رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

4 أخطاء للمتطرفين بناءً على أحكام تكفير المجتمع

أرشيفية
أرشيفية


تنطلق الجماعات المتطرفة من قاعدة التكفير والحكم بالكفر فى إتجاهات خاطئة تخالف ما استقرت عليه النصوص الشرعية ودونته صفحات الفقه الإسلامى ونرصد هنا أبرز أربعة أشياء ترتبها هذه الجماعات بمختلف أطيافها بناء على الحكم بالكفر.
1- إهدار الدم وتبرير الاستباحة للمال والعرض والنفس.
وجمهور أهل العلم ومنهم ابن تيمية الذى يتخذه الإرهابيون شيخًا لهم وتلميبذه ابن القيم قالوا: أن قتل الكافر هو فى مقابلة الحراب لا فى مقابلة الكفر.
والقرآن نهى عن اهدار الدم والقتل بلا سبب فقال: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ" أى نفس بصفة عامة كما قال الأحناف لا يجوز قتلها إلا فى مقابلة استيفاء حق كقتل أو مقاتلة وهذا للمسلم وللكافر على السواء.
وقد اختارالشيخ"محمد أبو زهرة" رأي بن تيمية ورجح رأي جمهور الفقهاء بأن الأصل فى علاقة المسلمين بغيرهم هى السلم، والحرب طارئ؛ لدفع الضرر، والإعتداء فقال: إن النصوص القرآنية تسند هذا الرأي الذي اختاره بن تيمية وقرر أنه رأي جمهور الفقهاء لأن الدعوة الي السلم في القرآن هي دعوة مطلقة بينما اباحة القتال هي في كل النصوص مقيدة برد الاعتداء يقول تعالي ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) البقرة 208، ويقول تعالي ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الأنفال، ويقول تعالي ( فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) النساء، كل هذه النصوص تدعو الي السلام دعوة مطلقة غير مقيدة وهي تدل علي أن كل من يلتزم الحياد والسلم لا يقاتل وإن كان مخالف وبالتالي الأصل في العلاقة هو السلم حتي يكون اعتداء أو توقع الإعتداء
2- الإحتقار والكراهية والإهانة.
وهذا يرفضه الدين والإسلام رفضًا تامًا لا مماحكة فيه، فحكم الكرامة للإنسان كل الإنسان ثابت بنص القرآن الذى لامراء فيه حينما قال "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، ونهانا القرآن بشكل واضح عن سب عقائد من كفر بدين الإسلام فقال "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
وجاء فى الحديث الشريف: ليس المسلم بالسباب ولا اللعان ولا الطعان. ويقول ايضًا: المسلم – الحق هو – من سلم الناس – كل الناس المسلم وغيره – من لسانه ويده " فلا يؤذيهم بقول ولا بفعل.

3- التفرقة فى المعاملات المدنية والحقوق والواجبات.
والإسلام رفض التفرقة بين الناس فى الحقوق على أى اساس عقائدى رفضًا باتًا، حينما أنزل الله الآيات تنصف اليهودى المظلوم، وتنتصر له على المسلم الظالم؛ ليكون قانونا أبديًا وثابتًا من ثوابت الإسلام حيث سرق مسلم يسمى "بشير بن أبيرق"، درع رجل من الأنصار يسمى "رفاعة بن النعمان"، ولما تكلم الناس في الموضوع والسرقة خاف المسلم السارق "بشير"، فعمد إلى رمي الدرع في بيت يهودي يسمى "زيد بن السمين"، ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم ببراءته علانية، وإدانة اليهودى الذى بحوزته الدرع بالفعل، وهو ما فعله النبي صل الله عليه، فأنزل الله خمس آيات تنتصر لليهودى، وتعاتب رسول الله مع جلال قدره، وتضع اُسسًا متينة لكيفية التعاملات المدنية الصحيحة فقال الله فى سورة النساء" إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (106) وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109(
وفى ذات السورة يقول الله تعالى " ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(135﴾
فالعدل هو المبتغى بغض النظر عن الدين والعقيدة يقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" المائدة اية 8"


4- الحكم بدخول الجنة أو النار.
من غرائب هذه الجماعات أنها تحكم على من خالفنا فى العقيدة بالجنة أو النار، رغم أن أشد الفرق العقائدية فى الإسلام لا تسطيع أن تحكم على شخص معين بالجنة لكونه مسلمًا، ولا بالنار لكونه كافرًا، فالجنة، والنار هى ملك لله وحده، وليس لنا فيها شيئ، ومن ثم لايجوز الحكم بها على التعيين لأحد، فرسول الله حينما قُتل أحد اصحابه شهيدًا قالوا: قتل فلان هنيئًا له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يدركم – أى ما يدريكم أنه من أهل الجنة – فلعله تكلم فيما لا يعنيه أو بخل بما لا يغنيه. فهذا اعتراض من رسول الله على هذه الشهادة بالجنة لمسلم صحبه، وقتل شهيدًا، والجنة والنار غيب ليس لنا فيه شيئ، والله عز وجل يقول:"وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)(الأنعام:59) ويقول أيضًا:"عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(المؤمنون:92).