رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أمان» يسلط الضوء حول توجهات الإرهاب المتوقعة في 2021 (قراءة تحليلية)

الإرهاب
الإرهاب

كان عام 2020 غير مسبوق من نواحٍ كثيرة، من أحداث وقرارات ضخمة هزت العلاقات والمواقف السياسية والاستراتيجية في العالم، بما فيها أمر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيرانى «قاسم سليماني»، الذي سرعان ما طغى على تلك الواقعة أخبار الانتشار العالمي لفيروس كورونا الجديد، وما تلاه من قرارات الإغلاق، تليها الاحتجاجات والانتخابات الرئاسية الأمريكية التي شهدت منافسة شديدة في الولايات المتحدة.. أحداث عدة رغم ضخامتها تبدو هشة أمام العوامل التي تؤثر على تهديد الإرهاب بحلول عام 2021.. إذن ما الذي سيحققه هذا العام الحالي حسب التقارير؟

على المستوى العالمي، تشير التقارير إلى أن هناك عدة تطورات نحو محاولات زيادة الإرهاب في أجزاء معينة من العالم، خاصة مع سحب الولايات المتحدة قواتها في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وفي جميع أنحاء إفريقيا.

وحسب تصريحات للقاعدة وداعش والجماعات التابعة لهما، يتم السعي للقيام بدفعة جديدة للسيطرة على أراض جديدة وزعزعة استقرار البلدان والمناطق، ولا تتضمن فقط سوريا والعراق واليمن وأفغانستان والصومال ونيجيريا التي هى موطن لجماعات جهادية مرتبطة بالقاعدة وداعش.. وعلى الرغم من علامات الاستفهام في ظل الوضع الحالي لقيادته، التي هي في موضع تساؤل مع عدم اليقين الذي يحيط بصحة ووفاة أيمن الظواهري، واغتيال محمد المصري المخضرم في تنظيم القاعدة من عدمه، فإن عام 2021 قد يكون عامًا بارزًا للقاعدة في الوقت الذي يسعى فيه إلى إعادة تأكيد نفسه من خلال الشركات التابعة والموالية له حول العالم، وهذا ما أكده عبر تصريحه الأخير بتبنيه تفجير العراق وتفجيرا آخر في نيجيريا وسوريا ومحاولات لزعزعة الأمن في تونس والجزائر.

وبالعودة لتصريحات المختصين، ترتفع نسبة التخوفات من تمكن الإرهاب مرة أخرى، خاصة مع استمرار الولايات المتحدة في تحويل الموارد وإعادة نشر القوات في مختلف المسارح، ما قد يتيح فرصًا أمام الجماعات الإرهابية والمتمردة للاستفادة من الفراغ المحتمل للقوات الأمنية في سوريا، وهو ما دفع نظام بشار الأسد لتعزيز سيطرته على مناطق حساسة بشكل مكثف، حسب التقارير العسكرية المنشورة على المواقع الصحفية والإعلامية الموالية للنظام السوري.

هذه التعزيزات قد لا تفرض كثيرا من السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية في محافظة إدلب، بما في ذلك هيئة تحرير الشام وحراس الدين المرتبطة بالقاعدة، الذي استطاع خلال عام 2019 ارتكاب 144 هجوما إرهابيا في أماكن متفرقة في سوريا، و129 عملًا إرهابيا في العام الماضي 2020، وتوسع بشكل ملحوظ في جنوب الرقة وشرق حماة، ما قد يوفر له فرصا أكبر في عام 2021، ليرفع أحداثه التي بدأت بعدة تفجيرات في العراق وسوريا وتونس والجزائر ودول مختلفة في إفريقيا وبعض الأحداث في سيناء، لكن التحليلات الاستراتيجية في سوريا تؤكد أن الجماعات الإرهابية تسعى للتجنيد منذ عدة أشهر في سوريا لشن الضربات في جميع أنحاء بلاد الشام.

وبالتزامن مع تخفيض القوات الأمريكية إلى 2500 جندي في العراق وأفغانستان، ما يمثل مزايا كبيرة لخصوم الولايات المتحدة في العراق، تحركت إيران بالفعل لزيادة نفوذها من خلال دعم مجموعات الميليشيات الشيعية المختلفة في جميع أنحاء البلاد، ما قد يدفع التعدي على القطاع السني في العراق إلى أحضان تنظيم داعش الإرهابي في تكرار لظاهرة تكررت عدة مرات في السنوات الأخيرة.. بصفتها دولة راعية للإرهاب قد تتطلع إيران أيضًا إلى زيادة دعمها لمختلف الوكلاء، لا سيما إذا شعر النظام في طهران بالتهديد من خلال الاصطفاف الجيوسياسي المتغير في الشرق الأوسط المحدد من خلال العلاقات الدافئة بين إسرائيل والدول العربية السنية في الخليج.

