رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستقبل وطن للدراسات يستعرض الجهود التشريعية والتنظيمية لمواجهة الجرائم الإلكترونيَّة

النائب محمد الجارحى
النائب محمد الجارحى

استعرض مركز مستقبل وطن للدراسات السياسية والاستراتيجية برئاسة النائب محمد الجارحي، الأمين العام المساعد، أمين شباب الجمهورية بالحزب، الجهود التشريعية والتنظيمية المَبذُولة لِمُواجهة الجرائِم الإلكترونيَّة.

وقال مركز الدراسات في ورقة بحثية حول التَّهدِيدات وَالجرائِم الإِلكترونيَّة الجَديدة عَلَى المُجتمَع المِصْريّ تحت عنوان «جريمة الابتزاز الإلكترونيّ نموذجًا»، لقد حرصَ المُشرِّعُ المِصْريّ عَلَى مُواجهة الجرائِم الإلكترونيَّة؛ نظرًا لِخطورتِها الكبيرةِ عَلَى السِّلْم المُجتمَعيّ وَعَلَى حياةِ المُجتمَعِ. وَقد ظهرَ هَذَا الحرصُ فِي اعتمادِ عدد مِن التَّشرِيعات لِمُواجهة الجرائِم المَعلُوماتيَّة أو الإلكترونيَّة، وَالَّتِي يأتي عَلَى رأسِها الدستُور المِصْريّ. وَفِي الحقيقةِ، تخطت هذهِ الجهُود حدودَ القُطر المِصْريّ، مِن خِلال انضمام مِصْر إلى الاتِّفاقيَّة العَرَبِيَّة لِمكافحة جرائم تقنية المَعلُومات المُوقَّعة فِي القاهرة بِتاريخ 21 ديسمبر 2010.

وقال المركز يمكن بيان الجهُود القانونية والتنظيمية الَّتِي اضطلعت بِها الدَّوْلَةُ المِصْريّة لِمُواجهة الجرائِم الإلكترونيَّة أو المَعلُوماتيَّة عَلَى النحو الآتي:
1) الجهُود عَلَى المُستَوى الوطنيّ:
يأتي فِي مقدمة هذهِ الجهُود ما نصَّ عَلَيه دستُور جُمْهُوريَّة مِصْر العَرَبِيَّة الصَّادِر فِي عام 2014، وَالمُعدَّل فِي عام 2019. فقد نصَّت المادة 31 مِنه عَلَى أنَّ "أَمْن الفضاء المَعلُوماتيّ جزءٌ مِن مَنظُومة الاقْتِصَاد وَالأَمْن القوميّ، وَتلتزم الدَّوْلَةُ بِاتِّخاذ التدابير اللازِمة لِلحفاظ عَلَيها، عَلَى النحو الَّذِي ينظمُه القانُون". 


كما تنصُّ المادة 57 مِن هَذَا الدستُور عَلَى أنَّ "لِلحياة الخاصَّة حرمةً، وَهي مَصونةٌ لا تمسُّ، وَللِمراسلات البريديَّة، وَالبرقية، وَالإلكترونيَّة، وَالمحادثات الهاتفيَّة، وَغَيْرها مِن وسائل الاتِّصال حرمة، وَسريتها مَكفُولة، ولا تجوزُ مُصادرتها أو الاطلاع عَلَيها، أو رقابتها إلا بِحكمٍ قضائيّ مُسبَّب، وَلِمُدة مُحدَّدة، وَفِي الأحوال الَّتِي يبينها القانُون، كَمَا تلتزمُ الدَّوْلَةُ بِحماية حقِّ المواطنين فِي استخدام وسائل الاتِّصال العامَّة بِكافة أشكالها، ولا يجوزُ تعطيلها أو وَقْفها أو حرمان المواطنين مِنها بِشكلٍ تعسفيّ، وَينظم القانُون ذَلِكَ". 


