رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على لسان معتقلي وأفراد خلية الصقور.. محطات «قرداش» لخلافة البغدادي في قيادة داعش (فيديو)

عبد الله قرداش
عبد الله قرداش

بعد مقتل أبوبكر البغدادي، قائد تنظيم داعش الإرهابي، في أكتوبر عام 2019 على يد وكالة الاستخبارات الأمريكية وقوات خاصة من الجيش الأمريكي في الريف الشمالي بمحافظة إدلب، بعملية إنزال جوي بمروحيات أمريكية فوق إدلب تستهدف "البغدادي" بعينه، أصبحت هناك ضرورة ملحة لتعيين خليفة جديد للتنظيم الإرهابي، وهكذا أتى عبدالله قرداش الذي أعده "البغدادي" خلف الستار، وبعيدًا عن الأنظار ليتبوأ هذا المنصب القيادي من بعده.

- بداية قرداش

وفق الوثائق التي نشرها موقع BBC، فإن عبدالله قرداش، أو أمير محمد سعيد سالبي، عراقي الجنسية، ولد عام 1976 في قرية المحلبية التي يرجع أصل غالبية سكانها إلى "تركمان"، وهو الابن الأصغر لأب كان يعمل مؤذنًا بأحد الجوامع ومتزوجًا من امرأتين أنجب منهما 7 ذكور و9 بنات.

بدأ "قرداش" العمل مع التنظيم الداعشي منذ عام 2003- 2004، وأوكلت إليه إدارة أغلب أمور "داعش" في الخفاء أثناء خلافة "البغدادي" نظرًا لشهرته بدرايته الوافية بكافة عناصر وكيانات التنظيم.. ووفقًا لأقوال أحد المعتقلين الدواعش في خلية الصقور (خلية تابعة للاستخبارات العراقية في بغداد)، فقد ترأس الخليفة الداعشي الجديد الجهاز الأمني للتنظيم في الموصل ومنصب قاضي الدولة الذي يعد بمثابة وزير العدل، كما أنه أشرف على الدواوين الخمسة عشر للتنظيم، ومن بينها ديوان الجند.

- رحلته مع الإرهاب

بدأت رحلة "قرداش" مع الإرهاب منذ أن كان يؤدي خدمته العسكرية وقبل سقوط نظام البعث، وذلك بالاتصال مع الجماعة السلفية الجهادية في العراق "أنصار الإسلام"، وانضم بعد ذلك إلى تنظيم القاعدة بعدما بايعته الجماعة، وفر "قرداش" بعد ذلك مع عناصر التنظيم متوجهًا إلى الموصل عام 2004، واستكمل رسالة الماجيستير الخاصة به في الدراسات الإسلامية، ثم انضم إلى "البغدادي" عندما أعلن الأخير إقامة تنظيم داعش.

في بداية عام 2008 قامت قوات أمريكية باعتقال "عبدالله قرداش" بعد مداهمة موقعه، ثم تم إطلاق سراحه بعد تحقيقات موسعة معه دامت عدة أشهر، وذلك وفق الاتفاق الذي تم بين أمريكا والعراق عام 2009 من أجل تسليم المعتقلين في السجون الأمريكية، وفور خروجه من السجن عاد مرة أخرى إلى تنظيم داعش ليتقلد منصب (الشرعي) في محافظة نينوى، وظل يتقلد عدة مناصب داخل التنظيم إلى أن ترأس زعامته بعد مقتل أبوبكر البغدادي.

- كلية الإمام الأعظم

وأكد أحد ضباط خلية الصقور أن عبدالله قرداش، أو حجي عبدالله، قد كلف بتأسيس معهد لإعداد رجال الدين والقضاة التابعين لفكر التنظيم في الموصل تحت اسم "كلية الإمام الأعظم"، وذلك من أجل استمرارية الفكر الخاص بهم، وبالفعل نجح "حجي عبدالله" في إنشاء المعهد الذي ألقى فيه عدة محاضرات إلى جانب "عبدالرحمن القادولي" أو كما يعرف بـ"أبي على الأنباري" أحد أبرز قيادات داعش.