وفي أواخر ديسمبر، أثار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ضجة عندما اقترح أن يتم نشر لواء «فاطميون» الذي تدرب في إيران والذي يقاتل حاليًا في سوريا، في أفغانستان لمساعدة الحكومة الأفغانية المستقبلية في عمليات مكافحة الإرهاب مع الانسحاب الأمريكي في أفغانستان، حيث هناك مخاوف متزايدة من أن طالبان ستهيمن على البلاد مرة أخرى، إما نتيجة لتسوية سياسية تفاوضية أو عن طريق العودة إلى تمرد كامل والاستمرار في التعاون الوثيق مع الجماعات الإرهابية العابرة للحدود، بما في ذلك القاعدة.

في غرب إفريقيا والقرن الإفريقي، تكتسب الجماعات الجهادية زخمًا، ومن المرجح أن يستمر حتى العام المقبل.

أما إفريقيا فتقع فيها العديد من البلدان عرضة لخطر المعاناة من الهجمات الإرهابية، فمع ارتفاع مركز ثقل مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، رغم تدمير الخلافة المادية لداعش في العراق وسوريا، يستمر التنظيم في التوسع من خلال الشركات التابعة له، خاصة في جميع أنحاء إفريقيا التي تعد بشكل كبير أرضا خصبة لهم خاصة في غرب إفريقيا ووسطها والصحراء الكبرى، واستطاع الجهاديون المرتبطون بالقاعدة وداعش زعزعة استقرار البلدان التي نجت سابقًا من ويلات الإرهاب، بما في ذلك الكاميرون وبوركينا فاسو وموزمبيق.

وكشفت هذه الجماعات عن أنها ستكثف عملياتها في عام 2021 لتذكير الغرب بأنه حتى في الوقت الذي تتطلع فيه دول مثل الولايات المتحدة إلى التركيز على منافسة القوى العظمى، فإن عمليات مكافحة الإرهاب يجب أن تظل أولويه، خاصة بعدما تم اتهام ناشط كيني في «حركة الشباب» مؤخرًا بالتخطيط لهجوم ضخم في الولايات المتحدة على غرار 11 سبتمبر، بعد أن تلقى دروسًا في الطيران في الفلبين، ووجود أدلة تشير ألى أهداف مختلفة ومحتملة في الولايات المتحدة.

لتوضح مجمل هذه التقارير والأحداث أن القاعدة والجماعات التابعة لها ما زالت ملتزمة بمهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها على أرضهم، ومحاولات الإرهاب السيطرة مرة أخرى، خاصة مع انخفاض معدل الدعم المادي مؤخرًا ما تسبب في إضعافهم قليلًا.

ويستمر اتجاه آخر من المرجح أن ينتشر في عام 2021، وهو الاعتماد المتزايد للجهات الفاعلة غير الحكومية العنيفة على التقنيات الناشئة، حيث أظهر تنظيم الدولة الإسلامية، والمتمردون الحوثيون في اليمن، وطالبان، الحماس والقدرة على نشر أنظمة جوية دون طيار لأغراض القتال والاستطلاع.

وقد تقلصت الحواجز التي تحول دون دخول الطائرات دون طيار ومناوراتها بمهارة بشكل كبير، وأصبحت الطائرات دون طيار التجارية متاحة بسهولة ويسهل الحصول عليها، الأمر الذي يشجع الإرهابيين للحصول عليها، وعرض هذه القدرة باعتبارها قوة مضاعفة في أي صراع غير متكافئ.

عام 2021، قد يكون هناك أيضًا اهتمام أكبر من الإرهابيين بالأسلحة النارية محلية الصنع باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد، كما شهدنا في هجوم عام 2019 من قبل متطرف يميني في هال بألمانيا.. فقد أظهر المتطرفون اليمينيون، بمن في ذلك المتعصبون للبيض والنازيون الجدد، اهتمامًا خاصًا بالأسلحة النارية المطبوعة ثلاثية الأبعاد، فأصبحوا يشكلون تهديدا أكبر على حد سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة.

ويتوقع العديد من محللي مكافحة الإرهاب ارتفاعًا حادًا في الإرهاب المحلي، خاصة الهجمات التي يشنها المتطرفون المناهضون للحكومة وغيرهم من اليمين المتطرف.

لتؤكد التقارير الأممية والحقوقية والإنسانية وغيرها أن كثيرا من الأوضاع السياسية والاقتصادية، على رأسها ارتفاع نسب الفقر، قد تسهم في خلق ودعم الأيديولوجيات المتطرفة التي يمكن أن تؤثر على اتجاهات الإرهاب في عام 2021.