رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تصالح ولو منحوك الذهب.. لماذا يرفض المصريون التصالح مع الإخوان؟ (تقرير)

الجماعه الارهابية
الجماعه الارهابية

على مدار تاريخها الدموي منذ أن أسسها حسن البنا ‏1928 والجماعة الإرهابية لا تكف عن اللجوء لورقة المصالحات والمراجعات المرة تلو الأخرى٬ ولا تلجأ الجماعة لهذه الورقةــ التي أثبتت كذبها دائماــ إلا في أوقات ضعفها خاصة على مستوى الشارع المصري.

ومن أول اغتيال القاضي أحمد الخازندار عام 1948، وخروج البنا في بيانه الشهير بأن مرتكبي الحادث "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين"، رغم أن من نفذ اغتيال الخازندار كانوا أعضاء بالتنظيم السري الخاص الذي أسسه البنا، وكان على رأسه عبدالرحمن السندي٬ مرورا بمخططات سيد قطب لإغراق الدلتا من خلال تفجير القناطر الخيرية٬ وأكثر من محاولة لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر٬ ثم اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات خلال العرض العسكري للاحتفال بنصر أكتوبر 1981، وصولا إلى منصة رابعة وكان الهتاف الأبرز والأشهر لمحمد البلتاجي: "ما يحدث في سيناء سيتوقف بعودة محمد مرسي للحكم".

ورغم كل هذه الدماء التي أراقها أعضاء الجماعة الإرهابية٬ إلا أنهم في كل مرة يضيق عليهم الخناق ويلفظهم العالم يطرحون مبادرات للتصالح أو المراجعات٬ وكان آخر هذه المبادرات ما طرحه شباب الجماعة للتصالح مع المصريين٬ تلك المبادرة التي تقدموا بها العام الماضي٬ وأعلنوا فيها اعتزال العمل السياسي مقابل الإفراج عنهم من السجون.. وعلينا أن نقبل ونتصالح على كل الدماء التي أراقوها٬ وكل الأرواح التي أزهقوها٬ وكل الحرائق التي أشعلوها خاصة حرق الكنائس.

وفي أكثر من حديث له أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أن مسألة التصالح مع الجماعة الإرهابية هي بيد الشعب المصري٬ وهو قرار متروك لرغبة المصريين٬ وهو ما يبدو محسوما بالنسبة للقطاع الأكبر منهم، فعن أية مصالحات يتحدث الإخوان الإرهابيون؟ ومن يمكنه أن ينسى دماء شهدائنا في الواحات والفرافرة٬ وكرم القواديس والشيخ زويد٬ والعريش وشمال سيناء؟٬ بل كيف يمكن لأم ذاك الفتي الذي لا ناقة له ولا جمل في السياسة أو الحكم٬ لا في الإسلام السياسي ولا الديمقراطية ولا شيء من هذا٬ أن تنسى ما حدث؟ ذاك الفتي الذي كان يغادر السنتر التعليمي بعدما أنهى درسه الخصوصي استعدادا لامتحانات الثانوية العامة٬ وأي أحلام كانت تراوده حول مستقبله وفرحة والديه عندما يعبر الشهادة الأصعب في التعليم المصري.

ففجأة أحلام الفتى تبعثرت بخرطوش صوبه أحد المشاركين في مظاهرة للجماعة الإرهابية٬ في أعقاب ثورة 30 يونيو٬ وكانت تمر بشارع الخليفة المأمون٬ سقط الفتى صريعا ولم يلحق حتى أن يصل للمستشفى٬ فهل يصالح والدا هذا الفتى وينسيان دماء ولدهما؟!

هذه الحادثة والتي كنت شاهدة عيان عليها٬ مجرد مثال على آلاف الجرائم التي ارتكبتها الجماعة الإرهابية٬ فعن أية مصالحات يتحدثون٬ أم هي المراوغات التي تلجأ إليها الجماعة كلما لفظها الشارع٬ خاصة بعد وضعها على قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة في دول عديدة حول العالم؟.

بل وكيف أصالح أنا في دماء شاب آخر كان يقضي مدة تجنيده٬ وسقط غارقا في دمائه تحت قدمي٬ لحظة أذان مغرب رمضان دون أن يبل صومه برشفة ماء٬ خلال الحظر الذي شهدته مدينة ملوي بالمنيا٬ أثناء ذروة العمليات الدموية التي قادتها ونفذتها الجماعة الإسلامية في التسعينيات٬ ألم تخرج هذه الجماعة من عباءة الإخوان الإرهابية؟٬ ألم يكن ولا يزال دستورها ومنهجها أفكار سيد قطب عن الحاكمية وتكفير المجتمع الذي يراه في جاهلية ثانية؟!

أجل كانت هذه اللحظة الفارقة في عمري وثأري الشخصي مع هذه الجماعات الإرهابية.. ذاك الفتي حصاد عمر أمه الريفية الشقيانة٬ يضيع حلمها وعمرها كله برصاصة غادرة أورثت قلبها وروحها حسرة ووجعا يلازمها حتى الممات.