رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من هو وزير صحة «داعش» الذي حير الاستخبارات العالمية؟

حسين
حسين

كان "كفاح حسين"، وزير الصحة السابق لتنظيم "داعش"، من بين هؤلاء الذين شكّلوا الهيكل العظمي للتنظيم الإرهابي، وساعد في إنعاشه وتحويله خلال السنوات الأخيرة.

ألقت السلطات الأمنية التركية القبض على "حسين" في الشهر الماضي، بعد مغادرته التنظيم بـ6 أشهر، وبرغم من أنه في انتظار محاكمته بناءً على تهم لم تعلن بعد، إلا أنه يحافظ على الثبات الإنفعالي التي تصاحبه ابتسامة وثقة بالنفس، بحسب ما نقل عن "سي إن إن".

عمل الطبيب الذي يبلغ من العمر 39 عامًا، متدربًا لمعالجة الروماتيزم، وخدم لدى تنظيم "داعش" وتشكيلاته السابقة لحوالي عقدٍ ونصف، وبمعظم الوقت كان مخفيًا عن أعين الاستخبارات والجيش الأمريكي والحكومة العراقية.

تربى حسين في قرية تلعفر، بالعراق، تقع بين الموصل والحدود العراقية السورية، وبدأ الغزو الأمريكي في العراق عام 2003، وكذلك بدأ حسين التدريب في مجال الطب بالموصل، واستطاع العامل النفسي والبيئي أن يأثر في شخصيته، وتتمثل البداية من رؤيته لجيش أجنبي يحتل بلاده، وأيضًا تحوّيل عائلته طائفتها في السبعينيات من الطائفة الشيعية إلى السنية، والتزموا بالمذهب السلفي، وازداد غضبهم عندما شهدوا توالي الأزمة في أفغانستان وسقوط صدام حسين، وكلما ازدادت رحلة اصطياد الجيش الأمريكي لأتباع صدام حسين واستهدافهم للتمرد بمراحله المبكّرة، وفقًا لما ذكره أحد جيرانهم.

ويقول حسين إنه انضم إلى مجموعة "التوحيد والجهاد" عام 2004، المحموعة التي قادها أبو مصعب الزرقاوي، والتي سبقت بأيدولوجيتها تنظيم القاعدة في العراق، وتبنّى حسين الأيدولوجية التي مثّلها الزرقاوي، مضيفًا أنهم -هو ومن معه- شهدوا العديد من الأمور التي حصلت أمام أعينهم، من عمليات الاغتصاب والقتل والفساد وسرقة الأمريكيين للأموال.

يوضح حسين إنه ساعد المجموعة الجهادية المتشدّدة من خلال إدارة خدماتها الطبية، وكان دورًا سيحمل أهمية أفضل على مر عقد قادم من الزمن في العراق وسوريا، في وقت تحولت فيه حركة "التوحيد والجهاد" تدريجيًا إلى ما يسمى بـ "الدولة الإسلامية.

وفي أكثر اللحظات حدة بقتال العشائر السنية لتنظيم القاعدة في الفترة ما بين 2007-2008، قال حسين إنها كانت المرة الأولى التي واجه بها السلطات، حيث احتجز بالموصل ووفقًا لأحد المتخصصين بتظيم "داعش" اتهم بارتباطه بتنظيم القاعدة، لكن أفرج عنه بعد حكم قصير بالسجن ولم يلتقى معاملة سيئة، بوجود القوات الأمريكية، مما دفعت لارتفاع نشاط المقاتلين إلى نزول "داعش"، وعندما ضرب تنظيم "داعش" عام 2014، خرج حسين من الظلال، ويقول: "لم نكن خلايا نائمة، لكننا لن نشارك في المعارك لأسباب أمنية".

أما قول حسين لأحد الأطباء بالمستشفى إن "هروب أي طبيب سيعني إعدامه، أثناء تولي تنظيم "داعش" السيطرة على الموصل، ويتبين فكر التنظيم الإرهابي من خلال ما قاله هشام الهاشمي، وهو من أبرز الخبراء في تنظيم "داعش" بالعراق، إنه من المرجح بأن حسين وبمركزه قد شهد على أكثر نشاطات "داعش" رعبًا، موضحًا أنه كانت تتم عمليات الاتجار بالأعضاء وسحب الدم مًن يعدمهم التنظيم، وفي بعض الحالات تؤخذ الكلى، التي تكون للبيع، ويقول الهاشمي إنه على علم بهذا من قبل أشخاص تحدث إليهم ممن عاشوا في ظل احتجاز "داعش" لهم، وهذا ما أكده مسؤول سابق في محافظة نينوى، حيث سيطر "داعش" على مساحات واسعة، إن بعض الجٌثث التي حصّلت من المشارح بدأ أخذ الكلى منها.

