رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زينب الغزالي.. إمراة دعمت وخططت لـ"الفنية العسكرية"

جريدة الدستور

بين جدران منزل أزهري، تربت زينب محمد الغزالي الجبيلي، أحد قادة جماعة الإخوان الإرهابية، ورئيسة لجمعية السيدات المسلمات منذ عام 1937 وحتى قيام مجلس قيادة الثورة بحلها في عام 1964، ولها باع طويل في العمل الجهادي، كان والدها أحد علماء الازهر الشريف، وكان يسميها نسيبة بنت كعب تيمنًا بالصحابية الجليلة نسيبة، درست في على أيدي مشايخ الأزهر.

وحياتها مليئة بالمفارقات، ذلك حسبما نقل بدر محمد بدر، القيادي الإخواني والهارب خارج البلاد، وسكرتير زينب الغزالي مدة 15 عامًا، نشأة زينب الغزالي بقوله: كانت نشأة زينب الغزالي لها أثر كبير في حياتها فكانت من أسرة عبارة عن خلطة سياسية وثقافية عجيبة ومدهشة. ان بعض السياسيين يطلقون عليها أسرة الحكومة الائتلافية، لوجود عدة أطياف سياسية بين الأشقاء والشقيقات، كان الشقيق الأكبر المهندس سعد الدين. بعيدا عن السياسة، وتوفي في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وكان متأثرا ومتألما لاعتقال وسجن كبرى شقيقاته زينب.

وكان الشقيق الثاني على، وكيلًا لوزارة المالية المصرية، ومديرًا سابقًا للتكية المصرية في السعودية، وكانت ميوله السياسية مع الحزب الوطني القديم، الذي كان يتزعمه مصطفى كامل في أوائل القرن الماضي، وآخر من تولى قيادته هو الأستاذ فتحي رضوان المحامي الشهير ـ ثم تفاعل بعد ذلك مع حزب الوفد الجديد عند انطلاقته في ثمانينيات القرن العشرين.

وكان الشقيق الثالث هو الشيخ محمد الحسيني يجمع بين حبه الكبير للجمعية الشرعية، وكان الشيخ محمد قريبًا جدًا من حسن البنا، حتى إنه أوكل إليه مهمة الإشراف على شئون بيته وأسرته.

وكانت زينب هي الرابعة في ترتيب أبناء أسرة الغزالي الجبيلي ومعروف أنها قيادية في جماعة الإخوان المسلمين، ورئيسة لجمعية السيدات المسلمات منذ عام 1937.

وبعد حصولها على الثانوية طالعت في إحدى الصحف أن الاتحاد النسائي الذي تزعمته في تلك الآونة هدي شعراوي، القيادية النسائية المعروفة في مصر في ذلك الوقت، بتنظيم بعثة إلى فرنسا تتكون من ثلاث طالبات، فتوجهت إلى مقر الاتحاد والتقت شعراوي وعلى الفور سجلتها في جمعيتها، وهكذا انضمت للاتحاد النسائي، والذي كان وقتها صوتا عاليًا يطالب المجتمع بحقوق المرأة وأظهرت ترحيبًا بها. فزينب الغزالي خطيبة مفوهة تلقت الخطابة والإلقاء عن والدها، وراحت تقدمها لرواد الجمعية وتطلب منها أن تخطب فيهن. وكانت ترى فيها خليفتها للاتحاد النسائي. وسرعان ما وجدت زينب اسمها على رأس البعثة التي تمنتها لكن الله أراد لها غير ذلك.


لم يقتصر عمل جمعية النساء المسلمات على أعمال البر، بل اتجهت للعمل السياسي على خلاف شعار الجمعية المرفوع منذ تأسيسها، الذي لا يمكن فصله عن العمل الاجتماعي، واصطدمت بعد ذلك مع السلطة الحاكمة. وبلغ ذلك الصدام ذروته بالقبض عليها من منزلها في 20 أغسطس من عام 1965م.

وبعدها ساعدت زينب الغزالي السبب الرئيسي في تشكيل هيكل الشباب لوضع خطة إحدى العمليات المسلحة ضد السلطة في ذلك الوقت والتي عرفت إعلاميًا باسم، عملية الفنية العسكرية، فهي من وضعت اللبنة الأولي بعد معرفتها بصالح سرية، أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين الشابة التي نزحت لمصر من الأردن، حيث احتوته وأسرته وتولت رعايتهم بصفة شخصية، وعرفته على بعض الشباب الذين سعوا أيضا للتعرف عليها كمعرفة شخصية ككونها أمراءه تحدت الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، كما عرفت صالح سرية بالمستشار حسن الهضيبي المرشد الثالث لجماعة الاخوان المسلمين، والذي كان في أواخر حياته حيث شرح منهج وفكر الإخوان جيدا لسرية.

المرحلة الأخيرة من حياة زينب الغزالي أتاحت لها الانطلاق بمسيرتها الحركية والفكرية إلى قمة نضجها حيث ظهر ولعها الشديد بالقراءة والمطالعة والحركة أيضًا، فكانت تمتلك مكتبة ضخمة في سائر المعارف والعلوم الإنسانية والإسلامية والسياسية والأدبية، وكانت لا تفارق الورق والقلم واستطاعت أن تصوغ خلاصة فكرها في العديد من الكتب، كما ساهمت بمئات المقالات في الصحف والمجلات المصرية والعربية، كصحيفة الشرق العربي الجزائرية التي خصصت لها صفحة كاملة لثلاث سنوات متوالية. وفي مصر كانت تشرف على صفحة نحو بيت مسلم بمجلة الدعوة، التي كانت تصدرها جماعة الإخوان المسلمين ويشرف عليها مكتب الإرشاد في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وعبرت في هذا الركن بمقالاتها الثابتة عن فكرها الواضح في رفض مصطلح النسوية بسبب ارتباطه بالفكر العلماني الغربي والتحلل من القيم والاختلاط بين الجنسين وسفور المرأة.