رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالرحمن سوار الذهب.. جنرال الدعوة والسياسة

عبدالرحمن سوار الذهب
عبدالرحمن سوار الذهب

تمتد جذوره العريقة للعباس ابن عبدالمطلب عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وربما كان لنشأته الدينية والعسكرية أثرها الكبير في قراره الفريد بترك السلطة طواعية، ليكون بذلك الرئيس العربي الوحيد الذي فعل ذلك من تلقاء نفسه في زمنه، ولذلك كان له تأثير كبير لدى كل من تعامل معه في جميع أنحاء الدول العربية التي نال مصداقية شعوبها قبل نخبتها السياسية، ولذلك لقبه السودانيون بـ"الوفي الأمين".

يذكر المقربون من الرئيس السوداني الراحل عبدالرحمن سوار الذهب أن أجداده هاجروا من مكة المكرمة لشمال إفريقيا ثم الأندلس، وانتهى بهم المطاف إلى مصر واستقروا فى أسوان، ثم انتقلوا إلى دنقلا بالسودان، حيث أسس جده الأقدم محمد عيسى مسجده ومعهده الدينى، وهو الذى أدخل رواية أبى عمر الدورى للقرآن الكريم إلى السودان، كان ذلك منذ 500 عام، كما روى المؤرخ المغربى التلمسانى الذى قابل جده.

ارتبط اسم سوار الذهب بالعمل الدعوي والإنساني بجانب عمله العسكري، سواء داخل السودان أو خارجه، وأهّله تاريخه لأن يكون رجلا من زمن آخر، فقد كان شاهدا على انفصال الجزء الجنوبي من المملكة المصرية، حيث ولد سوار الذهب في مدينة الأبيض السودانية عام 1935، وسلك طريق التعليم العسكري فالتحق بالكلية الحربية السودانية وتخرج فيها عام 1955، بعد عام عن انفصال السودان عن مصر.

درس العلوم العسكرية فى كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الأردن، وكان لنشأته وتاريخ أسرته أثر كبير في علاقاته بمصر التي حصل منها على كلية القادة والأركان ثم زمالة كلية الحرب العليا.

اشتهر سوار الذهب بكونه ضابطا عسكريا محترفا وعلى قدر عالٍ من الكفاءة، كما عرف إلى جانب ذلك بتدينه الشديد دون أن يعرف له انتماء سياسي لأي فصيل أو جماعة سياسية أو طائفة بالسودان، فكان يردد دائما: "إنني شخصيا غير منتمٍ لأي حزب سياسي سوداني على الإطلاق".


أهّلته كفاءته العسكرية للحصول على رتبة فريق، ثم شغل منصب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، ثم ما لبث أن اختير وزيرا للدفاع في عهد الرئيس جعفر النميري عام 1985.

بروز نجمه

برز نجم سوار الذهب خلال انتفاضة الشعب السوداني ضد حكم المشير جعفر النميري، واجتمع مع قادة الجيش ليعلن انحياز القوات المسلحة إلى جانب الشعب، في السادس من أبريل عام 1985م.

وحمل على عاتقه عهدا أوفى به أمام الشعب السوداني، بقيادة البلاد في مرحلة من أكثر مراحلها حرجا، وتسليم السلطة بعد وصولها لبر الأمان لسلطة مدنية، ففي صبيحة السادس من أبريل 1985م قال سـوار الذهب في البيان رقم "1":

"لقد ظلت القوات المسلحة خلال الأيام الماضية تراقب الموقف الأمني المتردي في أنحاء الوطن، وما وصل إليه من أزمة سياسية بالغة التعقيد، إن قوات الشعب المسلحة، حقنا للدماء وحفاظا على استقلال الوطن ووحدة أراضيه، قد قررت بالاجماع أن تقف إلى جانب الشعب واختياره، وأن تستجيب إلى رغبته في الاستيلاء على السلطة ونقلها للشعب عبر فترة انتقالية محددة، وعليه فإن القيادة العامة تطلب من كل المواطنين الشرفاء الأحرار أن يتحلوا باليقظة والوعي وأن يفوتوا الفرصة على كل من تسول له نفسه اللعب بمقدرات هذه الأمة وقوتها وأمنها".

وبالفعل بعد عام واحد تنتهي حقبة عبدالرحمن سوار الذهب، في عام 1986، ليترك السلطة وإدارة شئون الدولة للصادق المهدي الذي تولى دفة القيادة من جديد ليتفرغ بعدها للعمل الدعوي.

عشقه لمصر

تحتل مصر مكانة خاصة لدى الرئيس السوداني الراحل، فمن أقواله:

"إذا ما حاولنا أن نحصي أفضال مصر على السودان لا نستطيع أن نوفيها.. تظل في طموحنا دائما الوحدة مع مصر ووحدة شعب وادي النيل، وأشيد بالدور الذي يقوم به المصريون الذين يعملون في السودان، سواء الكوادر الطبية والهندسية أو الفنيين وغيرهم من التخصصات؛ لما يشكلونه من دعم لجهود التنمية بالسودان وتنمية الكوادر البشرية في بلادنا".

عمله الدعوي

ترأس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي كان من إنجازاتها تشييد أكثر من 55 مدرسة ثانوية، و150 مدرسة ابتدائية ومتوسطة، وتشييد أكثر من 2000 مسجد في إفريقيا وشرق أوروبا، إلى جانب حفر أكثر من 1000 بئر للمياه، وتشييد 6 ملاجئ للأيتام والإشراف عليها في إفريقيا.

وكان نائبا لرئيس المجلس العالمى للدعوة بالقاهرة، ونائبا لرئيس الهيئة الإسلامية العالمية فى الكويت، ونائبا لرئيس "ائتلاف الخير" فى لبنان، ونائبا لرئيس أمناء مؤسسة القدس الدولية، وغيرها.

وكان عضوا فى وفد السلام بين العراق وإيران، وهو الذى أسس أول جامعة أهلية فى السودان وهى «أم درمان الأهلية»، وكلية شرق النيل، وأخيرا فقد ترأس منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء.

نظرته لعلاج التطرف

له نظرية ورؤية خاصة للتعامل مع التطرف، تتلخص في إدماج الشباب في العمل التطوعي والخدمي والاجتماعي، لحمايتهم من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب.