رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسئولية المواطن من سانت كاترين وطابا إلى الانتخابات!


المواطن يمكنه أن يكون أكثر فاعلية لو أنه دقق فى اختيار ممثله فى مجلس النواب، كما فى اختيار رئيس الجمهورية فى الانتخابات الرئاسية القادمة

انزعجت كثيراً وأنا أشاهد العزيزة لميس الحديدى منفعلة فى برنامجها «هنا العاصمة» حول قضية المواطنين أصحاب رحلة المغامرة فى سيناء حول منطقة دير سانت كاترين وجبل موسى ووادى الجبال، وأكثر ما أزعجنى ما ذكرته من المقارنة بين اهتمام الدولة بضحايا حادثة طابا، وتقاعسها، حسب تصوير البرنامج، عن تقديم المساعدة إلى ضحايا الرحلة المشئومة عند دير سانت كاترين، وأن السبب هو أن ضحايا حادثة طابا هم من الأجانب فى حين أن ضحايا حادثة وادى الجبال هم من المصريين، وكان هذا الاهتمام قد ظهر فى قطع وزير السياحة رحلته إلى الأقصر والتوجه إلى طابا، وكأن وزيراً آخر كان مطلوباً أن ينتقل إلى وادى الجبال لكى نبدى الاهتمام المطلوب، وهنا كان لا بد أن نتذكر أن الحديث دار حول تأخر قيام طائرة هليكوبتر لإنقاذ من هم فى حاجة إلى المساعدة.

طبعاً أنا متأكد أن هذا المنطق لا يمكن أن يكون له أساس فى القوات المسلحة المصرية التى تنتمى إلى شعب مصر، والتى رفضت الامتيازات الأجنبية والتدخل الأجنبى منذ نشأتها وحتى الآن، وفى نفس الوقت فكرت فيما يمكن أن يكون سبب ما تحدثت عنه السيدة مقدمة البرنامج، فسألت عما يمكن أن تفعله القوات المسلحة فى هذا الخصوص، وأنا أعلم أن طائرة البحث والإنقاذ العمودية ( هليكوبتر ) تحتاج إلى عدة مطالب لكى تقدم خدماتها، فهى تحتاج أولاً إلى وسيلة للتعرف على أماكن من تسعى إلى إنقاذهم والتى عادة ما تتوفر لدى ممارسى رياضة المخاطرة، ثم هى تحتاج ثانياً إلى ظروف مناسبة لتقديم هذه المساعدة، ونلخص أهمها فى منطقة تسمح بهبوط الطائرة أو أن تتعلق فوقها مما يحتاج إلى أحوال جوية مناسبة، وإن لم تتوفر هذه الشروط، فإننا يمكن أن نخسر الطائرة بالإضافة إلى من نحاول أن نجدهم ثم ننقذهم.

هنا تساءلت عما إذا كان شىء من هذا متوفراً فى وادى الجبال وجبل موسى، وما إذا كانت الرحلة قد أبلغ عنها قبل قيامها، وما إذا كان أعضاؤها قد تلقوا تلقيناً عن المخاطر التى يمكن أن يتعرضوا لها، وهل كان هناك إخطار أو تنسيق بينهم ومركز البحث والإنقاذ قبل بدء الرحلة. واضح ان شيئا من هذا لم يحدث، وأن القوات المسلحة بمجرد علمها دفعت عناصر برية للبحث ومحاولة الإنقاذ رغم ما فى ذلك من مخاطرة ولكنها مخاطرة محسوبة، وأنها دفعت بالهليكوبتر حينما أصبح ذلك ممكناً، هنا تساءلت عن مسئولية المواطن فى مواجهة مسئولية الحكومة أو السلطة التنفيذية، وتذكرت كيف أن المسئولية تلقى على الأجهزة رغم أنها قد تكون خارج إمكانياتها، وأن حتى محاولات سد الثغرات أمام عناصر الإرهاب يمكن أن تحاول سد الثغرات التى يتسرب منها الإرهاب فتسد الثغرات التى يأتى إلينا منها الهواء والماء، فنموت اختناقاً أو عطشاً بدلا من الموت بالإرهاب. وربما كانت حادثة حافلة طابا مثالاً لما يمكن أن يحدث فى محاولة سد الثغرات. لقد كان يجب على المواطن أولاً أن يتخذ الإجراءات الاحتياطية لأمنه أولاً قبل سؤال السلطة التنفيذية ممثلة فى عناصر البحث والإنقاذ.

إن أحداث طابا ووادى الجبال ليست إلا مجرد أمثلة لتوضيح أهمية دور المواطن، كما أنه يمكن أن يكون مرشداً لمواجهة مخاطر الإرهاب، فلا شك أن بعض عناصر الأمن كان يمكنها أن تكون على درجة أعلى من الاستعداد فى مواجهة الإرهاب، لو أنها تصرفت على أساس أنها فى حالة حرب معه، وفرد الأمن هو فى النهاية أحد المواطنين، كما أن المواطن يمكنه أن يكون أكثر فاعلية لو أنه دقق فى اختيار ممثله فى مجلس النواب، كما فى اختيار رئيس الجمهورية فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وهنا لا أنسى ما ذكره الكثيرون عن أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى قد تواطأ مع الإخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة والتى أتت بالإخوان كأكبر كتلة برلمانية فى مجلسى الشعب والشورى المنحلين، وبمحمد مرسى كرئيس للجمهورية، وينسى أو يتناسى هؤلاء أن انتخابات قد أجريت، وأن هناك درجة عالية من النزاهة تحققت فى تلك الانتخابات، وبذا فإن الناخب المصرى بحضوره أو غيابه، باختياره أو سلبيته هو الذى جاء بهم، وأن المسئولية تقع على الناخب المصرى أولاً، خاصة وأن هناك بعض القرائن بأن المجلس المذكور ورئيسه المشير طنطاوى كان متحرجاً من المجىء بالإخوان، لكنه كان ملتزماً بما يقرره الناخبون، الذين هم فى نفس الوقت المواطنون.. هل يرتفع المواطن المصرى إلى مستوى المسئولية فى الانتخابات القادمة؟ سؤال سنقرأ إجابته قريباً!

■ خبير سياسى واستراتيجى