رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خاص- «زبانية حزب الله».. شهادات ضحايا جماعة «النهي عن المنكر» في لبنان

جريدة الدستور

شهادات خاصة من لبنانيات لـ«أمان»:
- يضربون الفتيات والنساء في الشوارع على أقدامهن ويطالبوهن بارتداء الحجاب ويعتدون على من يسمع الأغاني أو يشرب «شيشة»

- تتمركز تحركات لجان الجماعة بالقرى القريبة من الحدود اللبنانية السورية في البقاع

- لبنانيون ضحايا لهذه اللجان: حلم لحزب الله منذ 2005 ورفضتها الأحزاب والحكومة لكنها تتحقق الآن في ظل الفوضى الأمنية

- أحد شيوخ دار الإفتاء اللبنانية يرد: «هل تريديون اغتيالي إذا تحدثت!»



- محررة موقع «أمان»: مساء الخير
- أحد شيوخ دار الإفتاء اللبنانية: وعليكم السلام

- محررة موقع «أمان»: نعمل في صحيفتنا على قصة خاصة بظهور لجان تسمى «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في لبنان رغم الأوضاع الصعبة التي تمر بها الجمهورية، ونريد تعليقك، خاصة أن لدينا شهادات موثقة للبنانيات/ لبنانيين في هذا الشأن.
- أحد شيوخ دار الافتاء اللبنانية: هل تريدين أن يتم اغتيالي وأسرع في إغلاق المكالمة والهاتف!



كان من المفترض أن تكون هذه المحادثة هي نهاية قصتنا في «أمان»، لكننا فضلنا البدء بها لمعرفة إلى أي مدى وصل الأمر الذي بدا لنا بمعلومات مبدئية، على الرغم من الأوضاع الكارثية في لبنان وتعقد الوضع السياسي والحكومي منذ انفجار مرفأ بيروت بشحنة نترات الأمونيوم.

المعلومات التي وصلتنا تفيد بظهور دوريات لأفراد يحملون أسلحة وعصي داخل سيارات جيب متنقلة، يضربون من يسمع أغاني ويطالبون الفتيات بارتداء ملابس كاملة، والقبض على الشباب من المقاهي ممن يشربون «الشيشة»، ورغم أن الموضوع غريب خاصة في ظل تلك الأوضاع الصعبة بلبنان، إلا أنها أخبرتنا بأن كل كارثة تنضح بما هو جيد وسيئ.

«أمان» حصل على شهادات ومقاطع فيديو من شهود عيان تعرضوا لمواقف مباشرة مع لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسردوا ما حدث وماذا فعلوا، وحفاظاً على سلامتهم الشخصية خوفاً من المطاردة سيتم نشر أسماء حركية بدلا من أسمائهم الحقيقية.

البداية كانت بمقطع فيديو يوضح وجود مسلحين يهاجمون منازل في البقاع شمال جنوب لبنان، خلال الاعتداء وضرب عدة نساء وفتيات كنّ أمام منزلهن مع باقي أفراد أسرهن، وحسب عدة مصادر مختلفة أكدت لـ«أمان» أن تلك الجماعات تأتي من الداخل السوري وتدخل لبنان بهدف البطش والنهب تحت حماية وغطاء من حزب الله، لكن ما أشارت إليه النساء ممن تحدثن أنها لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولرفض الدولة اللبنانية إنشاء هذا النوع من اللجان ينفي حزب الله ظاهريا علاقته بها، لكن الحقيقة بدت غير ذلك.

الفتيات والنساء في الفيديو تواصل معهن «أمان»، وسردن تفاصيل ما حدث، وكانت البداية من عند ليلي المحسن، 32 عاما، تعمل معلمة في إحدى حضانات الأطفال ببلدة صغيرة بالقرب من الحدود اللبنانية السورية في البقاع، وأوضحت أن أمر تلك اللجان قديم يتجاوز عدة سنوات، حيث كانت في البداية تأتي للنهب وسرقة السيارات والمحال لكل أسرة شيعية لا تنتمي إلى حزب الله، موضحة أن الأمر تطور لفرض تقاليد معينة علينا كرجال ونساء.

وأشارت ليلى، لـ«أمان»، إلى أن تلك الجماعات تتحامى في حزب الله منذ عدة سنوات، وأصبحت تتعامل بوقاحة كبيرة مع أبناء وبنات البلدة والقرى المجاورة القريبة من الحدود أو تلك التي تقع في الجنوب.

وعن الحادثة الشهيرة، قالت إن أخاها وأبناء خالتها وخالها كانوا يجلسون أمام منزلهم وبجوارهم «سماعة كاسيت» ويستمعون للأغاني ويدخنون، مضيفة: «فجأة سمعنا صوت سيارة وشتائم، وأخي وأقربائي يقولون: "إيش في إيش نزل السلاح.. لأ" فهرعت أمي وخالتي وزوج خالتي ونحن خلفها باتجاه الخارج لنرى ما الذي يحدث وعن أي سلاح يتحدثون، وعندما خرجنا صرخت أمي من الخوف من مشهد الأسلحة، وراحت تقول: "يا ويلكم من الله ما تقربوا على ابني"، وفوجئنا بأن أحدهم سب أمي وطلب منا أن ندخل إلى المنزل مصوبين السلاح نحونا، فلم تتمالك بنت خالتي الأمر وراحت ردت له الإهانة، وإذ بهم يتعدون عليها بالضرب والسباب والتهديد، وقال أحدهم بصوت عالٍ: "روحوا إلبسوا الحجاب وغطوا حالكم"».

