رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاثوليكية تُحيي ذكرى القديسين لويجي فرسيليا وكاليستو كارافاريو

كري القديسان لويچي
كري القديسان لويچي ڤرسيليا وكالّيستو كاراڤاريو

تٌحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم، ذكرى القديسين لويچي ڤرسيليا وكالّيستو كاراڤاريو، الكاهنين الشهيدين بإرسالية السالزيان في الصين.

وروى الأب وليم عبد المسيح سعيد - الفرنسيسكاني، سيرتهما قائلاً: وُلِدَ "لويچي" (لويس) في 5 يونيو 1873م، في مدينة أوليڤا چيسّي - ﭘـاڤيا – مملكة إيطاليا، لأسرة متدينة. منذ صغره كان خادماً للمذبح، ولدى وصوله سن الثانية عشر إلتحق بمؤسسة ڤالدوكّو السالزيانية، بغرض أن يصير راهباً وكاهناً. لم يكن لويچي يطمح لذلك، بل كان يتمنى أن يكون طبيباً بيطرياً. لكنه أطاع والديه، والتحق بالمؤسسة، حينها كان الأب "چوڤاني دون بوسكو" (القديس چوڤاني دون بوسكو، فيما بعد) مؤسس الرهبنة، مازال يدير المؤسسة بنفسه.

 وتابع: بعد سنوات من الدراسة، أصبح لويچي راغباً في حياة الرهبنة السالزيانية. وقد لاحظ دون بوسكو اجتهاد الفتى، وبعين الراعي اهتم بأن يُخبره برغبته في الاجتماع به لمناقشة كثير من الأمور حول مستقبله، حدث ذلك عام 1887م، على أن هذا الاجتماع لم ينعقد أبداً بسبب تدهور حالة الأب دون بوسكو الصحية ووفاته عام 1888م. وظل السؤال في نفس لويچي : ما الذي كان يريد دون بوسكو أن يخبره أو يوجهه إليه في هذا الاجتماع؟! ولم يكن لديه تفسير سوى أن دون بوسكو كان يريد أن يؤكد دعوته للرهبنة والكهنوت.

وأضاف: التحق لويچي ڤرسيليا بالرهبنة السالزيانية بعد قبول الأب "ميكيلّي روا" مدبر الرهبنة (الطوباوي ميكيلّي روا، فيما بعد). حصل على الدكتوراه في الفلسفة من الجامعة الجريجورية الحبرية بروما عام 1893م.
تمت رسامته الكهنوتية عام 1895م، وبدأ عمله في دير السالزيان بروما كرئيس للرهبان المبتدئين مابين عامي 1896 – 1905م. وقد اشتهر بجدية حياته الرهبانية، وتنمية حياته الروحية بالتقشف الشديد وأعمال الخير.


القديس كالّيستو كاراڤاريو


ووُلِدَ "كالّيستو" في 8 يونيو 1903م، بمدينة كُورنيي – تورينو – مملكة إيطاليا، كان طالباً بمؤسسة ڤالدوكّو السالزيانية، قرر الالتحاق بالرهبنة السالزيانية والدراسة ليصير كاهناً. 


الإرسالية إلى الصين:


في إحدى رؤىَ القديس چوڤاني دون بوسكو، شاهد كائسين كبيرين يرتفعان إلى السماء، وهما كأسين يسقي بها أبناءه السالزيان يسقيان بهما الشرق: أحدهما مليء بالعرق والآخر بالدم. إنتشرت أخبار تلك الرؤية بين أبناء الرهبنة، والواضح أنها كانت تُشير إلى اتجاه الإرسالية السالزيانية نحو الشرق، وما ستلقاه من مصاعب ومجد.
كان شغف الأب لويچي ڤرسيليا قوياً نحو الحياة المُرسلة والبشارة بإنجيل المسيح، وهذا ما دفعه لقيادة أول إرسالية استكشافية لرهبنة السالزيان نحو الصين، والتي وصلت مدينة مكاو شمال غرب الصين في يناير 1906م.

بدأ الأب ڤرسيليا عمله، وأنشأ مقراً رئيسياً للرهبنة السالزيانية في مكاو، ومن هنا بدأ دور المُرسل الاجتماعي، حيث أسس داراً للأيتام، وأكثر من دار لرعاية المسنين الذين بلا رعاية أو بلا مأوى، كذلك مستعمرتان لخدمة مرضى الجُزام.