وَبِالفعل صدرت مَجمُوعة مِن التَّشرِيعات الَّتِي حرصَ فِيها المُشرِّعُ كل الحرص عَلَى مواجهةِ الجرائِم المَعلُوماتيَّة أو الجرائِم الإلكترونيَّة، كانَ مِن بينها:
‌أ- قانُون تنظيم الاتِّصالات وَتُكْنولُوجيا المَعلُومات رقم 10 لِسنة 2003: 
منح هَذَا القانُون الصلاحيات لِلجِهَاز القوميّ لِتَنظيم الاتِّصالات كَوْنه الجهاز المُختص بِرقابة قِطَاع الاتِّصالات فِي مِصْر وَتحسين خدماته وَتَوسيع نطاق استخداماته، مَعَ مُراعاة الشفافيَّة وَالمنافسة الحُرة وَفِي إطار توفير الخدمة الشَّامِلة وَحماية حقُوق المُستخدمين. وَنصَّ هَذَا القانُون كذَلِكَ عَلَى أنْ يلتزمَ مقدمو خدمات الاتِّصالات وَالمستثمرون بالامتثالِ لِلوائح وَالمَعايير الَّتِي وضعَها الجِهَاز حَتَّى يمكنهم الدخولُ إلى السُّوق المِصْريَّة، وَإِطلاق خدمات جديدة فيه. 


وَيمنح القانُون الجِهَازَ القوميَّ لِتَنظيم الاتِّصالات الصلاحيةَ لِوَضْعِ الحدودِ وَالَّتِي تؤدي فِي حالة تجاوزها إلى خرق قواعد المُنافسة الحرة وَوَضْع التعليمات وَسُبل الانتصاف فِي مثل هذه الحالات. وَقد تضمَّنَ هَذَا القانُون تجريمَ بعض الأفعالِ الَّتِي تُعدُّ بِمثابة جرائم إلكترونيَّة، مثل: هدم أو إتلاف المُنْشَآت المُخصَّصة لِشبكات الاتِّصالات، وَحيازة أو تشغيل أجهزة اتِّصالات لا_سلكيَّة، وَنَشْر أو إفشاء مَعلُومات تتعلقُ بِمُنْشَأة عامِلة فِي مَجال الاتِّصالات.


‌ب- القانُون رقم 15 لِسنة 2004 بِشأن تَنظيم التوقيع الإلكترونيّ وَبِإنشاء هَيْئَة تَنْمِيَة صِناعة تُكْنولُوجيا المَعلُومات: 
صدرَ هَذَا القانُون فِي 21 إبريل 2004، وَيهدفُ إلى إنشاء هَيْئَة تَنْمِيَة صِناعة تُكْنولُوجيا المَعلُومات لِتَشجيع وَتَنْمِيَة صِناعة تُكْنولُوجيا المَعلُومات وَزِيادة فُرص تصدير خدمات الاتِّصالات وَتُكْنولُوجيا المَعلُومات وَتَنظيم نشاط خدمات التوقيع الإلكترونيّ، وَتلقي الشكاوى المُتعلِّقة بِأنشطة التوقيع الإلكترونيّ. وَقد تضمَّن هَذَا القانُون تجريمَ عدد مِن الأفعال الإلكترونيَّة، مثل: إصدار شهادة تَصديق إلكترونيّ دون الحصول عَلَى ترخيص، وَجريمة إتلاف توقيع أو مُحرر إلكترونيّ، وَجريمة التوصُّل بأيَّة وسيلة لِلحصولِ بِغَيْر وجه حقٍّ عَلَى توقيع أو وسيط أو مُحرر إلكترونيّ.


‌ج- قانُون حماية المِلكيَّة الفكريَّة رقم 82 لِسنة 2002: 
نظَّمَ هَذَا القانُون فِي بعض موادِّه حمايةَ السرقات الأدبيَّة عبر شبكة الإنترنت، فجاءَ نصُّ المادة 140 مِنه لِلحديثِ عَن نوعيَّة مُعينة مِن جرائم الإنترنت، وَهي حمايةُ حقُوق المُؤلِّفِين عَلَى مُصنفاتهم الأدبيَّة وَالفنيَّة، وَبِوجهٍ خاصٍّ المُصنفات الآتية: الكتب وَالكتيبات وَالمقالات وَالنشرات مِن الحاسب الآلي أو مِن غَيْره مِن برامج الحاسب الآلي وَقواعد البيانات؛ سواء أكانت مَقرُوءة مِن الحاسب الآلي أو مِن غَيْره مِن المُحاضرات، وَالخُطب، وَالمواعظ، وأيَّة مُصنفات شفويَّة أُخْرَى إِذَا كانت مُسجَّلة. وَجاءَ نصُّ المادة 181 مِن القانُون لِتقرير العقوبة المُقرَّرة عَلَى الجرائِم الآتية: نَشْر مُصنَّف أو تسجيل صوتيّ أو برنامج إذاعيّ أو أداء محمي طبقًا لأحكام هَذَا القانُون عبر أجهزة الحاسب الآلي أو شبكات الإنترنت أو شبكات المَعلُومات أو شبكات الاتِّصال أو غَيْرها مِن الوسائل دون إذن كتابيّ مُسبق مِن المُؤلِّف أو صَاحِب الحقِّ المجاور، وَالإزالة أو التَّعطيل أو التَّعييب بِسوء نية بأيَّة حماية تقنية يستخدمها المُؤلِّف أو صاحب الحقِّ المجاور كالتَّشفير أو غَيْره.


