رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفكرون: حصول تونس على استقلالها جاء بعد كفاح طويل من أبطالها

تونس
تونس

أكد مفكرون وباحثون وكتاب تونسيون، أن حصول تونس على استقلالها عام 1956 جاء بعد كفاح طويل من أبطالها على مدار عقود من الزمن، من خلال نزيف الدم والمفاوضات، ومقاومة الفكر بالفكر من أجل الحفاظ على هويتها وقوميتها العربية من خلال كتاب "تونس الشهيدة" .

وقالوا إن جامع الزيتونة هو كلمة السر التي برزت نحو التحرر الوطني لنيل السيادة القومية العربية، وتلخص ذلك في القائد العربي الحبيب بورقيبة الذي حمل الكفاح مع نخبة من الوطنيين للحصول على الهوية التونسية.
وأجرى "موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس" العديد من اللقاءات مع عدد من المفكرين والكتاب والمؤرخين التونسيين، لمعرفة ما مرت به تونس لنيل سيادتها على أرضها ويتزامن ذلك مع احتفالها بعيد استقلالها الـ66 الموافق 20 مارس من كل عام.

وقال كمال بن يونس باحث في التاريخ المعاصر إن مؤتمر الاستقلال "مؤتمر ليلة القدر في 13 أغسطس 1946" وما تلاه من أحداث، فجر ثورة يناير 1952، بالإضافة إلى جريمة اغتيال الزعيم الوطني والنقابي "فرحات حشاد" في 5 ديسمبر 1952، كانت من بين أبرز أسباب انفجار الثورة الوطنية الشاملة والمعارك الحاسمة الأخيرة في تونس.

سياسيون شبان درسوا في فرنسا، وفي المدارس الفرنسية والعربية الفرنسية بتونس مثل الزعماء محمود الماطري والحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف والحبيب ثامر والمنجي سليم والهادي شاكر، حيث أسست نخبًا أخرى بقيادة الطاهر بن عمار وقيادات نقابية وسياسية وثقافية ومجموعات ضغط، لعبت دورًا وساهمت في إنجاز مؤتمر الاستقلال الأول في أغسطس 1946، الذي عرف بمؤتمر ليلة القدر.

وأوضح أنه بعد انتصار الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا النازية وحلفائها تبلور أكثر، الحراك من أجل الاستقلال والتحرر الوطني مع تلازم واضح للحراك الثقافي والنقابي الاجتماعي مع الحراك الاحتجاجي والثوري والعمليات المسلحة، خاصة بعد 1952.

وأشار إلى أن الحزب "الحر الدستوري التونسي" الذي تأسس في 1920 بزعامة الكاتب الصحفي المستنير والمصلح عبدالعزيز الثعالبي، ألف مع نخبة من رفاقه في فرنسا وتونس كتاب "تونس الشهيدة" بالفرنسية لمحاولة البرهنة على وجود هوية وطنية تونسية تختلف عن "هوية شعب فرنسا". 

وأوضح أن نفس المضمون برز ما سمي لاحقًا في أدبيات "الحزب الدستوري الجديد" بزعامة الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف ومحمود الماطري وعلي البلهوان، الذين كان خطابهم في المحافل الثقافية والسياسية وفي جامع الزيتونة حتى أواسط الخمسينيات، يؤكد على " المشترك الوطني الثقافي" وعلى "التوفيق بين الحداثة والهوية الوطنية".

وأضاف أن خطاب بورقيبة عن التحديث تغير تمامًا بعد الاستقلال وبدء عملية بناء الدولة الحديثة المستقلة، فجعل أولوية الدولة، "تحرير المرأة وتحقيق المساواة والتحرر من التقليد ومواكبة الحداثة" الغربية.