وتابع: إتصف ببساطته الشديدة، ومحاولاته الجادة للاقتراب من الناس ومن الاحتياجات الحياتية لهم، فعمل كبستاني، وكذلك كحلاّق، لأنه كان يجيد المهنتين. وأسس مدرسة إكليركية, وكذلك تكوين للمُعَمَّدين حديثاً وتكوين لخُدّام التعليم المسيحي.

كما أنشأ مقراً للإرسالية في شاوجوان بجنوب الصين، حيث عينه البابا "بندكتس الخامس عشر" كأول قاصد رسولي إلى الصين عام 1920م، وفي العام التالي تمت سيامته أسقفاً. ظل على بساطته بعد الأسقفية، يتجول على دراجة بخارية ليقدم الخدمات لكل محتاج.

عندما أرسل كاهن سالزياني كأس المذبح كهدية سيامته الأسقفية، تذكَّر الأسقف ڤرسيليا رؤيا القديس دون بوسكو، وكتب رسالة يشكره، وأضاف قائلاً: "ليكتب لي الرب أن أُعيد الكأس للسالزيان، فائضة بدمي أو على الأقل بعرقي".

وتابع: بحلول عام 1924م، وصل إلى مكاو كالّيستو كاراڤاريو، والذي كان لا يزال إكليركياً، وبحماس شديد توجّه إلى جزيرة تيِمور، وقام بعمل اجتماعي وتبشيري لمدة عامين، كان خلالهما مؤثراً في كل من حوله بصلاحه، وغيرته الرسولية.

وواصل: في عام 1929م، تمت السامة الكهنوتية، وصار الأب كالّيستو كاراڤاريو يخدم مذبح الرب بالكنيسة كما كان يخدم بشارة إنجيله، وفي ظهر يوم 25 فبراير 1930م، سافر الأسقف ڤرسيليا والأب كاراڤاريو بغرض الزيارة الرعوية إلى مدينة لين-شاو، على متن مركب في النهر مع مسافرين آخرين بينهم ثلاث فتيات حديثات الإيمان، وتحت التعليم المسيحي. اعترضهم بعض القراصنة البلشفيين (الشيوعيين)، وأرادوا اختطاف الثلاث فتيات.

قام القراصنة بصفعهن، وخلع الصلبان التي كُنّ ترتدينها في رقابهن، وتدخّل الأسقف ڤرسيليا والأب كاراڤاريو لمنع القراصنة وحماية الفتيات، إلا أن القراصنة عاجلوهما بضرب رؤوسهم بأعقاب البنادق، ففقدا الوعي وتم تقييدهم. وعندما أفاقا تم اقتيادهم إلى الغابة المُطلّة على النهر.

وتابع: وشعر كلاهما باقتراب الاستشهاد، فقررا أن يعترف كل منهم للآخر، وقد سمعتهما الفتيات يتهامسان وفهمتا أنه الاعتراف عندما تقرر قتلهما، حاول الأسقف ڤرسيليا تجنيب الأب كاراڤاريو هذا المصير، ليبقى ويُكمل رسالته. لكن القراصنة رفضوا قائلين: ((إن الأشرار الأجانب يجب أن يموتوا جميعاً)). عندها انتهت حياتهما بخمس طلقات نارية، ليستشهد الأسقف ڤرسيليا بعمر السادسة والخمسين، والأب كاراڤاريو بعمر السابعة والعشرين. وهكذا رُفِعا الكأسين اللذين حلم بهما دون بوسكو إلى السماء.

وتابع: وبفضل صلاة الأبوين الطاهرين، تم إطلاق سراح الفتيات الثلاث بعد الحادث بأسبوع واحد، وتم دفن رفات الشهيدين، بكاتدرائية لين كونغ-ها، لكن الحرس الأحمر قام بتخريب المكان خلال أحداث ثورة البروليتاريا الثقافية الكبرى عام 1966م.
مختتمًا: وتم إعلانهما طوباويين عام 1983م، عن يد القديس البابا "يوحنا بولس الثاني، تم إعلانهما قديسين عام 2000م، عن يد القديس البابا "يوحنا بولس الثاني" أيضاً.