رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الشخصية المصرية».. روشتة أسامة الأزهري لاستعادة الثقة

الأزهري
الأزهري

حول المعالم الأساسية للشخصية المصرية أصدر مؤخرًا الفقيه الشاب أسامة الأزهري، المستشار الديني لرئيس الجمهورية، كتابه الجديد بعنوان "الشخصية المصرية.. خطوات على طريق استعادة الثقة " وهي المعالم التي يرى المؤلف أنها يجب استعادتها من جديد والتي شهدت في السنوات الأخيرة بعض الاهتزازات وهبت عليها رياح التغيير وهي التي لا تتسق مع نفسية الشخصية المصرية عبر تاريخها القديم وعلاقته بالتاريخ الحديث.

يقع الكتاب في 111صفحة من القطع المتوسط وصادر عن سلسلة "كتاب اليوم" الثقافية وينقسم إلى بابين الأول عن مكونات شخصية الإنسان المصري، والباب الثاني عن منظومة القيم التي تصنع سلوكه.

وشملت مكونات شخصية الإنسان المصري في كتاب الأزهري ثمانية مكونات رئيسية، وهي: التدين، واتساع الأفق، والثالث أنه معمر ويسعى للبناء والرابع أنه قوي الفكر والروح والخامس أنه قائد ورائد في مجاله والسادس أنه محب للعلم والاطلاع والسابعة يقدم الخير للإنسانية والثامنة والأخيرة وطني صاحب انتماء.

وذكر الأزهري القارئ بأن الإنسان المصري إذا دخل أي مجال من المجالات الفكرية والعلمية والإنسانية يصبح رائدا فيها بطبعه.. ففي الهندسة كان معماريا مبدعا، وإذا دخل في الفلسفة كان فيلسوفا كبيرا، وإذا تعامل مع الفيزياء كان مبتكرا ومكتشفا وإذا اقتحم مجالات العلوم الشرعية كان إماما جليلا، وإذا كان عسكريا كان قائدا مهيبا ناجحا ومهما اختلفت النواحي والاهتمامات التي يطرقها الإنسان المصري فنجده يتميز فيها ويبدع ويتألق.

واعتبر الأزهري أن التقادم لم يؤثر في شخصية المصري، فالقرون تجري في إثر القرون والعوالم تولد ثم تموت ومصر هنا في مكانها تبني وتعمر وتكتب وترسم وتنشد وتصلي وتتألق وتتوهج وتحبو ثم تتوهج، هي حكاية جميلة من ألف فصل مضت وألف فصل قادم.

ومن أبرز المكونات التي ناقشها الكتاب مكون بعنوان "إنسان متدين تدينُا يصنع الحضارة "، فقال:

"لا نستطيع أن نبين من شدة معاناة الإنسان المصري وضيق الأحوال التي يمر بها مدى اهتزاز معالم منظومة القيم لديه فنجده قد يضيق صدره حتى ربما نرصد بعض الأنماط الاجتماعية أو عددا من السلوكيات التي لا تتسق مع عمق التدين في شخصية الإنسان المصري ربما كان ساخرًا أو حادًا لكنه سرعان ما يستعيد الثقة بنفسه سريعا.

ويناقش في المكون الثاني معني "الإنسان الواسع الأفق "فينزل في رحاب مصر أبناء كل الشعوب المختلفة من العمق الإفريقي إلى كل الوافدين من المغرب العربي والقرن الإفريقي إلى كل ربوع الدنيا، مما جعله يخرج إلى آفاق واسعة يدرك من خلالها قيمة بلده فلديه من السعة والكرم مع الجميع في وطنه وخارج وطنه.

وتناول في الباب الثاني منظومة القيم المركزية التي تصنع سلوك الإنسان المصري المعاصر منها الدين والحضارة والأخلاق والوعي ويشرح ويبين علاقة مؤسست الرحمة وهي التي عرفها بمنظومة الأوقاف الخيرية والتي استمدت قوتها من القيم الحضارية للفكر الإسلامي عبر العصور ومنظومة السعة وتحولها إلي مؤسسات ومثل التعليم والتنوير وعلاقة ذلك بالعقل المسلم الذي تذوق قيم الجمال وكيف تحول ذلك إلى علم وثقافة ووعي صدرا العلم للدنيا كلها.

وحول مركز ثقل الإنسان المصري قال الأزهري في كتابه أن وعيه بدوره وتشغيله لمنظومة العلوم والمعارف والعلاقات جعلته يظل عبر تاريخه يدرك قيمته ومهمته ويقوم بأعبائه ويحمل على عاتقه لم شمل أمته وأشقائه وأن يقدر مجتمعه وأن يبادلهم الثقة بثقة.

وعن انتماء الإنسان المصري قال الكتاب إن الانتماء عند المصري دوائر بعضها أوسع من بعض والأكبر لا ينفي الأصغر، والأصغر منها لا يكر علي الكبير بالبطلان، ولا يقطع الروابط ولا الصلات مع أبناء الانتماء الكبير، انتماء الإنسان المصري انتماء لوطنه وانتماء لأمته العربية وعالمه الإسلامي لأنها دوائر متداخلة ومتحاضنة.

وحول منظومة القيم المركزية التي تصنع الوعي عند الإنسان المصري قال في الباب الثاني: إن الدين والحضارة جعلته يتعرف على قيمة العقل والمعرفة وجعلته يكشف ثلاثة مراتب للعقل والمعرفة ومنها العقل السطحي والعقل العميق والعقل المستنير.

وفي نهاية الكتاب يستعرض الأزهري محاور شخصية الإنسان فيقدم روشتة سريعة فيجعل محورها الأول العلاقة بين الإنسان وربه في العبادة ثم علاقة الإنسان بمجتمعه في الأخلاق والقيم ثم علاقته بنفسه وتزكيتها وتنظيم علاقته بالكون والعمران.

هي شبكة يفضي بعضها إلى بعض في النهاية ويشد بعضها عضد بعض وبها يمارس الإنسان حركة حياته فلا يظلم ولا يعتدي ولا يتخلف عن ركب الحضارة ولا يهدر الأوطان والإنسان والعمران.

ربما تأثر الشيخ أسامة الازهري بدراسات سابقة فأحال إليها في الهامش مثل كتاب الراحل جمال حمدان شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان، وكتاب ميلاد حنا الأعمدة السبع للشخصية المصرية، وكتاب المبدع الراحل "مصر ورسالتها" للدكتور حسين مؤنس، لكنه قدم وجبة سريعة للقارئ والمثقف المصري في كتابه الجديد الشخصية المصرية خطوات لاستعادة الثقة لكي يخرج بنا من أعباء المرحلة السابقة إلي رحابة أصولنا وركائزالمعرفة لدينا.