رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكاسب إسرائيل من وراء حادث معهد الأورام

جريدة الدستور

تحليل دلالات الخطاب الصحفي الإسرائيلي

بعيدًا عن الإيمان بنظرية المؤامرة بأن إسرائيل هي من تقف وراء كل ما يحدث من دمار وخراب في مصر، إلا أن التحليل المنهجي للخطاب الإعلامي لا يعتمد بالأساس على هذه النظرية ولا يأخذها بعين الاعتبار رغم احتمالية وجودها بالفعل نتيجة لمرجعيات دينية وتاريخية متأصلة في الفكر العقدي اليهودي ازاء كراهية اليهود لمصر. ومن هذا المنطلق قمت بعمل قراءة تحليلية تعين صانع القرار المصري للوقوف على أبعاد ودلالات الحادث الإرهابي الذي وقع في محيط معهد الأورام بالقاهرة ومكاسب اسرائيل وقياداتها من ورائه في ضوء تحليل الخطاب الصحفي الإسرائيلي على النحو التالي:

في ضوء تحليل البعد الزماني للخطاب توقفت عند توقيت وقوع الحادث الإرهابي، حيث جاء تزامنًا مع تقرير نشرته صحيفة " ذا ماركر " الإسرائيلية تحت عنوان "مصر تقترح مبادرة جديدة لـ صفقة القرن"، تحدثت خلاله الصحيفة عن المبادرة التي اقترحها الرئيس عبد الفتاح السيسي على جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي أثناء جولته إلى الشرق الأوسط بأن تتضمن صفقة القرن المبادرة العربية للسلام بعد تكييفها من قبل الجامعة العربية لتناسب المتغيرات الجديدة منذ عام 2002، وهو ما افسد على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته الرامية لتشجيع القادة العرب على حضور مؤتمر كامب ديفيد الذي كان من المزمع عقد في واشنطن قبل اجراء الانتخابات الإسرائيلية للاعلان عن الشق السياسي لصفقة القرن. وهو الأمر الذي بدوره افشل مخطط كوشنر وفريقه على منح هدية جديدة لـ بنيامين نتنياهو لتدعيمه أمام ناخبيه قبل إجراء الانتخابات الإسرائيلية في سبتمبر المقبل.

علاوة على ذلك، ففي صباح يوم وقوع الحادث الإرهابي بمحيط معهد الأورام، انعقدت الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية في ايلات، وهو ما دفعني لطرح تساؤل لماذا ايلات تحديدا في هذا التوقيت، ومن المفارقات أن الجلسة الحكومية قد خرجت بمصادقة نتنياهو على خطة تقدر ب 530 مليون شيكل لتنمية إيلات وتحسين الخدمات في مجاﻻت السياحة والمواصلات والصحة وهو ما بدوره يشير الى احتمالية أن تستغل اسرائيل للترويج للسياحة في ايلات بدلًا من زيارة السائحيين الإسرائيليين للأماكن السياحية في مصر لقضاء فترة العطلات والأجازات، حيث تتمتع سيناء برواج سياحي بين أوساط الإسرائيليين عن ايلات نفسها.

ومن ناحية أخرى، تعمدت هيئة البث الإسرائيلية الموجهة باللغة العربية توظيف نظرية التأطير الإعلامي لخدمة أهداف نتنياهو المرجوة بالنيل من حماس وتقليب القيادة المصرية عليهم، حيث نشرت خبرًا تحت عنوان السلطات المصرية تحتجز مسؤولًا أمنيًا في شرطة حماس يدعى العميد "سامي سليم صالح" دون أن ترد أسباب تهمة الاحتجاز، فيما أشارت في الخلفية ذاتها في الخبر إلى مقتل تسعة عشرون شخصا وجُرح ثلاثون اخرون في وسط القاهرة اثر انفجار مركبة، مع إبراز تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ذات السياق أن بلاده تقف الى جانب الشعب المصري في معركته ضد الإرهاب، وأنه قد بعث ببرقية تعازي لأسر ضحايا الاعتداء الإرهابي.

في سياق متصل، أبرزت كذلك هيئة البث الإسرائيلية نبأ إجباط جهاز الأمن العام الشاباك بالتعاون مع الجيش والشرطة الإسرائيلية مؤخرا، لإعتداء إرهابي خططت لارتكابه حركة حماس في القدس، وذلك بعد العثور على عبوة ناسفة جاهزة بوزن ثلاثة كيلوجرامات، حيث تم ضبطها خلال عملية اعتقال احد سكان المدينة ويعمل نشيطا في الكتلة الاسلامية في معهد البوليتكنيك في المدينة، فهذا التوقيت لنشر عملية الاحباط التي قام بها الشاباك منذ شهرين يحمل بين طياته دلالات عديدة لما وراء السطور.

وعلى جانب آخر، استغل وزراء حكومة نتنياهو الحادث الإرهابي في مصر في التخديم على دعوة الحريديم لوجوب اتباع إسرائيل لقوانين الشريعة والتوارة، حيث رد وزير المواصلات اﻻسرائيلي بتسلئيل سموتريش المعروف بإنتماءه لليمين الديني على تصريحات ليبرمان الهجومية ضده على مواقع التواصل اﻻجتماعي على خلفية دعوته لوجوب اتباع اسرائيل لقوانين الشريعة والتوراة حيث قال سموتريش ردا على ليبرمان:من المحزن انه في ذروة ايام الحداد لدى المصريين بعد مقتل 19 شخص في هجوم ارهابي.. ثمة أشخاص من بيننا يذكروننا باﻻزمة الرهيبة التي ادت فقط الى الكراهية بسبب تصريحات ﻻبيد ضد الحريديم وفي المساء بتصريحات ليبرمان..وفي ضوء تحليل تصريحات سموتريش نجد أن لها دﻻﻻت عميقة تحمل بين طياتها تضامن من الحريديم مع جماعة الإخوان اﻻرهابية التي تتوافق أيديولوجيًا معهم في تحويل مصر إلى دولة دينية على شاكلة الدولة اليهودية التي يسعى اليمين الديني لإرساءها في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.

*المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي