رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد التلويح به

كيف تحول نظام «السويفت» إلى سلاح اقتصادي في أيدي دول الغرب؟

السويفت
السويفت

«كل شيء مُباح في الحرب» قاعدة أساسية تسير بها الدول المتصارعة دومًا، والتي تمتلك أساليب وأسلحة متعددة تختلف عن الأسلحة القديمة، منها سُبل اقتصادية للتضييق وحصار الدول.

وهو ما اتبعته روسيا وأوكرانيا في حربهما الأخيرة إذ أصبحت كل السبل متاحة من أجل تضييق الخناق على الطرف الأخر، لاسيما على المستوى الاقتصادي وهي الحروب الحالية بديلًا عن أرض المعارك والأسلحة.

كان آخر تلك الأسلحة التي لوح بها الغرب مؤخرًا هو نظام «السويفت»، إذ أعلن رئيس الوزراء البريطاني «بوريس جونسون» إن بريطانيا وحلفائها الغربيين سيزيدون الضغوط الاقتصادية على روسيا وينظرون فيما إذا كان بوسعهم فعل المزيد لمنع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» من استخدام احتياطيات روسيا من الذهب.

وتبع ذلك التلويح بتجميد أرصدة البنك المركزي الروسي التي تبلغ 640 مليار دولار كنوع من العقوبات، إلى جانب الحجب التام لعدد من البنوك الروسية عن نظام المدفوعات العالمي «سويفت»، والذي بات ورقة رابحة في الحرب الدائرة الآن.

«السويفت» هو عبارة عن الشبكة المسؤولة عن إدارة ومعالجة ملايين العملات والمعاملات المالية المختلفة بين دول العالم ويهيمن الدولار بشكل كبير على عمليات تلك الشبكة، ويتحكم فيما يقرب من 40% من التدفقات المدفوعة عبر "سويفت".

لا يتضح للبعض حتى الآن فكرة «السويفت» بسبب التعقيدات الاقتصادية الدائرة الآن، وتوضح «الدستور» هنا فكرة نظام «السويفت» وتوقيت إنشاؤه وتاريخه.

لمحة تاريخية

في العام 1973 كان الظهور الأول لنظام السويفت باجتماع 239 بنك من قبل 15 دولة حول العالم تحت مظلة شركة واحدة ، وتم خلالها تأسيس شبكة ضخمة من التحويلات المالية لمختلف العملات، واعتمدت على تقنيات حديثة في التحويل المصرفي استغناءً عن التلكس.

وكان هناك وقتها برنامج مشابه لفكرة «السويفت» تتعامل به شركات الطيران لتحسين طريقة التعامل مع العملاء الخاصين بها، حتى يتمكنوا من حجز أماكنهم على الطائرات، جاءت فكرة سويفت آنذاك من برنامج تعاملت به شركات الطيران الكبيرة من أجل تحسين ظروف التعامل مع زبائنها، لتمكنهم من حجز أماكنهم على متن الطائرة.

بدأت البنوك والدول تنضم لتلك الشبكة المالية الضخمة حتى العام 2010 وصل عدد البنوك بها 9 آلاف بنك من قبل 208 دولة وتوالت الانضمامات من قبل البنوك في دول العالم تحت مظلة تلك الشبكة المالية.

أهمية نظام «سويفت» 

شركة «سويفت» ليست ربحية ولا تهدف إلى تحقيق أي أرباح ولكن تسعى إلى تأمين عمل الشبكة الدولية للأسواق المالية المشتركة بها، حيث تكون مهمتها الأولى هي تسوية المدفوعات عبر مقاييس موحدة في العلاقات المصرفية الدولية.

واتحدت بعض البنوك الأمريكية وكذلك في منطقة الغرب من أجل تطوير فكرة «السويفت» وتم توحيدها في مؤسسة «سويفت» داخل بلجيكا، لتكون هي الوسيط الرسمي العالمي في التعاملات المالية بين الدول.

يقع مقر شركة «سويفت» في بروكسيل تحديدًا ببلجيكا، ويتكون من 25 عضوًا جميعهم من مجتمع مصرفي دولي، وكل منهم يمثل بلده ولكن بشكل غير مباشر إلى جانب تمثيله للمجتمع المصرفي الذي يعمل به.

دور «سويفت»

ويُعد الدور الأهم الذي تقوم به «سويفت» هو الربط بين البنوك والمؤسسات المالية على مستوى العالم، فلا تتم أي معاملات مالية دون الحصول على «السويفت كود» والذي يتكون من 8 أو 11 رقم بموجب 4 خانات.

وتنقسم الخانات كالآتي: "الأول رمز المؤسسة المالية ثم خانتان اسم الدولة وخانتان اسم المدينة ثم اسم البنك أو رمز الفرع، والتلويح بالطرد منه يعنى الحرمان من آلية التداول العالمية للأموال.

أرقام عن «سويفت»

تجري «سويفت» 42 مليون رسالة يوميًا من العام 2021 إلى العام 2020 عبر 11000 ألف مؤسسة مالية تغطي جميع دول العالم، وتعتبر روسيا التي يتم تهديدها في الوقت بالخروج من نظام «سويفت» تستحوذ على 1.5% من الحركات المالية في ذلك النظام.

ولم تكن روسيا هي الدولة الأولى التي يتم طردها من نظام «السويفت» ولكن تم معاقبة إيران به خلال العام 2012، كنوع من تشديد العقوبات عليها بسبب النشاط النووي الذي تقوم به وتأثرت إيران بشكل كبير بعدها.

وخسرت إيران بسبب ذلك القرار أكثر من نصف عائدات تصدير النفط بعد تجميد تعاملاتها مع «سويفت» وتخطت خسارة تجارتها الخارجية نحو 30%، والتي رصدها مركز «كارينجي موسكو» للأبحاث.

استبعاد روسيا

وتعتبر روسيا هي ثاني دولة يتم التلويح باستبعادها من نظام «سويفت» والتي سيكون بناء عليه يصعب على المؤسسات المالية إتمام تعاملاتها سواء إرسال الأموال من روسيا أو إليها، إلى جانب وقف الحوالات التجارية كذلك لا يمكن تنفيذ الحوالات المالية للروس من الداخل والخارج.

وتتضرر روسيا بشدة لكونها الدولة رقم 2 في الدول التي تستخدم نظام السويفت من خلال 300 مؤسسة مالية داخل روسيا وتسبقها أمريكا، وبذلك تكون العقوبة بطردها من ذلك النظام قاسية إلى جانب العقوبات الاقتصادية الآخرى التي قد تتكبدها خلال الفترة المقبلة.