رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمود أبوحبيب يكتب: الإمام الطيب.. الصادع بالحق

محمود أبوحبيب
محمود أبوحبيب

المعركة الحامية التي خاضها الأزهر ضد الهجمة النكراء على نبي الإسلام محمد ﷺ والتي وقف فيها الأزهر حصنًا حصينًا مدافعًا عن أعظم رمز للمسلمين سيدنا محمد ﷺ مجيشًا بمشاعر من الغضب والاحتجاج لملياري مسلم حول العالم، وعدته وعتاده في هذه المعركة التعاليم الإسلامية السمحة، التي ترفض الإساءة أو السخرية من أحد أيًا كان ومهما كان دينه أو لونه أوعرقه فضلًا عن الأنبياء والرموز المقدسة، رافعًا راية "إلا رسول الله" سعيًا لنبذ خطاب العنف والكراهية، والقضاء على لغة الإساءة والسخرية من المقدسات والرموز الإسلامية، ليعود الأزهر وقد مهّد الطريق للتعايش والسلام، هذه الخريطة السمحة التي جاءت بها الأديان، والتي حاول البعض استبدالها بأخرى مزيفة تدعو إلى التناحر والكره والبغضاء بين البشر، بدعوى باطلة أن الأديان جاءت لاحتراب الناس، لكن الأزهر أزال التراب الذي أهاله البعض عليها، فعادت تضاريس الحب والإخاء كما رسمها الأنبياء من قبل، يُهتدى بها في الوصول إلى عالمٍ متعايش مهما ترامت أطرافه وتباينه أجناسه.

قرار الدخول في هذا المعترك الذي أتى إليه الأزهر مرغمًا كان لا بد للأزهر فيه من قائد حكيم يمتلك جرأة الرد والقدرة على صد من يتطاول على ديننا ونبينًا ﷺ، دون الانزلاق عن جادة الصواب التي جاء بها الإسلام كدين سلام وتعايش بين البشر، فقيّض الله للأزهر ومن خلفه المسلمين حول العالم جندي من أجناده وواحد من قادته المخلصين الذين مروا على سماء الأزهر، من الذين وهبوا أعمارهم خدمة لرسالته الوسطية، فسار الطيب بعزم لا يلين دفاعًا عن نبينًا ﷺ وانتصارًا لقيم العدل والإنصاف التي جاء بها الإسلام كدينٍ للناس كافة.

هذا الفارس الذي ما كان ليصمت وقت أن أشتد الوجع وزاد الألم بجسد الإسلام، نتيجة هذه المحاولات الدنيئة للإساءة لرسولنا ﷺ لم تنسه حميته وغيرته؛ أن يُحكِم القبضة على زمام الأمور ويرشد غضب المسلمين المشروع بسبب الإساءة لنبيهم ليقدم به نموذجًا للثورة الأخلاقية الحضارية التي تستخدم الأدوات القانونية وترتكن على القيم الإنسانية في الرد على المسيئين، ولم يتركهم عرضة الإنجراف لمعركة يقف خلفها الشيطان يبث روح الفتنة والبغضاء ليقودهم إلى التهلكة، فما تبع غوايته سوى قلة مارقة عن تعاليم ديننا الحنيف، والإسلام منهم براء براءة الذئب من دم بن يعقوب، مهما حاول البعض من أعوانه إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام لينفخوا في نار وقودها أمن واستقرار المجتمعات، ليحققوا مآرب أخرى، كما فعل إخوة يوسف ووضعوا الذئب في قفص اتهام لسنوات في دم هو منه براء، على صاحب الدم المكذوب وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.

هذه المعركة التي لا خلاف عليها بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم والتي وقف - الطيّب - فيها حاملًا مسئولية الدفاع عن مقام النبي ﷺ وعلى كتفيه أمانة مشاعر ملياري مسلم حول العالم، والذين يتألمون لمحاولة الإساءة لرسولهم ﷺ لم تسلب منه روح العدل المبني على المساواة والرحمة، فغضب للدماء التي أريقت والأشلاء التي مزقت على يد البعض ممن استهواهم خطاب الكراهية "كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران"، فجسد بذلك رسالة الإسلام السامية، مستعينًا بسلاح العقل والبراهين والحجج المنطقية في الرد على الإساءات التي يقف خلفها ازدواجية في التفكير وأجندات ضيقة، وتستر برداء الحرية البالي، فمزق الطيب هذا الرداء ليكشف للعالم دعاءة الكراهية الذين يتسترون خلفه، ولم يكتف بهذا الحد بل كان أول المتصديين لهم بالحكمة ليمنع الناس من سمومهم، فصدع بالحق فاهتز عرش الإليزيه إجلالاً وتقديرًا لمكانة نبينا الكريم ﷺ.