رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«جمال عبد الناصر» فى المشهد التونسى.. ظل الزعيم يطارد إخوان النهضة

جريدة الدستور

«وقفت اليوم أمام ضريح الزعيم جمال عبدالناصر ترحما على روحه الطاهرة ومتذكرا مواقفه ومناقبه (فضائله)».. عبارة سطرها الرئيس التونسي قيس سعيد أمام قبر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في زيارته للقاهرة يوليو من العام الجاري، مضيفا:«كنا في تونس نتابع خطبه».

كلمات سطرها الرئيس التونسي، قبل شهور من ثورة تونس على إرهاب تنظيم الإخوان، بقيادة عضو التنظيم الدولي للجماعة راشد الغنوشي، غير أن سعيد والغنوشي ربما لا يدركان أن في حياتهما عامل مشترك، هو الزعيم عبد الناصر!

حضر راشد الغنوشي إلى مصر في 1964، لإتمام دراسته في الزراعة في جامعة القاهرة، وكان آنذاك معجبا بالتيار الناصري. لكن سرعان ما حال الظرف السياسي دون استكمال الغنوشي دراسته، إذ شُطب اسم الطلاب التونسيين من القوائم بعد ثلاثة أشهر، وطلبت السفارة التونسية في مصر منهم مغادرة البلاد بسبب تصاعد التوتر السياسي بين النظام الناصري والرئيس التونسي آنذاك الحبيب بورقيبة، بشأن اغتيال المعارض السياسي صالح بن يوسف، الذي دعمه الرئيس المصري جمال عبدالناصر.

وكانت دمشق هي المحطة التالية للغنوشي، حيث حصل على شهادة في الفلسفة عام 1968، ثم انتقل في العام نفسه إلى جامعة السوربون في باريس لاستكمال دراساته العليا.

في رحلته إلى أوروبا زار الغنوشي تركيا، بلغاريا، يوغسلافيا، النمسا، ألمانيا، وفرنسا. في حوار مع فرانسوا بورغا، اعتبر الغنوشي أن هذه الرحلة وهذه التجربة كشيىء آخر «كان مستعدا لقبوله كنقد القومية العربية على أساس أنها غربية، ولكن ليست إسلامية».
في 1967، وفي حرب الأيام الستة جاءت «الهزيمة التي تقدم الدعم الضروري للخطاب الإسلامي»، بينما حسب قوله إن «التحول إلى الإسلام قد تم فعلا».
كان يتضامن مع الشخصيات الإسلامية، أساسا من الإخوان المسلمين، حيث كان قد قرأ «كتب سيد قطب ومحمد قطب وأبو الأعلى المودودي ومحمد إقبال ومالك بن نبي وأبو حامد الغزالي وابن تيمية».

لم يتحمل الغنوشي مثل غيره من أبناء الوطن العربي سقوط الحلم الناصري، وكانت الأرض ممهدة في التلك الفترة لصعود الفكر الإخواني المتطرف، الذي حاربه عبد الناصر لسنوات. ثم تأسست حركة النهضة فى تونس، والتي ترجع بداياتها إلى أواخر الستينيات تحت اسم الجماعة الإسلامية التي أقامت أول لقاءاتها التنظيمية بصفة سرية في أبريل 1972. من أبرز مؤسسيها راشد الغنوشي والمحامي عبد الفتاح مورو والدكتور المنصف بن سالم وانضم إليهم لاحقا عدد من النشطاء من أبرزهم صالح كركر، حبيب المكني، علي العريّض.

رحلة بدأت من مصر وانتهت إليها أيضا، أمام اسم الزعيم جمال عبد الناصر، لكن في الأولى لم يستوعب حقيقتها الغنوشي، فأخذه تطرفه إلى الاقتناع بأفكار سيد قطب، التي قرأها ونظر لها، معتبرا أنها الطريق إلى صلاح الأمة العربية، لكن في الثانية أعاد الرئيس التونسي قيس سعيد المسألة إلى موضعها الطبيعي، عندما اختار صلاح المنطقة العربية، وحرية تونس، على حساب الوقوف إلى جانب مجموعات دينية متطرفة، اختيار كتبه قبل أشهر عندما قال أمام قبر الزعيم جمال عبد الناصر:« لا زالت عديد مواقفه حاضرة إلى حد يوم الناس هذا حاضرة في أذهان الكثيرين».