رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأزمة الأوكرانية والتصعيد غير المفيد!

ما الذي يجري هناك؟، وماذا سيحدث هنا؟! 
هل ستجتاح روسيا أوكرانيا، وهل ستصمت أمريكا؟!
ماهو رد فعل الصين، وكيف ستتصرف فرنسا؟ هل ستنجح المساعي الألمانية، أم أننا علي أعتاب حرب عالمية؟!
أسئلة بات من الضرورة بمكان إمعان التفكير فيها الآن، بغية الوصول إلي الحقيقة، في عالم تتبدل ملامحه مائة مرة في الدقيقة!
يقول الزعيم البريطاني ونستون تشرشل، إن الحقيقة غالية جدًا، لذا يجب علينا أن نحميها بسياج من الأكاذيب!
فهل كل ما نشاهده حقيقي، أم أن عبارة تشرشل في محلها إذا ما طبقناها علي جل ما نتابعه، أو ما نراه الآن أونسمعه؟!
المشهد ضبابي بامتياز، ولكنه يسترعي الانتباه والاهتمام، والتفكير والتركيز، والترقب والتأهب، والاستعداد والحذر!
لأننا أمام مواجهة مرتقبة قد تفضي إلي نشوب حرب محتملة بين العمالقة الكبار، ولأن أخطاء الكبار كبيرة، ولأنه عندما تتصارع الفيّلة العشب وحده يموت، كان لزامًا علينا إعمال العقل في فهم ما يدور، والتدبر فيما ستؤول إليه الأمور إذا ما وقع المحظور!
بدايات الحروب دائمًا تعلنها الصواريخ، والصواريخ مازالت إلي الآن صامتة، والطائرات في حظائرها مستريحة، ولكن إذا ما دارت رحي الحرب في أي لحظة فماذا نحن فاعلون؟!
ماذا سيكون موقفنا "كعرب" من أمريكا الحليفة لو قررت دخول الحرب؟
وماذا سيكون الموقف تجاه روسيا الصديقة إذا ما أطلقت إشارة البدء؟
هل سنقف علي الحياد، ونكتفي بالمشاهدة من بعيد؟ 
(وهو الأصح والأسلم و الأنسب)
أم أننا سننحاز إلي طرف من الأطراف علي حساب الآخر؟ 
( وهو أمر غير مستحب )
دعونا نلقِ بقعة ضوء علي المشهد كي تتضح لنا الصورة! 
فكرة انضمام أوكرانيا إلي الإتحاد الأوروبي أو حتي حلف الناتو، أمر لن تسمح به روسيا مطلقا، ولن تقبله أوتتقبله، فأوكرانيا بالنسبة لها مسألة أمن قومي، ووقوعها ضمن منطقة "السهل الأوروبي العظيم" المفتوحة تماما والخالية من أى حواجز طبيعية، أمر يعتبره الروس مهددًا لحدودهم، ولذا يسعون لضمها.
أوكرانيا أيضًا مطلة علي البحر الأسود ولديها العديد من الموانئ النهرية والبحرية أهمها ميناء أوديسا، والموانئ الروسية متجمدة أغلب أوقات العام، ولعله سبب مضاف إلي جانب الأسباب الأخري إلي تدفع بروسيا إلي السيطرة علي أوكرانيا . 
 

نأتي إلي أمريكا 
لقد قامت أمريكا ومازالت تقوم بدور حيوي ومهم في محاربة الإرهاب، و نجحت "بمساعدة حلفائها" في الحد من خطورته، فماذا لوانشغلت أمريكا بالدخول في حرب مع روسيا؟ 
هل سيستغل الإرهابيون الموقف لصالحهم، ويعاودون من جديد ممارسة نشاطاتهم الإجرامية وأعمالهم التخريبية؟
أمريكا نجحت أيضًا في تحجيم إيران، صحيح أنها لم تضربها، ولست أظنها ستضربها علي الأقل في المستقبل القريب، (سبق وأن قلت هذا في مقالات عديدة كتبتها قبل سنوات) قلت لقد نجحت أمريكا في تحجيم إيران داخل قالب معين، ولن تسمح لها بتجاوزه، ولكن ماذا لو انشغلت بالحرب ضد روسيا؟
هل ستستغل إيران الفرصة للتغلغل والإنطلاق في ربوع المنطقة؟
أمريكا عادة لا تدخل الحروب بمفردها، وانما تشكل تحالفات وتتولي هي قيادتها، فهل ستقبل هذه المرة أن يقف "حلفاؤها العرب" علي الحياد مكتفين بلعب دور المشاهد أوالمتفرج؟!
هل ستتعامل مع الموضوع برحابة صدر وسعة أفق، أم ستستدعي من ذاكرتها، عبارة السيد بوش (من ليس مع أمريكا فهو ضدها)؟ 
وإذا تحدثنا عن الصين 
فيكفي فقط أن نقول إن الصين تتحين الفرصة، لتستغل إنشغال الأمريكان لتستولي بدورها علي تايوان!
وبالنسبة لفرنسا
فهي مشغولة حاليًا بالإنسحاب من إفريقيا، وبات من الجائز، ومن الممكن والمحتمل، أن تحل روسيا محلها في البلدان التي انسحبت منها، وكل شىء في السياسة ممكن، كونها هي فن الممكن! 
نأتي إلي الألمان
ألمانيا تحاول رأب الصدع ومنع اندلاع الحرب، وسبق وأن أعلنت عن منحها مساعدات لأوكرانيا بلغت 2 مليار يورو، وأعربت عن استعدادها لتقديم المزيد، ولديها أسبابها!
ولن نتحدث في هذا المقال عن تركيا، ولنا أيضًا إسبابنا! 
علي أية حال
ما يهمنا نحن في كل ما يجري الآن، هو الحفاظ علي سلامة أوطاننا، بإقامة علاقات متوازنة، والوقوف علي مسافة واحدة من الجميع، لأنه ليس من مصلحة أحد الانحياز إلي طرف بعينة عند نشوب حرب جديدة، هي ليست ضرورية، كما لن تكون مفيدة.
حفظ الله بلدنا من كل مكروه وسوء.