ولفت إلى أن إعلان استقلال الدول المغربية شكل منعرج نقطة انطلاق المراحل الملموسة لبناء "الدولة الوطنية الحديثة"، البداية كانت في ليبيا مع الزعيم الوطني الملك إدريس السنوسي زعيم "الحركة السنوسية" عام 1951 ، ثم تونس التي استلم مقاليد الأمور فيها إلى جانب الملك محمد الأمين باي، زعماء وطنيون ليبراليون وساسة من خريجي جامعات فرنسية، مثل السوربون برئاسة الطاهر بن عمار والحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف.

وفي السياق أوضحت جميلة السلطاني كاتبة وناشطة في المجتمع المدني أن يوم الاستقلال الموافق 20 مارس من كل عام، نقطة فاصلة في حياة الشعب التونسي وخاصة المرأة التونسية التي نالت حقوقًا تعد الأولي بالمنطقة العربية في تاريخ التحرر من الاستعمار ممثلًا في النهج الذي تبناه القائد الحبيب بورقيبة.

وأضافت أن المرأة التونسية تحتفي منذ 13 أغسطس 1956 بعيد المرأة التونسية بعد صدور وثيقة تحدد حقوقها في المجتمع، مما أدي إلى بروز دورها في المجتمع واستمرار رحلة كفاحها على مدار عقود طويلة، موضحة أن ذلك لم يأت إلا بدماء شهداء وكفاح الوطنيين التونسيون في مقدمتهم عبدالعزيز الثعالبي ومحيي الدين القليبي والحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف والمنجي سليم.

وأوضحت أن الاستقلال التونسي ولد من رحم "جامع الزيتونة" الذي يعتبر رمز النضال التونسي، موضحة أن عيد الاستقلال يعتبر تتويجًا للـنضال السياسي وحركة المقاومة المسلّحة منذ اللحظات الأولى للاحتلال، إذ شهد التوقيع في باريس على الاتفاق الذي تعترف فرنسا بمقتضاه باستقلال تونس بما يقتضيه من ممارسة تونس لمسئولياتها في ميادين الشئون الخارجية والأمن والدفاع وتشكيل جيش وطني تونسي.

وأشارت إلى الزعيم الحبيب بورقيبة سعي عام 1961 إلى إجبار فرنسا على إجلاء ما تبقى من قواتها من البلاد، إلا أن استراتيجية الضغط المباشر عبر محاصرتها أدى إلى رد عسكري فرنسي عنيف في بنزرت، تسبب في مقتل المئات من المدنيين، ولم تخل باريس آخر جنودها من تونس إلا في 15 أكتوبر 1963 بعد سلسلة من المباحثات الدبلوماسية.

ومن جانبه، قال الكاتب والمفكر ورئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري إن عيد الاستقلال، الذي نحتفي به كل عام هو، بئر يرتوي منها التونسيون وطنيتهم من أجل الحفاظ على سيادة دولتهم، في مقاومة كل عناصر السيطرة الخارجية للحفاظ على الهوية التونسية العربية القومية.

وأضاف أن النزعة الوطنية بدأت في أوائل 1900 ومستمرة حتى وقتنا هذا، مشيرًا إلى أن الشعب التونسي يملك من الرموز الوطنية كثيرًا بدءًا من الجيل الأول عام 1920 وحتى 1956، وهو ما مكّن التونسيين في صنع جدار لحماية قوميتهم التونسية والعربية.

وأوضح أن تونس تشهد في الوقت الحالي حالة من الزخم الوطني للحفاظ على الدولة، حيث شهدت السيادة التونسية بعض الانحرافات، ولكن بفضل النزعة الوطنية تعود إلى مسارها مرة أخري بفضل أبنائها الوطنيين، موضحًا أن تونس سرقت منذ عام 2011 وحتى 2021 وبفضل الوطنيين ممثلًا في رئيسها قيس سعيد وجيشها الوطني تمت إعادتها لتتخذ مسارها الصحيح.

وأشار إلى أن "العشرية السوداء" للإخوان تمثل فترة احتلال للهوية التونسية ونزعها من قلبها وتحويلها إلى اللا دولة، وتدمير الموروث الثقافي والفكري والوطني وقتل كل من يحمل صفة وطني.