رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الوجه الصهيوني لـ داعش".. العلاقات السرية بين إسرائيل وتنظيم "البغدادي"

جريدة الدستور

60 مقاتلا إسرائيليًا انضموا للتنظيم في سوريا.. ووثائق سرية تكشف بيزنس السلاح بين الموساد وأبوبكر البغدادي

نشرت مواقع فرنسية خبرًا يُفيد بإلقاء الأمن الأمريكي القبض على امرأة إسرائيلية متورطة في دعم تنظيم "داعش" الإرهابي، وتجنيد المزيد من العناصر لصفوفه داخل أمريكا.

تعرف هذه السيدة باسم وهيبة عيسى دياس، وعمرها 45 سنة، وهي مطلقة تعيش في ولاية ميتشيجن الأمريكية، وقد تم اكتشاف تبعيتها لداعش من خلال ترويجها للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر وتليجرام"، مما كان سببًا في القبض عليها والتحقيق معها تمهيدًا لمحاكمتها، تلك القصة التي فتحت الباب من جديد حول العلاقات السرية بين تنظيم داعش الإرهابي بشكل عام وإسرائيل.

إسرائيليون في داعش

لم تكن وهيبة هي الإسرائيلية الأولى أو الأخيرة التي انضمت لتنظيم داعش الإرهابي، بل هناك أعداد كبيرة من الإسرائيليين الذين أصبحوا أعضاء وقيادات بارزة داخل صفوف التنظيم الإرهابي، باعتراف من إسرائيل نفسها، فقد أعلنت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، في السابق، قيام الكيان الصهيوني بسحب الجنسية من 20 إسرائيليا بعد أن تأكد انضمامهم لتنظيم داعش الإرهابي، وقتالهم داخل صفوف التنظيم في سوريا، وبين هؤلاء الـ20 بعض من النساء منهم امرأة عمرها 28 من مدينة أشدود.

أبوحفص

ومن أبرز الإسرائيليين الدواعش "أبوحفض" الذي أصبح بعد انضمامه إلى داعش إماما لأحد المساجد في ليبيا، وقد تم القبض عليه في ليبيا في أغسطس عام 2017، وبعد التحقيق معه تبين أنه إسرائيلي ولديه جواز سفر يؤكد هذا، كما أنه كان ضابطا في السابق لدى الموساد الإسرائيلي.

كان الاسم الحقيقي لـ"أبوحفص"، بيامين إفرايم، وقد تحول إلى الإسلام وانضم لداعش في ليبيا، وأصبح مسئولا عن فريق داعشي مكون من 30 مقاتلا باسم التنظيم هناك.

عثمان أبوالقيعان

من ضمن الإسرائيليين الذين انضموا لداعش أيضا، عثمان أبوالقيعان، الرجل الذي درس الطب في الأردن، وبعد تخرجه عمل في مستشفى داخل إسرائيل، حتى انضم إلى تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 وبالتحديد في فرعه في سوريا، وقد قتل هناك في العام نفسه.

وقدّم الادعاء الإسرائيلي، أمس الأربعاء، لائحة اتهام ضد مهاجر يهودي قدم من بيلاروسيا بتهمة محاولة الانضمام إلى مقاتلي داعش في سوريا، حسبما أعلنت مصادر أمنية وقضائية.

فالنتين مزلفسكي

ومن أشهر الإسرائيليين على الإطلاق الذين انضموا إلى داعش، المدعو فالنتين مزلفسكي، ابن الـ39 عاما، الذي هاجر من بيلاروسيا إلى إسرائيل عام 1996.

دخل مزلفسكي الإسلام عام 2000، وكان أحد جنود الجيش الإسرائيلي قبل أن يتزوج سيدة عربية إسرائيلية مسلمة ويغير ديانته، ويترك عمله في الجيش.

ألقي القبض على فالنتين في فبراير عام 2017، بعد محاولة منه السفر إلى تركيا عبر طائرة بهدف دخول مناطق سيطرة داعش، وأحيل للتحقيق والمحاكمة بتهمة الانتماء لتنظيم داعش الإرهابي، وهو الأمر الذي اعترف به فعليا.

أعدادهم

يبلغ عدد الإسرائيليين المنضمين لتنظيم داعش الإرهابي، وفقا لتقارير للأمن الإسرائيلي، حوالي 60 شخصا على الأقل، منهم 2 كانوا على الديانة اليهودية دون أن يغيروها قبل الانضمام إلى داعش، و20 آخرين كانوا جنودا بجيش الاحتلال الصهيوني، و2 فقط قيل إنهم من عرب إسرائيل.