‌د- قانُون الطفل المُعدَّل بِالقانُون رقم 126 لِسنة 2008: 
نصَّ هَذَا القانُون فِي المادة 116 مُكرر (أ) مِنه عَلَى جريمة الاستغلال الجِنْسيّ لِلأطفال عبر شبكة الإنترنت، وَوَضْع عقوبة لها تتمثلُ فِي الحبسِ مُدة لا تقلُّ عَن سنتَين وَبِغرامة لا تقلُّ عن عشرة آلاف جُنيهٍ، وَلا تجاوزُ خمسين ألف جُنيهٍ لكلِّ مَن استورد أو صدَّرَ أو أنتجَ أو أعدَّ أو عرضَ أو طبعَ أو روَّجَ أو حازَ أو بثَّ أيَّ أعمال إباحيَّة يشاركُ فِيها أطفال أو تتعلقُ بِالاستغلالِ الجِنْسيّ لِلطفل، مَعَ الحكمِ بِمصادرة الأدوات وَالآلات المُستخدَمة فِي ارتكاب الجريمة وَالأموال المتحصلة مِنها، وَغَلْق الأماكن محل ارتكابها مُدة لا تقلُّ عَن ستة أشهر، وَذَلِكَ كلُّه مَعَ عدمِ الإخلالِ بِحقُوق الغَيْر حسن النية. كَمَا يعاقبُ القانُون المَذكُور بذات العقوبة السَّابِقة، مَعَ عدم الإخلال بأيَّة عقوبة أشدّ ينصُّ عَلَيها فِي قانُون آخر، كل مِن:


 استخدم الحاسب الآلي أو الإنترنت أو شبكات المَعلُومات أو الرسوم المُتحرِّكة لِإِعداد أو لِحفظ أو لِمعالجة أو لِعرض أو لِطابعة أو لِنَشْر أو لِترويج أنشطة أو أعمال إباحيَّة تتعلقُ بِتحريض الأطفال أو استغلالهم فِي الدَّعارة وَالأعمال الإباحيَّة أو التَّشهير بِهم أو بيعهم.


 استخدام الحاسب الآلي أو الإنترنت أو شبكات المَعلُومات أو الرسوم المُتحركة لِتَحريض الأطفال عَلَى الانحرافِ أو لِتسخيرهم فِي ارتكاب جريمة أو عَلَى القيامِ بِأنشطة أو أعمال غَيْر مَشْرُوعة أو مُنافية للآداب، وَلو لم تقع الجريمة فعلًا.

‌ه- قانُون مُكافحة جرائم تقنية المَعلُومات رقم 175 لِسنة 2018: 
صدر هَذَا القانُون المهم وَنُشِرَ فِي الجريدة الرسميَّة فِي 14 أغسطس 2018، وَصدرت لَائِحته التنفيذيَّة فِي 27 أغسطس 2020. يتضمن هَذَا القانُون أحكامًا عامَّة وَقواعد إجرائيَّة وَالجرائِم المَعلُوماتيَّة وَالعقوبات المُقرَّرة لها، وَتحتوى الأحكام إلى جانب التَّعريفات الأساسيَّة لِلقانُون عَلَى التزامات وَواجبات مقدم الخدمة وَنطاق تَطبيق القانُون؛ من حيث المكان وَالتَّعاون الدوليّ فِي مَجال مكافحة جرائِم تقنية المَعلُومات، وَالأحكام وَالقواعد الإجرائيَّة الَّتِي تشتملُ عَلَى الأحكام وَالقواعد الإجرائيَّة بِالنسبة لِمَأمُور الضَّبط القضائيّ وَالأوامر القضائيَّة المُؤقتة وَالإجراءات وَالقرارات الصَّادِرة فِي شأن حَجْب المواقع وَالتظلُّم مِن القرارات الصَّادِرة فِي شأن حَجْب المواقع وَالمَنْع مِن السفر وَالخبراء وَبِشأن الأدلة الرَّقْميَّة. 


