خارجية البلدان الخمسة: الأردن، مصر، العراق، الجزائر والسودان، مع أمين عام الجامعة العربية، وزيارتهم لكل من موسكو 4/4/2022 ووارسو 5/4/2022 على التوالي، للقاء الوزيرين سيرجي لافروف الروسي، ودميترو كوليبا الأوكراني، كل منهما على انفراد، لها اعتبار وقيمة معنوية وسياسية يُسجل لصالح العرب وحضورهم على المشهد السياسي الدولي.
*ماذا عن أوكرانيا ودبلوماسية الجامعة العربية؟ 
ليس اعتقادا، بقدر ما هو، رؤية تتضح، بفهمنا الطريقة التي يرى فيها الرئيس الأوكراني، فلودومور زيلينسكي، البلاد العربية، وجامعة الدول العربية، وطبيعة التشكيلة الوزارية، لكنه، ذات الرئيس، يتجاوز الحدث العربي، (دون تعليل)، ويهتم لمواجهة 
مجلس الأمن، وفيه  دعا إلى تقديم الجيش الروسي إلى العدالة لارتكابه جرائم حرب في بلده. 
.. وعندما كان زيلينسكي، يخاطب مجلس الأمن عبر تقنية الفيديو حول الوضع في  أوكرانيا، ضمن منطق 
السلم والأمن، وحال العالم وهو يسير نحو الحرب العالمية الثالثة، فالجيس الروسي، اطرش أصم، أعمى يتخبط بالدم الأوكراني، غير عابئ بكل أشكال الجهة المقابلة من الجدار. 
*الوفد العربي يستمع للرئيس الأوكراني، ويتابع رحلته نحو وارسو.

في جلسة مجلس الأمن صباح يوم الثلاثاء بتوقيت نيويورك، العالم العربي هادى، والعالم الإسلامي في ظلال رمضان ومخاطر ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفي موسكو، والطريق نحو وارسو، الوفد العربي يستمع للرئيس الأوكراني، ويتابع رحلته نحو  اختراع معالم مبادرة، اصلا لم تكن مبادرة (....)، بمعنى الغرق والفراغ السياسي. 
.و تحدث  العالم عبر رئيس أوكرانيا عن "أفظع جرائم الحرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي ارتكبت من قبل القوات الروسية في بلاده" وشهدت الجلسة عرضا لمقاطع فيديو لفظائع ارتُكبت بحق المدنيين، ودمار للبنية التحتية والمباني، كما إن القوات الروسية ارتكبت جرائم خطيرة في مدينة بوتشا.

*قتل واغتصاب،، وكارثة الألفية الثالثة.

زيلينسكي، قال بأعصاب مشتتة:إن القوات الروسية قتلت المدنيين وعرضتهم للتعذيب وألقوا بآخرين في الآبار ليموتوا وهم يتألمون. وأضاف، "لقد سحقت الدبابات المدنيين وهم يجلسون في سياراتهم في منتصف الطريق من أجل المتعة فقط. وقاموا بقطع الأطراف، وقطع الأحلاق، واغتصاب وقتل النساء أمام الأطفال. كما تم انتزاع ألسنتهم فقط لأن المعتدين لم يسمعوا ما يريدون سماعه منهم."

بين الإشارة إلى القتل والاغتصاب،، وكارثة الألفية الثالثة. قال الرئيس الأوكراني إن أعمال القوات الروسية في بلاده "لا تختلف عن الإرهابيين الآخرين مثل داعش" لكن الفرق هو أن هذه الأعمال ارتكبها عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

"إذا تمت معاقبة الكبير، فيمكن معاقبة الجميع"
وشدد الرئيس الأوكراني على أنه يمكن للعالم الآن أن يرى "ما فعله الجيش الروسي في بوتشا عندما كانت المدينة تحت احتلاله، لكن العالم لم يشهد بعد ما فعلوه في مدن ومناطق محتلة أخرى في بلدنا. قد تكون الجغرافيا مختلفة، لكن القسوة واحدة والجرائم هي نفسها والمساءلة يجب أن تكون حتمية."
.. في الجانب الآخر من الجدار، صدم الوفد الوزاري العربي، بما نقل من مجلس الأمن، فبدت الوساطة مخترقة، محرجة.. وبالذات لأنها بدأت من موسكو، في وقت قال الرئيس الاوكراني:تصرفات روسيا في أوكرانيا أدت إلى ارتكاب أفظع جرائم الحرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وشدد على أن كل دولة عضو في الأمم المتحدة يجب أن تكون مهتمة بضمان المساءلة من أجل أن تظهر لجميع مجرمي الحرب المحتملين الآخرين في العالم كيف سيتم معاقبتهم. وأضاف: "إذا تمت معاقبة الكبير، فيمكن معاقبة الجميع."

.. أيضا، قال الرئيس الأوكراني، "يجب تقديم الجيش الروسي ومن أصدر لهم الأوامر إلى العدالة على الفور لارتكابهم جرائم حرب في أوكرانيا. أي شخص أصدر أوامر جنائية ونفذها بقتل شعبنا سوف يمثل أمام المحكمة التي ينبغي أن تكون مماثلة لمحاكم نورمبرغ."

