رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الاختيار 2».. هذه قصة الضباط المفصولين من جنة الدولة إلى نار الإرهاب (تفاصيل)

مسلسل الاخيار 2
مسلسل الاخيار 2

ربما شاهد الكثير مشاهد تجمع عددا من الضباط الذين تم فصلهم من الخدمة فيما بعد بسبب ميولهم الإخوانية، حيث يروي مسلسل "الاختيار 2" بطولات الشرطة، ويرصد تلك المحاولات ومواجهة رجال الظل الأوفياء داخل الأجهزة الأمنية لتلك الاختراقات المعدودة على أصابع اليد الواحدة، أمام طوفان من الرجال يضحون من أجل أمان هذا الوطن.

نبدأ من «الباكوتشي» ضابط شرطة مصري، خدم في وزارة الداخلية قبل أن يفصل عام 2012 لانتماءاته المتطرفة، غير أنه عاد للواجهة بعد سنوات، في الحلقة الأولى من مسلسل «الاختيار 2»، ضمن قادة اعتصام رابعة العدوية، الذي نفذه الإخوان في محاولة لجر مصر إلى نموذج الحرب الأهلية في سوريا واليمن.

محمد السيد الباكوتشي ليس الضابط الوحيد المفصول من الداخلية، الذي ظهر في مسلسل «الاختيار 2»، هناك أيضا حنفي جمال، وكريم حمدي، وفي الجزء الأول من الاختيار ظهر هشام عشماوي، قائد تنظيم المرابطون الإرهابي، وعماد عبدالحميد.

أسس الباكوتشي خلية إرهابية مع 5 ضباط آخرين واثنين من المدنيين، وخطط من خلالها لاغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما كان يتولى منصب وزير الدفاع، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، وعدد من قيادات الوزارة.

ووفقا لما جاء في القضية رقم 148 لسنة 2017 عسكرية، المعروفة إعلاميا بـ«محاولة اغتيال السيسي»، فإن الباكوتشي، الذي توفي في حادث سير، كان يعمل في قطاع الأمن المركزي قبل أن ينتقل لمديرية أمن الشرقية، وانضم إلى ائتلاف «أنا ضابط شرطة ملتحي».


الولاء للإرهاب
اهتمام التنظيمات المتطرفة بتجنيد ضباط شرطة وجيش، اختاروا الولاء للإرهاب، مسألة بدأتها جماعة الإخوان قبل عقود، في محاولة لتنفيذ انقلاب عسكري على السلطة يأتي بالتنظيم إلى حكم مصر!

الميل إلى فكرة الانقلابات العسكرية سبيلًا للوصول إلى السلطة، أيضا، كان خيارًا أساسيًا لجماعات متطرفة نشأت على خلفية الثأر لإعدام منظّر فكر التكفير سيد قطب، عام 1966، مع بدء ظهور مجموعات الجهاد، والتي اعتنقت فكرة الانقلابات العسكرية وسيلة للوصول إلى السلطة.

رفضت جماعة الجهاد اعتماد أسلوب حرب العصابات لأنّ الطبيعة الجغرافية لمصر تجعل حرب العصابات مسألة غير ممكنة

عضو مجموعات الجهاد في الستينيات من القرن الماضي، يحيى هاشم، وإلى جانبه رفاعي سرور، رأيا أنّ انتظار القيام بانقلاب عسكري مسألة تحتاج إلى سنوات، وهو حلم صعب المنال، أما تلك المظاهرات الغاضبة فلو تم الاستفادة منها جيدًا؛ لحشد الناس ضد عبدالناصر، ربما كانت وسيلة أسرع للسيطرة على السلطة.

الانقلاب العسكري هو الحل
عبدالمنعم منيب في كتابه "دليل الحركات الإسلامية"، ذكر أنّ ذلك الخلاف بين الأقران تسبب في انشقاق يحيى هاشم ورفاعي سرور عن مجموعة الجهاد التي يتزعمها إسماعيل طنطاوي، التي ظلت على العهد بأنّ إنقلابًا عسكريًا هو الحل..
وعمل هاشم وسرور على مشروع آخر، ذي طابع جماهيري، من خلال ثورة شعبية أو حرب عصابات، كبديل عن الانقلاب العسكري.

تحقيق الحلم كان يفترض اختراق المؤسسة العسكرية بدفع عناصرها للالتحاق بالجيش، ومن جانب آخر تجنيد بعض الضباط، المسألة التي نجحت فيها جماعة الجهاد بتجنيد ضابط الجيش عصام القمري في نهاية الستينيات، والذي نجح بدوره فى تجنيد العديد من ضباط الجيش، مثل عبدالعزيز الجمل، وسيد موسى.

