رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما أحلى شبابك يا بلادى

أسعدتني الظروف، مؤخرًا، بمتابعة نشاط إبداعي من أنشطة وزارة الشباب والرياضة، فتغيرت عندي قناعات كثيرة تجاه شبابنا، لقد اكتشفت، من خلال متابعة هذا المشروع، كم نظلم جيل الشباب بأحكام ظالمة وشهادات مسبقة جعلتنا ننظر إليهم نظرة لا تليق، والمبشر في الأمر أننا لا نجد في وطننا، حاليًا، من هو أكثر إيمانًا بشباب هذا الجيل من الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه، وقد ترجمت توجيهات الرئيس هذه القناعة إلى أفعال ولم يكتف بالأقوال، استوعب الرئيس السيسي حماس الشباب ورغبتهم في الانخراط في العمل السياسي، فأمر بتنظيم حماسهم وتوجيه طاقاتهم نحو النافع والمفيد.
ففي عهده تم توجيه طاقة الشباب وترجمتها إلى عدد من المشروعات المثمرة، أولها مشروع صناعة القيادات المستقبلية، المتمثل في البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، ورغم كونه المشروع الشبابي الأبرز، إلا أنه من الظلم أن نكتفي به عند سردنا لمشروعات الدولة لصالح الشباب، فهناك مشروعات أخرى كثيرة تتبناها الدولة المصرية، ومن الأمانة أن نذكّر بما تم في مجال تمكين الشباب من خلال تلك القيادات الشبابية التي تولت مناصب في الجهاز الإداري للدولة بأعداد غير مسبوقة، سواء في منصب المحافظين ونوابهم ونواب الوزراء وأعضاء البرلمان وغيرها من المناصب التي دبرتها الدولة لقطاع غير قليل من الشباب.
ورغم تلك المساعي المشكورة التي تتبناها الدولة على أعلى مستوى من مسئوليها، إلا أنه لا يمكن لمنصف تجاهل دور وزارة الشباب ووزيرها د. أشرف صبحي، في مبادرات كثيرة وبرامج متعددة، غير أن أهم ما أسعدني هو ذلك المشروع الذي تابعته عن كثب، خلال الأسبوع المنقضي، والمتمثل في مشروع "ذاكرة بلدي"، وهو المشروع الذي يمثل النسخة الجديدة لمشروع قديم كنت أتشرف قبل أكثر من عشر سنوات بدور محدود في دعم الوطن من خلاله، وهو "محكى الشباب".
إذ تبنى المجلس القومي للشباب- في التسمية السابقة لوزارة الشباب- مشروعًا اقترحه محمد نوار، الكاتب الصحفي والعضو الأسبق بالمجلس القومي للشباب، وهو مشروع قائم على غرس القيم الوطنية في وجدان الشباب، من خلال أعمال فنية وإبداعية، تمثلت في الشعر والغناء والدراما المسرحية والعمل الإعلامي والفن التشكيلي وغيرها.
ومن حسن حظ الشباب أن تصدى للقيام بتدريبهم عدد من المدربين الوطنيين الذين أخلصوا للوطن وقدموا للمجتمع عددًا من الموهوبين في كل تلك المجالات؛ فصقلوا موهبتهم ووجهوها لتخطو أولى خطواتها على طريق الاحتراف.
اليوم يسعى القيادي النشيط أحمد عفيفي، وكيل وزارة الشباب، بتوجيهات الوزير د. أشرف صبحي إلى إعادة إحياء هذا المشروع، وحسنًا فعل بأن عاد إلى تجميع شباب المحافظات وعدم الاكتفاء بشباب المحافظة مستضيفة الفعاليات، كما حدث خلال السنوات الماضية، فقد جمعت الدورة الحالية نحو مائة شاب وفتاة من مستويات تعليمية مختلفة ومراحل عمرية متباينة، غير أن ما يجمع بينهم هو الموهبة، وليس غيرها.
والفائدة التي سيحققها تجميع شباب عدد من المحافظات هو مزيد من التلاقي الفكري وتوحيد الرؤى وإزالة النعرات المحلية والتعارف المثمر البناء بين شباب الوطن، ونقطة الاتفاق التي ستجمعهم جميعًا لن تكون سوى الموهبة التي تشغل اهتمامهم، والتباري المقبول من الجميع هو أن نتنافس على الإبداع وليس سواه.
لقد أسعدتني تلك المناسبة التي استضافتها مدينة الأقصر وجمعت نحو مائة شاب وفتاة من محافظات الأقصر والمنيا وقنا وسوهاج وما ميزهم جميعًا هو حسن الخلق والموهبة الحقيقية، وهو ما يجعلني أكثر قناعة بأن شبابنا بخير وأن صعيد مصر لا يزال ذاخرًا بالمواهب الحقيقية التي تذكرنا بالعقاد وطه حسين وأمل دنقل والأبنودي وعبدالرحيم منصور ويحيى الطاهر عبدالله وسناء جميل وإنعام محمد علي وحكيم ومحمد منير وفهمي عمر وعبدالرحمن رشاد وعبدالستار سليم وحجاج أدول والفنان التشكيلي د. فرغلي عبدالحفيظ وغيرهم من مبدعي الجنوب وموهوبيه.
تحية لكل المشاركين في هذا المشروع من الشباب والمدربين والمشرفين وشكرًا لهم تلك الإبداعات ودعوة لمزيد من الاهتمام الإعلامي بمثل تلك الأنشطة، فإن في وطننا مواهب ومبدعين يستحقون الاهتمام والرعاية وإلقاء الضوء عليهم وعلى إبداعاتهم، ورجائي من وزارة الشباب أن تستمر في دعم ورعاية المواهب الحقيقية التي يكتشفها المشروع وعدم الاكتفاء بذلك العرض الختامي الاحترافي الذي أبهر كل الحضور من مسئولين ونواب وجمهور الشباب.