رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العلاج بأسماء الله الحسنى.. اسم الله «الرفيق»

جريدة الدستور

أسماء الله الحسنى، ليست مجرد ألفاظ ينطقها العبد ويرددها، بلسانه، فتنحل عقد حياته؛ بل لا بد لذلك من عقد القلب عليها، والإيمان الكامل بأنها سر الله عز وجل في تسيير حياة عباده، فكل اسم من أسماء الله الحسنى يرتبط ارتباطًا وثيقًا بجانب من الحياة منفردًا، من ناحية ويتآلف مع أسمائه تعالى المطلقة والمقيدة، من ناحية أخرى؛ لتوحيد الله عز وجل بأمور الخلق والتدبير، فإذا ربط العبد نفسه بالله، تحققت في قلبه معاني الخضوع والانقياد لله وحده، فيصير أسعد الناس في الدنيا والآخرة، قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف: 180].

اسم الله الرفيق

قال ابن منظور في لسان العرب: الرفق : ضد العنف، وهو به رفيق لطيف، الرفق لين الجانب ولطافة الفعل، وصاحبه رفيق، وقال الجوهري في الصحاح: " اسم الرفيق مثل الصديق، وهو أيضا واحد وجمع، مثل الصديق. قال الله تعالى: ( وَحَسُنَ أُولَئِكَ  رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]... والرفيق أيضا ضد الأخرق.

كما عدّ القرطبي رحمه الله اسم الله الرفيق من الأسماء الحسنى لثبوته في الكتاب والسنة، وقال: "الرفيق: أي الكثير الرفق، وهو اللين والتسهيل، وضده العنف والتشديد والتصعيب، وقد يجيء الرفق بمعني الإرفاق، وهو إعطاء ما يرتفق به، قال أبوزيد: يقال رفقت به، وأرفقته بمعنى: وكلاهما صحيح في حق الله تعالى".
(انظر: المفهم، للقرطبي، الجزء السادس، صفحة 576)

وقد ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها؛ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "يَا عَائِشَةُ، إنَّ اللهَ رفيقٌ  يُحبُّ الرِّفقَ، ويُعطِي عَلَى الرِّفقِ مَا لَا يُعْطَي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ"

وتدور معاني الرفق حول اللين ولطافة الفعل، والحكمة التي تناقض الطيش، وهو صفة من صفات الله تعالى، المحبوبة له التي امتدح من اتصف بها من عباده، ووعد المتصفين بالرفق بأن يجازيهم بما هم أهله.

قال ابن القيم في النونية:
وهْوَ الرَّفِيقُ يُحبُّ أهلَ الرِّفْقِ، بَلْ  يُعطيهمُ بالرِّفقِ فَوْق أمَانِي


فإذا علم العبد أن من أسماء الله تعالى وصفاته "الرفيق"، التي تظهر في رحمته بعباده، في الدين والدنيا، ومن أبرز ملامح رفقه ورأفته بعباده أن أرسل إليهم رسله مبشرين ومنذرين، حتى يستقيموا على الطريق المستقيم ويسيروا في نور رسالته، وإذا علموا ذلك صاروا أحرص الناس على طاعته تحقيقا لمصلحتهم في الدنيا والآخرة، وظهر الرفق على جميع أفعالهم في تعاملهم مع كل الكائنات فلا تباغض ولا تشاحن ولا عداء، فيصير السلام واللين، هو السائد بين الجميع.

الأدلة على الاسم

رغم ورود الاسم في الكتاب والسنة، واتفاق العلماء على ثبوته نصًا، إلا أنه ليس ضمن الأسماء المشهورة على ألسنة الناس، وهو خطأ عقدي كبير، ومن الأدلة على الاسم في القرآن الكريم في قوله تعالى:
(وَحَسُنَ أُولَئِكَ  رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

وجاء في السنة في مواضع كثيرة، منها:
حديث عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه".
(صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، 2593)