اعترافات

ألقت إسرائيل القبض على بعض ممن سافروا للقتال في صفوف داعش ثم عادوا إلى إسرائيل في سرية تامة، بعد أن تلقوا التدريبات المناسبة، ومن ضمن هؤلاء إسرائيلي تحدث عن بعض التعليمات التي حصل عليها من قبل التنظيم الإرهابي قبل العودة إلى الكيان الصهيوني من جديد، حيث أكد في اعترافاته، التي نشرتها مواقع إسرائيلية، رغبة التنظيم في معرفة معلومات دقيقة عن مواقع حساسة، كما طالبوه بتنفيذ هجوم انتحاري في إسرائيل لقتل أكبر عدد ممكن من اليهود.

علاقات داعش وإسرائيل

اتهام أساسي تم توجيهه لتنظيم داعش الإرهابي بالتبعية للكيان الصهيوني، وكان الدليل أن التنظيم لم ينفذ ولو عملية إرهابية واحدة منذ ظهوره تستهدف إسرائيل، على الرغم من امتلاكه فرعا قريبا من الحدود الإسرائيلية، وهو الفرع الموجود في سيناء تحت اسم "جماعة أنصار بيت المقدس".

وكي يخفف التنظيم من هذه الاتهامات، أعلن في يونيو عام 2017 مسئوليته عن تنفيذ عملية طعن في القدس، استهدفت شرطية إسرائيلية، مما تسبب في مقتلها على الفور، مطالبا مؤيديه في الأراضي الفلسطينية بتكرار هذا الأمر.

لم تكن تلك العملية ولا العمليات التي لحقتها، الممثلة في إطلاق صواريخ ضعيفة على إسرائيل، لتنفي عن التنظيم وجود أي تبعية له بإسرائيل وسط اتهامات تزيد كل يوم وتؤكد وجود هذه العلاقة، خاصة بعدما تردد علاج عناصر التنظيم الذين جُرحوا بنيران الجيش المصري داخل المستشفيات الإسرائيلية، ومن ثم عودتهم إلى المناطق الصحراوية التي يختبئون فيها بسيناء.

جاسوس إسرائيلي

وما أكد الأمر أكثر وأكثر تقرير نشره موقع "روترنت" الإسرائيلي، أوضح أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عرض حياة جواسيس إسرائيليين داخل صفوف داعش للخطر إثر إعطائه معلومات سرية إلى روسيا حول تحركات تنظيم داعش الإرهابي، وخططه المستقبلية لضرب استقرار روسيا انتقاما منه على تدخلاته في سوريا، ويؤكد هذا الأمر وجود أكثر من عنصر إسرائيلي بارز داخل صفوف داعش، وفي منصب مهم داخل التنظيم، كونه عرف معلومات شديدة الخطورة لا يستطيع أن يعرفها أي من الجنود العاديين داخل إسرائيل.

وثائق مندي صفدي

ومن الأدلة الدامغة على وجود تعاون واتصال بين إسرائيل وداعش، ما تم اكتشافه من مراسلات على جهاز مندي صفدي، وهو درزي إسرائيلي، ومستشار سياسي سابق لنائب وزير التعاون الإقليمي، أيوب قرا، مع عناصر من داعش، بعد اختراق حسابه الخاص من قبل أحد الهاكرز في يوليو عام 2015.

ووفقا لما تم تسريبه من جهاز الناشط الإسرائيلي البارز فقد تم التأكد من وجود اتصال إسرائيلي مع قادة في داعش، منهم شخص يدعى، أبومناف، في سوريا، وكانت هناك اتفاقات لتوريد سلاح إسرائيلي للتنظيم الإرهابي بسوريا، وهو نفس ما تم مع جبهة النصرة، وقد تم الاتفاق وقتها على توقيع عقد بيع الأسلحة في التشيك، إلا أن جبهة النصرة رفضت الأمر في حين رحب به داعش.

من ضمن المراسلات بين أبومناف الداعشي ومندي الصفدي، كانت بشأن الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حيث عرض الناشط الإسرائيلي أي مبلغ مقابل الإفراج عنه إلا أنه علم وقتها برغبة داعش في إعدامه، وقد اعترف بهذا الأمر في تصريحات صحفية له مع جريدة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية.

