رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قضية المنيا.. ودعايات الإخوان


اعترانى العجب من طريقة الإعلام بخصوص قضية المنيا الشهيرة التى صدر فيها حكم ببراءة ستة عشر متهما وفى ذات الوقت قررت المحكمة إحالة أوراق باقى المتهمين للمفتى، ووجه العجب هو أن كل المعلومات الخاصة بالقضية تم استمدادها من محامى الإخوان الذين دافعوا عن المتهمين، وبالتالى ترك لهم الإعلام الساحة يبثون فيها ما يشاءون من الكذب والتضليل

...،وعلى الفور أخذ الجميع ينصب مندبة، ويستأجر نائحات للبكاء على الحريات، والحقيقة أنه لم يصدر أى حكم بإعدام أحد، ولكن الحكم الذى صدر كان متضمنا فقط البراءة لستة عشر متهما .... ثم صدر قرار وليس حكماً، بإحالة أوراق باقى المتهمين إلى فضيلة المفتى لإبداء الرأى فى شأن الإعدام من عدمه، وهو إجراء قانونى ألزمه به القانون، ويجوز له أن يستخدمه قبل سماع المرافعات، ويجوز له أيضا أن يستخدمه بعد سماع المرافعات إذ أن قانون الإجراءات الجنائية طلب منه استطلاع رأى المفتى إلا أنه لم يحدد له توقيت طلب هذا الرأى، ويحق للقاضى أن يقضى بعد ذلك رغم إحالة الأوراق للمفتى بالبراءة أو بالسجن، ويجب أن نفرق هنا بين صحيح القانون وبين ما تعودنا عليه وفقا للثقافة القانونية التى أخذناها من أفلام السينما، كما أن من حق القاضى أن يعرض عن الطلب الذى يقدم شفاهة برد المحكمة طالما لم يتخذ طالب الرد الإجراءات التى نص عليها القانون، والغريب أن أحدا من الذين يتصدرون للإفتاء لم يقرأ أوراق القضية ولم يعرف تفصيلات الاتهامات المنسوبة للمتهمين، وما هى العقوبات التى يحددها قانون العقوبات بالنسبة لهذه الاتهامات، أما الأغرب فهو أن عدد المتهمين الحاضرين كانوا زهاء مائة وستين، وأن أحكام البراءة صدرت غيابيا بالنسبة للبعض بما يعنى أن القاضى قرأ القضية قراءة مستفيضة .وثالثة الأثافى هو أن الكل نصب من نفسه مفتيا استنادا إلى معلومات مضللة أخذها من الإخوان مفادها أن الاتهام فى هذه القضية هو فقط «قتل ضابط والشروع فى قتل ضابطين» فكان أن فغر هؤلاء أفواههم ببلاهة وقالوا «إعدام لكل هذا العدد من أجل ثلاثة ضباط» ثم استطردوا : وكيف لهذا العدد كله أن يقتل ضابطاً واحد !! وسقط عن هؤلاء المخدوعين المضللين أن القضية فيها العديد من قرارات الاتهامات، وهى متخمة بالمواد العقابية والأدلة الثابتة يقينا، فمن ضمن التهم الموجهة للمتهمين قتل والشروع فى قتل العشرات من المواطنين من المدنيين ومن رجال الشرطة، وقيادة تنظيم إرهابى عسكرى يستخدم الأسلحة فى إرهاب المواطنين، وترويع المواطنين، وحرق العديد من البيوت والمدارس والكنائس، وقطع الطريق ومنع المواطنين من الخروج من بيوتهم، وهذه الاتهامات ينص القانون صراحة على إعدام المتهم الذى يرتكبها إذا ثبتت عليه، والنيابة العامة فى هذه القضية قدمت عشرات الأدلة، كل متهم وعليه أدلته، أما الزملاء من هيئة الدفاع فكل ما فعلوه هو إثبات بعض أوجه الدفاع وعندما وجدوا أن المحكمة تطلب منهم شرح أوجه دفاعهم والمرافعة بشأنها رفضوا وطلبوا رد المحكمة، والمحكمة قانونا غير ملزمة بالاستجابة لطلب الرد لأن المحامين لم يقدموه بالطريقة الإجرائية الصحيحة التى نص عليها القانون .ومع هذا فإننى هنا لا أدافع عن الحكم ولا أمتدحه فليس لى ذلك، ولكننى أرد فقط على هيئة النائحات، خصوصا أولئك الذين احترفوا الارتزاق من جمعيات حقوق الإنسان، هؤلاء الذين يرون بعين واحدة، ويغلقون العين الأخرى فلا يرون بها شيئا، تماما مثل الأعور الكذاب، جمعيات حقوق الإنسان هذه لها مصلحة فى الدفاع عن فئة بعينها، هى فقط تدافع عن صاحب العمل الذى يدفع لها أجرها وأتعابها، وجماعة الإخوان فى هذه الأيام تدفع أكثر من غيرها، وقامت بتجنيد معظم هذه الجمعيات لتكون صوتا لها، حتى يلتبس الأمر على الناس فيظنون أن جمعيات ليبرالية تدافع عن إخوان أبرياء افتئتت السلطة على حرياتهم، ومن خلال هذه اللجان يتم إعداد تقارير مدفوعة الأجر والثواب، وتخرج هذه التقارير والتصريحات والبيانات للهيئات الدولية إعلامية أو سياسية، فيطنطنون بها ويقرعون بها طبولهم، أما الإنسان المنياوى الذى انتهكت حقوقه من عصابات الإخوان الإرهابية فلا حقوق له، لذلك كان من الواجب على الإعلام المصرى أن يكون سباقا وأن يشرح تفصيلات هذه القضية ومواد الاتهام فيها وأدلة الإدانة لأن الصراع الآن لا يتم فى المحاكم فقط ولكن الصراع الأكبر يدور فى أقبية خارج قاعات المحاكم .