الأولى بالشرق الأوسط.. منصة إلكترونية مجانية للصحة النفسية في مصر

10 ملايين مصري مرضى نفسيون، وبحلول عام 2030 من المتوقع أن يكون المرض النفسي هو الأول في قائمة الأمراض التي تواجه البشرية، تلك أحدث إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتصريح الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ومستشار رئيس الجمهورية للصحة النفسية عن توقعه لمستقبل المرض النفسي، الأمر الذي يعكس خطورة ذلك المرض وتفشيه ليكون هذا سببًا رئيسيًا وراء إطلاق الدولة لأول منصة إلكترونية مصرية مجانية للعلاج النفسي والمتوقع تقديم خدماتها لكل من المصريين وغير المصريين. 

المنصة افتتحت بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية وبالتعاون مع وزارة الصحة والسكان وتعد هي الأولى في إقليم الشرق الأوسط التي تقدم خدماتها للصحة النفسية وعلاج الإدمان، كما أنها ستمثل أمل متوقع وفرصة لجميع المرضى النفسيين للتغلب على معوقات ذهابهم إلى الطبيب النفسي لاسيما أنهم إلى جانب صراعاتهم الداخلية مع مرضهم النفسى، هم يعانون كذلك عدم استطاعة الذهاب إلى عيادات أطباء الصحة النفسية، وذلك ما لوحظ بالكثير من تلك العيادات، وكان وراء هذا الأمر العديد من الأسباب إذ أنه لم يأت من فراغ.

معوقات الذهاب إلى الطبيب النفسي

ارتفاع أسعار الكشف

كثيرًا ما كان يمر محمد حسن "اسم مٌستعار" بحالات اكتئاب دفعته مرارًا إلى الانتحار، وكان بكل وقت في هذه الحالات يشعر بالحاجة المٌلحة للذهاب إلى الطبيب النفسي، فهو يخشى البوح بما يدور بعقله وقلبه لأيًا ممن حوله خوفًا من إفشاء أسراره النفسية، ومعايرته بها بعد ذلك.

بالفعل تجرأ محمد وأخذ خطوة الذهاب إلى عيادة أحد الأطباء التي كان يشاهد لافتتها يوميًا في طريقه للذهاب والعودة من عمله، وعندما دخل حدثته نفسه السؤال على قيمة الكشف قبل المكوث وانتظار الدخول إلى الطبيب، ليفاجئ أن سعر الكشف 400 جنيه، وسعر الجلسات بعد ذلك 300 جنيه، فما كان منه إلا أن تهرب مسرعًا للخارج بحجة أنه سيذهب لإحضار شيئًا من منزله قد نسيه.

وتأكد محمد أن أسعار الكشف لدى أغلب الأطباء النفسيين مرتفعة، كما سمع أن كثيرًا من هؤلاء الأطباء من يحترف النصب والاحتيال على المرضى النفسيين، وهكذا تبددت لدى محمد الآمال في أن ينصت إليه أحدهم، ويحاول أن يساعده في الخروج من دائرة الظلام النفسي التي جعلته يفكر بارتكاب أمر من أكبر الأمور التي تٌغضب الله وهو التخلص من حياته ليستسلم للأمر ولولا محاولته التقرب من الله لكان بالفعل أقدم على الانتحار. 

وصمة عار

"وصمة العار والنظرة إلى المريض النفسي منعتني" كانت تلك كلمات "م.ك" الفتاة التي لا تتجاوز بعمرها منتصف العشرينات، موضحة أنها كانت تشعر في كل مرة تحاول فيها الذهاب إلى عيادة طبيب نفسي للعلاج من مرض الوسواس القهري الذي تسبب لها في أضرار حياتية جسيمة، أنها مٌراقبة من حولها وأن الجميع يعلم بكونها مريضة نفسية، وذلك في الوقت الذي تحاول فيه إخفاء ذلك عن أغلب من حولها لشعورها أن ذلك أمر معيبًا وأنها ستتعرض بعد ذلك لمعايرة المجتمع لها ونظرته لها نظرة غير لائقة.

منصة مجانية لخدمة المصريين وغير المصريين

جدير بالذكر أن المنصة الإلكترونية الجديدة، تهدف حسب الدكتورة منن عبد المقصود، رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، إلى توفير خدمات حكومية مجانية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، لجميع الفئات العمرية من المصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر، مؤكدة أن المنصة تُعد الأولى من نوعها في إقليم شرق المتوسط، وأنها إحدى ثمار التعاون بين كلٍ من الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان والمركز القومي للمعلومات بوزارة الصحة والسكان، ومنظمة الصحة العالمية، وجامعة بريتش كولومبيا بكندا، ويقوم عليها نخبة من الكوادر الفنية والتقنية بوزارة الصحة والسكان، والمعالجين النفسيين والخبراء الدوليين في مجال الطب النفسي وعلاج الإدمان.