الحرب على حماس

تجلت العلاقات القوية بين إسرائيل وداعش من خلال العداء الكبير الذي يكنه التنظيم الإرهابي لحركة "حماس" الفلسطينية ذات العداء الدائم مع الكيان الصهيوني، وبرز هذا العداء الكبير من داعش لحماس من خلال عدة كتب أصدرتها لجنة الإفتاء والبحوث، ومؤسسة الوفاء، التابعتان للتنظيم الإرهابي؛ ليحرض عناصره في غزة على الدخول في حرب شرسة مع حماس، معتبرين إياها حركة مرتدة.

من أبرز هذه الكتب، كتاب "حماس وتسلسل الخيانة"، الذي يرصد حرب الحركة الفلسطينية على السلفية التكفيرية بغزة والقبض على قياداتها، وكتب أخرى بعنوان "غض الطرف إنك من حماس"، لمطالبة أعضاء الحركة بالانشقاق عنها، و"حماس في الداخل الصليبي"، الذي يرفض العلاقات الدولية للحركة الفلسطينية ويكفرها على أساسها، و"حماس شجرة أثمرت كل خبيث"، الذي ينتقذ المنهج الفكري والحركي للحركة الفلسطينية.

أما أبرز الكتب على الإطلاق، والذي تسبب في انشقاقات داخل داعش، هو كتاب تكفير الشيخ أحمد ياسين، الشهيد الفلسطيني الضرير الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء ذهابه لصلاة الفجر في 22 مارس عام 2004، وقد تسبب هذا الكتاب في موجة غضب كبرى داخل داعش، وصلت إلى حد مطالبة اللجنة المسئولة عن إصدار الكتب داخل التنظيم بالاعتذار عن هذا الكتاب، وهو ما لم يتم، مما أسفر عن بعض الانشقاقات.

عداء داعش لحماس، وتركها العداء مع إسرائيل، لم يقف عند الكتب فحسب بل وصل الأمر إلى حد شروع الحركة في محاولة اغتيال عدد من قيادات الحركة الفلسطينية، أبرزهم رامي الحمد الله، رئيس الوزراء الفلسطيني، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة، من خلال انفجار عبوة ناسفة أثناء مرور موكب خاص بهما في مارس الماضي، إلا أنهما نجيا من الحادث، وقام الأمن الداخلي لحركة حماس بغزة بالقبض على المنفذين وجميعهم من عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذي جندهم التنظيم لهذا الأمر.

لم يكن "الحمد الله" القيادي الفلسطيني الأول الذي حاول داعش اغتياله، بل تردد مسئولية التنظيم أيضا عن محاولة اغتيال محمد حمدان أبوحمزة، القيادي الحمساوي الذي تم زرع عبوة ناسفة في سيارته أثناء وجوده في بلدة صيدا بلبنان.

رد داعش

وبسبب كل هذه الملابسات التي تؤكد وجود علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين داعش وإسرائيل، والتي وصلت إلى حد تأكيد موقع أمريكي، يُعرف باسم "فيترانز توداي"، أن أبوبكر البغدادي، زعيم داعش، ما هو إلا عميل للموساد الإسرائيلي يهودي الجنسية اسمه الحقيقي "سايمون إليوت"، جعلته إسرائيل يؤسس داعش لتقسيم الشرق الأوسط، خرج زعيم داعش في رسالة صوتية مطولة، بتاريخ ديسمبر 2015، شن فيها هجوما شرسا على إسرائيل وتوعد باستهدافها لمحاولة تخفيف هذه الاتهامات التي تلاحق التنظيم.

في هذا الصدد، أكد منصور عبدالوهاب، الخبير في الشئون الإسرائيلية، وجود علاقة أكيدة بين إسرائيل وداعش، مشيرا إلى أن هذه العلاقة عبارة عن دعم لوجستي غير مباشر وغير معلن من إسرائيل لداعش كي تنفذ أجنداتها في المنطقة، وعلى رأسها تقسيم الشرق الأوسط، وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تحلم به أمريكا وإسرائيل.

وشدد "عبدالوهاب"، في تصريحاته الخاصة لـ"أمان"، على أن إسرائيل تعتبر من أكثر دول العالم أمانا من هجمات داعش وهجمات أي تنظيم إرهابي آخر، الأمر الذي يؤكد هذه العلاقة المستترة بين إسرائيل وكل التنظيمات الإرهابية المتطرفة في العالم التي ظهرت في العالم العربي.