رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علامات استفهام حول حوار الأمين العام

عماد علي
عماد علي

استمعت إلى حوار الدكتور محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، والذي أجري معه على قناة الجزيرة بتاريخ 7 مارس 2018 بمناسبة ذكرى مرور تسعون عاما على تأسيس الجماعة، وقد أثار هذا الحوار بداخلي العديد من علامات الاستفهام، والكثير جدا من علامات التعجب، كما أثار احساسا بالغيظ يستعصي على الكتمان.

فالحوار الذي يصدر عن شخصية من أهم الشخصيات في الجماعة نظرا لموقعها القيادي، والذي يعبر عن حال أغلب قياداتها إذ يعد نموذجا لمن يحكم ويتحكم في جماعة بمثل هذا الحجم كما وانتشارا، كما يعبر عن جموع الاخوان التي ترى في تلك القيادات أنها ملهمة، هذا الحوار يعطينا دلالات معينة تستحق التوقف عندها:
فهو أولا يدل على أن الاخوان رغم كل ما حدث لم يتعلموا الدرس ، ولم ينتبهوا بعد إلى أنهم ارتكبوا ثمة أخطاء تستحق المراجعة ؛ فعندما سأله المحاور عن تلك الأخطاء أجاب بشكل قطعي بأن الإخوان لم يتركبوا أخطاء فيما يخص الشأن العام يوجب الاعتذار ولكنها اجتهادات، هكذا بكل غرور وجهل لا يرى في كل النتائج الكارثية التي حدثت لجماعته وللمجتمع المصري كله نتيجة سوء سياساتهم وممارساتهم خلال السنوات الست الماضية سوى اجتهادات لم يحالف بعضها التوفيق، وحتى إن كانت هناك أخطاء؛ فإن الأمين العام لا يرى أن الرأي العام يستحق الاعتذار عنها ، اذ يقول أن أدبيات الجماعة تقضي بعدم اعلان المراجعات فيما يتعلق بالمواقف السياسية واصلاح الأخطاء على الرأي العام.

كما يدل الحوار أيضا على جمود فكري وقف عند حد نظرية البنا لا يستطيع تجاوزها ، إذ يقول أن نظرية البنا وأفكاره صالحة حتى هذه اللحظة، وأن الخلافة َوأستاذية العالم لازالا هدفان رئيسيان للجماعة، فالإسلام ذاته الذي هو دين الله يبعث الله على كل رأس مائة عام من يجدده ويزيل ما علق به من شوائب في الفهم والممارسة ، لكن الاخوان يرون أن نظرية البنا لازالت صالحة لمدة قاربت على قرن من الزمان.

وعن التناقض في الحديث عن رؤية الجماعة للخروج من الأزمة ما يثير العجب؛ ففي حين يجزم بزوال النظام حتما عاجلا أم آجلا، فإنه وعند سؤاله عن ما قدموه لإنقاذ أعضاء الجماعة المحبوسين، أجاب بكل حزم أنه ليس لديهم أي وسيلة لإنقاذهم !!

كيف وأنت تقر بعجزك وقلة حيلتك في مساعدة من تسببت في زجهم في السجون بهذا الشكل تقرر مطمئنا بقرب زوال النظام ، أم هو النصر الذي تنتظره لمجرد أنك تدعي أنك من تمثل الاسلام !؟

حالة غريبة من انكار الواقع وغياب الوعي بتطورات الأحداث وتغير الواقع تسيطر على الجماعة ، ظهرت بوضوح في حوار الأمين العام لجماعة الاخوان؛ حيث يرى كما ذكرنا بقرب سقوط النظام، وأن الجماعة لن تسعى للحكم بشكل منفرد وقتها ولكنها ستشرك غيرها من التيارات السياسية في ذلك، ويرى أيضا أن الجماعة قد تعافت بشكل كبير عما سبق وأنها مستقبلا ستكون أقوى، وأن الأزمة الداخلية للجماعة قد انتهت والجماعة مستقرة، وأن الشعب المصري سينتفض لأجلهم، وغير ذلك من الأوهام التي تسيطر على عقولهم ولا يريدون التخلص منها.

هذا النموذج مجرد مثال لقيادات الجماعة يدل على طبيعة العقلية التي تدير جماعة كبرى كجماعة الإخوان كانت تحكم دولة مثل مصر بتاريخها ومكانتها ، لنعرف كيف ولماذا وصلنا لما نحن فيه ، وندرك كيف نخرج من هذا المأزق .