وفي نفس السياق، يوضح الهاشمي، أن بعد شهرين من إحطام "داعش" السيطرة على المدينة، تركت الزوجة الأولى حسين، لتهرب إلى ما قد يبدو من أمن بغداد، وأرسل إليها خطابات بتهديدها بالاختطاف، حيث ارتبط حسين بزوجة ثانية، هي ابنة أحد المسؤولين بتنظيم "داعش"، وحيث أنها طبيبة بسلطة واسعة، بارزة بين كوارد "داعش"، وكما يعتقد بأن الطبيبة كانت من بين المجموعة الرئيسية التي أحيلت إليها مهمة معالجة قائد التنظيم أبو بكر البغدادي، بعد إصابته عام 2015، إلا أن حسين لم يملك رابطًا مباشرًا مع البغدادي، "لكن الأشخاص مثله، أطلق عليهم لقب الصندوق الأسود لداعش، لأنهم يملكون روابط للرابط الرئيسي وللقائد الأعلى، قد لا يملكون رابطًا مباشرًا لكنه يملك معلومات مهمة، وهم متدربون على القتل مقابل عدم الاعتراف بكل ما يعرفونه.

وخلال ذلك، يقول طبيب من دير الزور إنه التقى بحسين في أواخر ربيع عام 2016، إن حسين ترأس لجنة اختيرت من قبل البغدادي، كانت مسؤولة عن بناء مستشفى في قرية صغيرة في منطقة كسرة السورية بين الرقة، التي تمركز فيها التنظيم، ودير الزور، مضيفًا: "أعتقد بأنهم اختاروا الكسرة لأنهم أرادوا الحصول على القدرة الاستيعابية لتلقي الأعضاء البارزين بتنظيم "داعش" لعلاجهم، وسمعتُ بانهم حسّنوا الأدزان وزوّدوا المرافق بأفضل التجهيزات."

وبدأ على حسين أنه كان حذرًا بما كشف عنه، ولم يرغب أن تنسل المعلومات من لسانه، لكنه وفي الوقت ذاته بدأ وأنه يود الظهور بشكل متعاون، كان غريبًا باعتذاره عن الإجابة عن بعض الأسئلة، فبعد سلسلة من الإجابة بـ "لا تعليق" على عدد من الأسئلة، أضاف قوله: "كما تعلمون يجب أن أخضع للمحاكمة، بحسب المقابلة.

وقد تولى حسين منصب وزارة الصحة بتنظيم "داعش" بعد مقتل الوزير السابق في تفجير بالموصل، وفقًا لقوله، وعند فقدان "داعش" السيطرة على الموصل، غيّر حسين مركز عملياته إلى سوريا كغيره من منظمي العمليات التشغيلية بـ "داعش"، وبدأ التنقل بين الرقة ودير الزور، مضيفًا: "لم نخدم العناصر وحدهم، بل قدمنا خدمات للمدنيين أيضًا، وأولئك الفقراء في تلك المناطق،" مدافعًا عن منصبه.

لم يرفض ويعترض على إيمانه بمعتقدات الزرقاوي، أو النسخة العنيفة التي يملكها "داعش" عن الشريعة الإسلامية، لكنه دفع لمغادرة تنظيم "داعش" بعد انحراف التنظيم عن "الدرب الصحيح،" مضيفًا: "إنها الطريقة الصحيحة لطلب الناس الالتزام بالشريعة، وبالطبع أؤمن بها، حصلت العديد من الأمور التي غيّرت مسار الخليفة عن الدرب الصحيح،" وقال: "لكنّي فكرتُ دائمًا بالمساعدة الطبية التي يمكنني توفيرها، بالأخص في الشؤون الإدارية، لذا تأخرت قليلًا بمغادرتي لهم، موضحًا أنه لم يتوقع أن يخسر التنظيم "خلافته"، وأن (داعش) هزمت عسكريًا، لكن هذا لا يعني عدم وجود لأعلام (داعش) أو مبانٍ يمكنهم المطالبة بها لأنفسهم، وأن (داعش) في كل أرجاء العراق وسوريا".

وتابعًا لما قاله سوري، حيث أنه تعرّف على حسين بصورة، إنه عرفه باسم الدكتور عمر في مدينة الميادين بدير الزور في يونيو 2017، ووفقًا لحسين فإنه ذكر مغادرته للميادين عند ارتفاع حدة القتال، ودخل تركيا من خلال مدينة تل أبيض التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية، ورفض حسين الإفصاح عن الطريقة التي هرّب بها إلى تركيا.

والجدير بالذكر، يقول حسين إنه وبعد شهر من بقائه بسوريا، حصّل هوية كلاجئ سوري، لكنه أوقف غي نقطة تفتيش بطريقه إلى إسطنبول، وإلى جانبه كان هناك عراقي آخر تعرّفت إليه السلطات التركية بأنه كان تحت سلطته، وفي اليوم ذاته، تعرّفت السلطات التركية على أكثر من ستة أعضاء من تنظيم "داعش" من بينهم هولندي وبريطاني كانا على لائحة الإنذار الأحمر، والتي يطلب على أساسها إصدار مذكرة اعتقال دولية.