رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبو بكر الزقاق.. ملهم الفقراء ومحارب الشهوات

جريدة الدستور

كما أن هناك أولياء مشهورين في مصر شهرة واسعة نظرا لعلمهم الغزير أو لقرابتهم من الرسول (صلى الله عليهم وسلم) أو لأن التاريخ كتب عنهم، يوجد آخرون أقل شهرة من الذين ظلمهم التاريخ بعدم الحديث عنهم رغم علمهم الكبير وتأثيرهم على الكثير من العلماء، من ضمن هؤلاء القطب الصوفي أبو بكر الزقاق الذي لم يذكر التاريخ الصوفي الكثير عنه رغم تأثر عدد كبير من مشايخ الصوفية بأفكاره.

اسمه الحقيقي أحمد بن نصر، من مواليد مصر، لقب بـ "الزقاق" بسبب قصة عجيبة وهي أن شاب كان يجري من الشرطة ومعه زق أي إناء به خمر، ودخل في الشارع الذي فيه الشيخ وطالبه بألا يخبر الشرطة أنه داخل هذا الشارع المسدود حتى لا يلقوا القبض عليه، ولماء جاءت الشرطة وسألوه فأبلغهم أنه داخل الشارع فلما سمع الشاب ارتعد إلا أنه فوجئ بأن الحائط انشق فأخفاه عن أعين الشرطة فشكر الشيخ الذي أخبره أن الصدق هو الذي نجاه، ومن هنا جاءت تسميته بالزقاق.

كان أبو بكر الزقاق من أثرياء مصر لدرجة أن فقراء الصوفية في مختلف أنحاء العالم العربي كانوا يأتون إلى مصر خصيصا لزيارته والحصول على بعض الأموال منهم التي تعينهم على الحياة، لدرجة أن بعض مؤرخي الصوفية مثل الكتاني قال أن فقراء الصوفية انقطعوا عن زيارة مصر بعد وفاة هذا الرجل.

كتبت بعض كتب الصوفية عن كرامات الشيخ أبو بكر الزقاق والتي جعلته من وجهة نظرهم وليا من أولياء الله الصالحين، ومن ضمن تلك الكرامات أنه لما كان في مكة اشتهى شرب اللبن فذهب إلى أرض عسفان فوجد إمرأة فعجبته واشتهاها لدرجة أنه نسى اللبن فهاجمته السيدة وقالت له يا أبا بكر لو اشتغلت بربك لأنساك شهوة اللبن، فبكى الزقاق بكاءً كثيرا، وندم ندما شديدا لدرجة أنه فقع عينه لأنها نظرت للسيدة بسوء، ولما نام حلم بسيدنا يوسف عليه السلام، فوضع يده على عينه، ولما استيقظ وجدها سليمة كما كانت وكأنه لم يفقعها.

توفى أبو بكر الزقاق عام 291 هـ في مصر، وله ضريح ليس شهيرا يتبرك به بعض الصوفية، ورغم وفاته إلا أن كلماته لا تزال مصدر إلهام لعدد كبير من الصوفية، فهو صاحب الحكمة الشهيرة " من لم يصحبه التقى في فقره أكل الحرام المحض"، وهو صاحب المقولة " لا يصلح الفقر إلا لأقوام كنسوا بأرواحهم المزابل"، ومن مقولاته أيضا عندما سأله أحدهم عن الصاحب والشروط الواجب توافرها فيه، فرد قائلا على سؤال "من أصحب؟"،، "أصحب من أسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ".