رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اعتزال شريف إدريس!

نزل خبر اعتزال الممثل الرائع شريف إدريس على رأسي كالصاعقة، وهكذا أظنه نزل على رؤوس جميع الذين عرفوه شخصيا أو حتى عرفوا الوجه الذي يطل عليهم من الشاشات فقط.. أما الذين عرفوه شخصيا، وأنا واحد من هؤلاء، فعرفوا تفاؤله وطاقته على تحدي الظروف مهما ساءت، وأما الذين عرفوا إطلالته الفنية المميزة المنوعة فعرفوا رسوخه الذي رسمته بدايات مبكرة أمام كبار النجوم ومع كبار المخرجين والمنتجين والفنيين..
ما الذي جرى بالضبط؟
قال الممثل الجميل على صفحته في السوشيال ميديا، وهو ما نقلته الوسائل الإعلامية بعد ذلك وتوسعت فيه، إنه لا يجد عملا، ولا يقبل أن يدفع نقودا مقابل العمل (وضح أن جماعة ممن يطلبونه للأعمال يطلبون منه مثل ذلك)، وإنه يرحب بالبعد عن الوسط الذي أفنى عمره فيه ما دامت الأمور بلغت هذا الحد المزري، وإنه ينتظر العثور على فرصة عمل خارج البلاد.. البلاد التي كأنها نسيت ملامحه فلم يعد يرى نفسه في مراياها.. وقد قال الأخطر: إن منامه صار كابوسيا؛ فكم يشاهد أنه يقتل أولاده ونفسه كلما غفا.. (هذه الهواجس طبيعية كنتيجة لقلقه المفرط على بيته الذي يعوله بعد فقده للرزق) لشريف ثلاثة أبناء، حفظهم الله وحفظه!
تكلم إدريس أيضا عن مديونيته المالية لكثيرين، وذكر أنه سيبيع هاتفه الشخصي، بلا خوض في الأسباب، وقد يكون معنى هذا إعلانه عن خلق مسافة بعيدة مريحة بينه وبين الناس، يقدرها كيف يشاء، متحررا من قرب لا طائل تحته..
الملاحظ، في الفترة الأخيرة، أن شكوى الممثلين، بالذات، كثرت بشكل لافت؛ فليس هو بأول ممثل يشكو مر الشكوى ولن يكون الأخير غالبًا.. وفي الأمر طبعًا ما يستحق التأمل والدراسة إلى حين وضع اليد على المشكلة وفهم بواعثها ومن ثم حصارها وحلها قبل أن تؤول إلى عقدة محبطة لا خلاص من تشابك خيوطها..
هل لدى نخبة الفن والثقافة مخرج من الأزمة؟ وهل لدى جهة الزعيم عادل إمام مخرج؟ وهل لدى جموع الجماهير؟ 
أدعو أصدقاء شريف إدريس ومعارفه، في الوسطين الفني والثقافي وما أكثرهم إلى الالتفاف الكثيف حوله، والاكتتاب الفوري لإعانته.. وأدعو جهة الزعيم عادل إمام، بصفة خاصة، إلى الاهتمام الشديد بحالة الفنان المدهش مهضوم الحقوق؛ فقد سبق واختاره الزعيم بنفسه للمشاركة في مسرحيته "بودي جارد".. وأدعو جموع الجماهير، قبل الجميع وبعدهم، إلى إظهار محبتهم لصاحبنا وتمسكهم باستمراره في مجاله الأصلي..
إن أعمال شريف إدريس الناجحة، منذ كان طفلًا، دالة على عظمة موهبته بل نبوغه، ومن السهل معاينتها من خلال البحث باسمه فقط، وهو اسم شهير وغني معنويا، وقد كان الأمل أن تتوالى نجاحاته، وتتضاعف شهرته، وتجلب ثروته المعنوية ثروة مادية توازيها.. لكنها العثرات الواردة، ولعلها تزول سريعًا!