الشهادة الثانية كانت من ابنة خالتها صفا العلي، 39 عاماً، حيث قالت: «والدتي قالت إن الوضع في لبنان أصبح مرعباً، فحتى اللجوء إلى الأمن لم يعد مفيداً، فمن يتجاوز بحق حزب الله أو أتباعه يلاقي تهديدا ووعيدا وأحيانا تصل الأمور إلى حد الإرهاب والاختطاف».

وأضافت، لـ«أمان»، أنها واجهتهم عدة مرات أثناء توجهها إلى مقر عملها في منتصف قرية بعلبك، حيث يقومون بضربها بعصا على أسفل قدمها، مطالبينها بارتداء حجاب وملابس طويلة وواسعة، وأن كثيرا من زميلاتها وصديقاتها وقريباتها واجهن أمورا مشابهة للتي واجهتها، مؤكدة أن الأمر لا يتعلق بالفتيات فقط عندما يرتبط الأمر بحزب الله والمسلحين التابعين لهم، حيث إن كثيرا من الأسر لا يعرفون أماكن أبنائهم الشباب، لأن حزب الله يجندهم مع أول خروج لهم من الدراسة التوجيهية، وإن كانوا من أسر فقيرة لا يلتحقون بالتعليم ويأخذهم في أعمار قد تبدأ من سن 14 عاماً.

واستكملت صفا بأن تلك الأمور كافة لا يستطيع الجيش اللبناني الوقوف أمامها وحيداً، فقبل ثورة سوريا كان حزب الله كيانا ضخما، ويمتلك أسلحة قد تتجاوز في صلاحيتها وفي حداثتها التي يمتكلها الجيش اللبناني بدعم من سوريا وإيران وآخرين، وأخيراً أصبح هناك دعم قطري للحزب.

وتقول الفتاة اللبنانية ضحية لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «نحن لم نعد نفهم ما الذي يجري في سوريا، والآن على حدود وأطراف قرى لبنان نجد صناديق للأسلحة عليها أعلام قطرية لحزب الله، وفي نفس الوقت نسمع أن قطر تمول داعش والجماعات الإرهابية في سوريا، فلم نعد نفهم ما الذي يحدث حقا».

الأب «م.ع.س»، 59 عاماً، قال إن قرى لبنان التي تقع على الحدود تواجه مخاطر عدة، وعادة ما تكون مليئة بالسلاح والمشاكل والمخدرات، وتلك الجماعة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هي حلم من أحلام حزب الله منذ عام 2005، حيث إنهم أقاموا مؤتمرا في ذلك الوقت لإعلان إنشاء تلك اللجان، مضيفا: «كان ذلك التجمع في بلدة دردغيا، وكانوا يقولون حينها إنهم سيقيمون في كل بلدة، إلى جانب جعل أسبوع من كل شهر يجتمع فيه الأئمة والشيوخ لتحديد أوجه المنكر والفساد والأشخاص للنهي عنها، ودثر الظواهر الفاسدة في المجتمع».

وتابع لـ«أمان»: «أتذكر تلك الواقعة، حيث رفضت كافة الأحزاب اللبنانية ومجالس حقوق الإنسان والحكومة هذا الأمر، ونددت بأن ما يسعى له حزب الله هو شرطة دينية في لبنان لقمع الشيعة والمسلمين الذين لا ينتمون له ولا يشاركونه نظرته، واعتبرت أن هذا القرار الذي يسعى إليه حزب الله خارج عن القانون، ويراد منه التجسس على الأفراد والمواطنين في الجنوب اللبناني الذي يقع بشكل كبير تحت قبضة الحزب».

واختتم حديثه: «نشعر كأننا في دولة أخرى.. نحن غير قادرين على فتح أفواهنا بحرف واحد لرفض أي تصرف يحدث من قبل أفراد وأتباع الحزب، أصبحت قرانا عبارة عن مرتع للمخدرات والأسلحة والفارين، وكثير من الأسر لا تعلم شيئا عن أبنائها، ويتعرض كثير من الفتيات للإهانة والضرب أحيانا إذا ما حدث أي شيء لا يعجبهم».

وأكد أنهم اشتبكوا مع الجيش منذ فترة، وفتحوا النار على عدة مواقع عسكرية ودورية في منطقة بعلبك بسهل البقاع (شمال شرقي البلاد)، ما أسفر عن مقتل جندي، مضيفا: «ليس بعلبك فقط، بل تم إطلاق النار باتجاه دورية للجيش ومراكز عسكرية في طلبا وبريتال والخضر ودورس».
لمشاهدة الفيديو..