كما يتناولُ الباب الثالث مِن هَذَا القانُون الجرائِم المَعلُوماتيَّة وَالعقوبات المُقرَّرة لها، وَتضمُّ الاعتداء عَلَى سلامةِ شبكات وأنظمة وَتقنيات المَعلُومات، وَجريمة الانتفاع بدون حقٍّ بِخدمات الاتِّصالات وَالمَعلُومات وَتقنيتها، وَجريمة الدخول غَيْر المَشْرُوع، وَجريمة تجاوز حدود الحقِّ فِي الدخولِ، وَجريمة الاعتراض غَيْر المَشْرُوع، وَجريمة الاعتداء عَلَى سلامة البيانات وَالمَعلُومات وَالنُّظم المَعلُوماتيَّة، وَجريمة الاعتداء عَلَى البريد الإلكترونيّ أو المواقع أو الحسابات الخاصَّة، وَجريمة الاعتداء عَلَى تَصميم مَوقِع، وَجريمة الاعتداء عَلَى الأنظمة المَعلُوماتيَّة الخاصَّة بِالدَّوْلَةِ، وَجريمة الاعتداء عَلَى سلامة الشبكة المَعلُوماتيَّة، وَالبرامج وَالأجهزة وَالمُعدات المُستخدَمة فِي ارتكابِ جرائم تقنية المَعلُومات، وَجرائم الاحتيال وَالاعتداء عَلَى بطاقات البنوك وَالخدمات وَأدوات الدَّفْع الإلكترونيّ، وَالجرائِم المُتعلِّقة بِاصطناع المواقع وَالحسابات الخاصَّة وَالبريد الإلكترونيّ، وَالجرائِم المُتعلِّقة بِالاعتداءِ عَلَى حُرمة الحياةِ الخاصَّة وَالمُحتوى المَعلُوماتيّ غَيْر المَشْرُوع، وَالجرائِم المُرتكَبَة مِن مُدير المَوقِع.


‌و- القانُون رقم 151 لِسنة 2020 بإصدار قانُون حماية البيانات الشخصيَّة: 
يؤسس القانُون الإطار الَّذِي يحدد العَلاقة بينَ المَعنيّ بالبيانات مِن جهةٍ، وَمُستخدِمي البيانات مِن جهةٍ أُخْرَى، كالحَائِز وَالمُتحكِّم وَالمُعالج، وَذَلِكَ مِن خِلال تفنيد حقُوق المَعنيّ بِالبيانات وَشروط جَمْع وَمُعالجة البيانات، وَالتزامات المُتحكِّم وَالمُعالج، وَإجراءات إتاحة البيانات الشخصيَّة، وَطَبيعة استخدام البيانات الشخصيَّة الحسَّاسة، وَكذَلِكَ البيانات الشخصيَّة عبر الحدود، وَاستخدام البيانات الشخصيَّة فِي التَّسويقِ الإلكترونيّ المُباشر. 


كَمَا يؤسس القانُون بدايةً مِن الفصل التاسع وَوصولًا إلى الفصل الأخير لِإِنشاءِ مَركز حماية البيانات الشخصيَّة الَّذِي تتحدد مهامّه فِي الرَّقَابَة عَلَى إنفاذ قانُون حماية البيانات الشخصيَّة وَإِصدار التراخيص وَالتَّصاريح وَالاعتمادات لِمُزاولة الشَّرِكَات، وَجَمْع وَمُعالجة بيانات المُستخدمين، كَمَا يخصص القانُون حق الضبطيَّة القضائيَّة لِأفراد مُعينة مِن المركز.