- ظهوره للعلن

حسبما أكده معتقل داعشي ينظر حكم الإعدام في سجون خلية الصقور بالعراق، فإنه بالرغم من حرص "البغدادي" الشديد على عدم تسليط الضوء على "قرداش"، فإنه اضطر إلى الاعتماد عليه بعدما قتل نائبه أبي مسلم التركماني أو أبومعتز القرشي، وأحد الأعضاء البارزين في مجلسي الشورى الداعشي أبوعلى الأنباري، وذلك نظرًا للخلفية المعرفية والتنظيمية والأمنية الكبيرة التي يتحلى بها "قرداش".

- مسألة سبي النساء

يعد "قرداش" واحدًا من بين أكثر المتشددين تطرفًا، فقد شارك في هجمات التنظيم التي جرت عام 2014 بمدينة سنجار غرب الموصل، من أجل توسيع مناطق النفوذ الداعشي في العراق، كما أنه شارك في قتل آلاف السكان الإيزيديين الذين كانوا يقطنون هذه المدينة.

ورغم اعتراض عدد من قيادات التنظيم الإرهابي على سبي نساء المدينة، مثل أبوعلى الأنباري، إلا أن "قرداش" كان يوافق على ذلك بإصرار بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية، كما أنه استطاع أن يقنع البغدادي بدعمه في وقت لاحق، ووصل هذا الأمر إلى حدوث خلاف كبير بين لجنتي التنظيم الإرهابي (العراق والشام)، فقد كانت لجنة العراق ترفض سبي الإيزيديات لأن أصولهن عراقية، إلا أن لجنة الشام كانت توافق على ذلك، وهو ما تسبب في إقرار حل وسط يفيد بسبي النساء الإيزيديات وترك النساء المسيحيات.

- اختبائه في البوكمال

بعدما قامت القوات العراقية بمهاجمة التنظيم الداعشي في أكتوبر 2017 على الحدود العراقية السورية، وذلك بعد أيام قليلة من فرار البغدادي وقياداته إليها إثر هزيمتهم في نفس العام- فر "قرداش" رفقة البغدادي وعدد من القيادات مرة ثانية إلى مدينة البوكمال السورية، ليشهدوا هزيمتهم الأخيرة في هذه المدينة، وفي أول نوفمبر من نفس العام هاجمت قوات الجيش السوري قيادات تنظيم داعش الإرهابي بالمدفعية والطيران الروسي وبعض الطائرات الأمريكية، مما كاد يودي بحياته.

- إيران تتدخل
تسبب إصرار البغدادي على الحفاظ على مدينة البوكمال تحت سيطرته في تدخل إيران لتأمين ممر بري يساعدها في إمداد التنظيم بالمؤن العسكرية، وأمرت إيران قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري بإيران) بالإشراف على هذه المعركة بنفسه، بعد ذلك، قرر "البغدادي" إبعاد "قرداش" عن مناطق القتال للحفاظ على حياته، حتى يتقلد منصب الخلافة فيما بعد.

أكد أحد المعتقلين الداعشيين، وفقًا لتقرير الـBBC، أنه قد التقى "قرداش" في البوكمال، وكان يستخدم الأخير قدمًا اصطناعية في قدمه اليمنى لأنه فقدها أثناء قصف جوي استهدف مدينة الموصل عام 2015.

- فرار قرداش إلى إدلب

بعدما فر قرداش هاربًا من مكان القتال إلى إدلب، فقد لاحقه بعد ذلك "أبوبكر البغدادي" لتأكد الأخير من خسارته في البوكمال، ورغب زعيم التنظيم السابق من ذلك استكمال القتال بينما يعمل "قرداش" على إعادة هيكلة التنظيم.

وقبل مقتل "البغدادي" بشهرين، أصدرت (وكالة أعماق)، التابعة للتنظيم، بيانا بأن زعيم التنظيم يرشح "قرداش" خلفًا له، وبعد مقتل "البغدادي" قرر "قرداش" الاستقرار في إدلب مع عشرات الآلاف من مقاتليه المتبقين من التنظيم بغرض إعادة هيكلة داعش للعودة به مرة أخرى.