عبدالمنعم منيب طرح في كتابه سؤالًا على العديد من قيادات مجموعات الجهاد: لماذا الانقلاب العسكري وليس غيره؟ قالوا: "أغلب حكام العالم الإسلامي حصلوا على الحكم بهذه الطريقة، وهى طريقة فعالة ونحن أولى باستخدامها لأننا نعبر عن دين وثقافة الأمة، أما هم فلا يعبرون إلا عن فكر ومصالح الغرب الصليبي أو الشرق الشيوعي".

عسكرة جماعة الجهاد كانت الوسيلة المُثلى لتحقيق الحلم، حلم الدولة الإسلامية، ورغم أنّ محاولات الاختراق لم تنجح، إلا أنّ هناك عدة محاولات أثبتت قدرة الجماعات على تجنيد ضباط جيش شاركوا بشكل رئيسي في عدة عمليات إرهابية، أهمها محاولة مجموعة صالح سرية القيام بانقلاب عسكري عام 1974، وهي الحادثة المشهورة بحادث الفنية العسكرية، ولها نُسب التنظيم، تنظيم "الفنية العسكرية"، الذي استطاع تجنيد أكثر من 16 طالبًا بالكلية الفنية العسكرية واستخدامهم في محاولة السيطرة على الكلية، وسرقة الأسلحة لاستخدامها في الانقلاب على السلطة.

بعد تأسيسها عام 1988، تبنّت جماعة الجهاد المصرية استراتيجية الإعداد لانقلاب عسكري مدعوم بمجموعات مدنية، ورفضت اعتماد أسلوب حرب العصابات؛ لأنّ الطبيعة الجغرافية لمصر تجعل حرب العصابات مسألة غير ممكنة.

اعتمدت جماعة الجهاد في مسألة تجنيد عناصر مدنية داعمة على استقطاب مجموعات من الأفراد وتسفيرها إلى أفغانستان؛ لإعطائهم دورات عسكرية، ثم إعادتهم إلى البلاد دون ممارسة أي أعمال عنف؛ بانتظار التمكن من التغلغل في صفوف الجيش لتنفيذ انقلاب عسكري تدعمه المجموعات المدنية السابق إعدادها.

وأسست لذلك لجنة عسكرية تختص بالإعداد لإنشاء معسكرات لتدريب عناصر الجماعة، وتكوين خلايا تابعة للجماعة داخل الجيش، وكان يشرف عليها عبدالعزيز الجمل، الذي جنده سلفًا الضابط عصام القمري، والجمل رائد سابق بالجيش، ترك جماعة الجهاد عام 1993 والتحق بتنظيم القاعدة، ثم ما لبث أن تركه، واعتقل باليمن عام 2003، وسلم إلى مصر عام 2004، وخرج من السجن عقب ثورة يناير، ثم سافر إلى الشام.

معسكر الفاروق
نهاية عام 1988، بدأت جماعة الجهاد بتسفير عناصرها إلى باكستان لتلقي دورات عسكرية بمعسكر الفاروق التابع لتنظيم القاعدة، ثم أسست الجماعة معسكرات لتدريب عناصرها تحت اسم "بدر، والقعقاع، والقادسية"، واستقدمت علي أبوالسعود، المقدم بالصاعقة المصرية، لإعداد مدربيها ورفع مستواهم القتالي، وسبق أن تلقى أبوالسعود دورة تدريبية بأمريكا ثم سافر إلى أفغانستان واعتقلته أمريكا لاحقًا.

ضابط المخابرات الحربية عبود الزمر رأى أنّ الانقلاب العسكري يلزمه بشكل كبير تحركات شعبية مؤيدة له.

أيضًا من ضباط الجيش الذين نجحت الجماعة في تجنيدهم ضابط المدفعية إبراهيم العيدروس، الذي جنده القيادي بتنظيم الجهاد والقاعدة، الذراع اليمنى لأيمن الظواهري فيما بعد، ثروت صلاح شحاتة، والعيدروس من مواليد 1956 بمحافظة الشرقية، اعتقل بلندن عام 1999 ومات عام 2008.

الجماعة الإسلامية كانت تسير في نفس النهج بعد أن اقتنع كرم زهدي بأطروحة عبدالسلام فرج، وأقنع بقية رفاقه بها، ما دفع الجماعة الإسلامية والجهاد للاندماج في تنظيم واحد، بقيادة فرج، تحت مسمى "تنظيم الجهاد"، وأسس التنظيم معسكرًا بصحراء البلينا، في سوهاج بالصعيد، واستقدم عدة ضباط شرطة من الموالين له لتدريب عناصره.