*حق مضطرب، حق الموت.. والفشل
الرئيس الأوكراني، ممثل سينمائي ناجح، عاش دو. المقاومة ووقف في مواجهة بوتين، وقال بكل قوة، ربما تاريخيا: إن روسيا تدمر النظام الدولي القائم على القواعد وتحول حق النقض في مجلس الأمن "إلى حق الموت". وقال إنه يجب إصلاح نظام الأمم المتحدة على الفور للسماح بتمثيل عادل لجميع مناطق العالم. وشدد على ضرورة تسليم الجيل القادم منظمة فاعلة لديها القدرة على الاستجابة الوقائية للتحديات الأمنية وضمان السلام ومنع العدوان وإجبار المعتدين على السلام.

*العالم يرى، الواسطة تتقلص

المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة ليندا توماس-غرينفيلد، والتي كانت عادت للتو من زيارة إلى مولدوفا ورومانيا، تحدثت عن قصص اللاجئين المؤلمة الذين قابلتهم هناك. 
اذن العالم يرى، الواسطة تتقلص، الدبلوماسية تزول، المفاوضات مجرد كر وفر. 
.. هنا علينا تفسير ما تريد أن تقولة ليندا توماس-غرينفيلد، محتوية كل وساطات العالم:

أن القصص التي سمعتها في مولدوفا ورومانيا توجع القلب، تابعت السفيرة الأمريكية، "فإن هناك بعض القصص التي لن نسمعها أبدا: قصص الناس الذين رأيناهم في الصور من بوتشا."

وحتى قبل مشاهدة الصور من بوتشا، كان الرئيس زيلينسكي، إلى جانب آخرين في المنطقة، يبلغون عن اختطاف أطفال، بحسب السيدة توماس-غرينفيلد، التي أشارت إلى اختطاف رؤساء البلديات والأطباء والزعماء الدينيين والصحفيين وكل من يجرؤ على تحدي العدوان الروسي.

"ووفقا لتقارير موثوقة - بما في ذلك تقرير مجلس مدينة ماريوبول - نُقل بعضهم إلى ما يُسمى "معسكرات الفرز"، حيث ورد أن القوات الروسية تنقل عشرات الآلاف من المواطنين الأوكرانيين إلى روسيا."
ولفتت الدبلوماسية الأمريكية الانتباه إلى تقارير تشير إلى أن "عملاء الأمن الفيدرالي الروسي يصادرون جوازات السفر وبطاقات الهوية ويأخذون الهواتف المحمولة ويفصلون العائلات عن بعضها البعض. لست بحاجة إلى توضيح ما تذكرنا به "معسكرات الفرز" المزعومة هذه. إنه أمر تقشعر له الأبدان ولا يمكننا غض النظر عنه."
ووفقا للسفيرة الأمريكية، فإن العالم يرى كل يوم، أكثر فأكثر مدى ضآلة احترام روسيا لحقوق الإنسان. 
وكانت قد أعلنت بلادها أمس، بالتنسيق مع أوكرانيا والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أنها ستسعى إلى تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

.. هناك من يقول، ويتابع القول، خارج لغة السلاح:
"بالنظر إلى الكم الهائل من الأدلة، لا ينبغي أن يكون لروسيا موقع سلطة في هيئة هدفها - والغرض الأساسي منها - هو تعزيز احترام حقوق الإنسان. هذا ليس ذروة النفاق فحسب – بل إنه أمر خطير."

تستخدم روسيا عضويتها في مجلس حقوق الإنسان كمنصة للدعاية للإيحاء بأن لدى روسيا اهتماما مشروعا بحقوق الإنسان. في الواقع، سنسمع بعضا من تلك الدعاية هنا اليوم، وأنا أعلم، ولن أكرّم هذه الأكاذيب بالرد عليها- فقط أقول إن كل كذبة نسمعها من الممثل الروسي هي دليل أكثر على أن (روسيا) لا تنتمي إلى مجلس حقوق الإنسان. 
*حدث ذلك أيضا..! 

في تلك القاعات، هناك من قال بإسم جيش الغزو الروسي:أن القوات الروسية لا تطلق النار على المدنيين، "نحن نحاول إنقاذ المدنيين، ولهذا السبب لا نحرز التقدم الذي توقعه البعض، ولا نتصرف كالأميركيين وشركائهم في سوريا والعراق عندما يهدمون مدنا بأكملها."

وقال إن روسيا تشفق على الأوكرانيين "فهم أقرباؤنا، أما الراديكاليون فليس لديهم ما يخسرونه. هم مستعدون للتضحية بكل شعب أوكرانيا كما أثبتوا في استفزازاتهم في بوتشا. لا تسمحوا للغرب بأن يحقق أهدافه."

إلى ذلك، ينحاز  المندوب الروسي، إلى دور الندابات،  الباكيات على المقابر:أن الجثث التي شوهدت لم تكن موجودة بعد انسحاب القوات الروسية، وهو ما أكدته الفيديوهات.

وقال عن الدول الغربية "للأسف هذه الدول لا تأبه بما يحدث لأوكرانيا. أوكرانيا مجرد بيدق في اللعبة الجيوسياسية في روسيا، لكن في الوقت نفسه تحاول الدول الغربية إطالة النزاع من خلال تسليم الأسلحة والذخائر."
.. غزو بوتين أوكرانيا، دخل سفر الاسفار الجديدة للسرديات المتوازية الخارجة  من مخطوطات  الف ليلة وليلة. 
التوقعات المستقبلية، ان مواعيد الحرب لن تستبق مواعيد الواسطات، أو عروض الاونلاين، الدمار، قد يعم العالم، بحسب الطريقة التي تنجو فيها موسكو من العقاب الحقيقي.