وَيحدد القانُون كذَلِكَ الجرائِم وَالعقوبات، فعاقب بِالغرامة الَّتِي لا تقلُّ عَن ١٠٠ ألف جنيه وَلا تجاوز مليون جنيه، وَذَلِكَ عَلَى المُتحكِّم وَالمُعالج وَالحَائِز الَّذِي يفشي ما لَدَيه مِن بيانات أو أتاحها فِي غَيْر الأحوال المُعاقب عَلَيها قانُونًا، وَعاقب بالعقوبـة ذاتها المُتحكِّم أو المُعالج الَّذِي يمنع الشخص المَعنيّ بِالبيانات من مُمارسة حقُوقِهِ المُخولة له بِالقانُون. وَارتفعت العقوبة بِحديها الأَدنَى وَالأَقصَى لِتصبح الغرامة مِن 500 ألف جُنيهٍ إلى 5 ملايين جُنيهٍ فِي حالة مُخالفة أحكام التَّصاريح أو التَّراخيص.


‌ز- القانُون رقم 141 لِسنة 2021، بِتَعديل بعض أحكام قانُون العقوبات الصَّادِر بِالقانُون رقم 58 لِسنة 1937: 
وَالخاصَّة بِتَشديدِ العقوبات عَلَى التَّحرُّش الجِنْسيّ: فهَذَا القانُون قرَّرَ مُعاقبة الجاني بِالحبس مُدة لا تقلُّ عَن سنتين وَلا تجاوز أربع سنواتٍ وَبِغرامة لا تقلُّ عَن مائة ألف جنيهٍ وَلا تزيد عَلَى مائتي ألف جنيهٍ، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مَن تعرَّض لِلغَيْر فِي مكانٍ عامّ أو خاصّ أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جِنْسيَّة أو إباحيَّة؛ سواء بالإشارةِ أو بالقَوْلِ أو بالفعلِ بأيَّة وسيلة، بِمَا فِي ذَلِكَ وسائل الاتِّصالات السلكيَّة أو اللاسلكيَّة أو الإلكترونيَّة، أو أيَّة وسيلة تقنية أُخْرَى. 


وَهُوَ مَا يعني أن القانُون المَذكُور قد جرَّمَ استخدام وسائل الاتِّصالات السلكيَّة أو اللاسلكيَّة أو الإلكترونيَّة، أو أيَّة وسيلة تقنية أُخْرَى كأداة لِلتَّحرُّش الجِنْسيّ، بل وَغلَّظ العقوبة فِي حالة تكرار الفعل مِن الجاني مِن خِلال الملاحقة وَالتتبع لِلمجني عَلَيه؛ لتكون الحبس مُدة لا تقلُّ عَن ثلاث سنواتٍ ولا تجاوز خمس سنواتٍ وَبِغرامة لا تقلُّ عن مائتي ألف جنيهٍ، وَلا تزيد عَلَى ثلاثمائة ألف جنيهٍ أو بإحدى هاتين العقوبتين. كَمَا ضاعفها فِي حالة العود.


هَذَا فضلًا عن قيامِ الدَّوْلَة المِصْريَّة بِإِنشاء جِهَازَين يقومان عَلَى هَذَا الغرض: (الأول) هُوَ هَيْئَة تَنْمِيَة صِناعة تُكْنولُوجيا المَعلُومات لتأمين مُعاملات الأفراد عبر شبكة المَعلُومات الدوليَّة؛ (الثاني) هُوَ المَجلِس الأَعلَى لِلأَمْن السيبرانيّ، الَّذِي أُنشِئَ بِموجب قرار رَئِيس مَجلِس الوزراء رقم 2259 لِسنة 2014؛ لِتكون مهمته وَضْع استراتيجيَّة وَطنيَّة لِمُواجهة الأخطار وَالهجمات السيبرانيَّة وَالإشراف عَلَى تنفيذِها وَتحديثها؛ تمشيًا مَعَ التَّطَوُّرات التقنية.


2) الجهُود عَلَى المُستَوى العربيّ:
انضمَّتْ مِصْرُ إلى الاتِّفاقيَّة العَرَبِيَّة لِمُكافحة جرائِم تقنية المَعلُومات المُوقَّعة فِي القاهرة بتاريخ 21 ديسمبر 2010، بِموجب قرار رَئِيس الجُمْهُوريَّة رقم 276 لِسنة 2014، الصَّادِر فِي 19 أغسطس 2014، وَذَلِكَ مَعَ التحفُّظ بِشرط التَّصديق. وَتهدفُ هذه الاتِّفاقيَّة إلى تَعزِيزِ التَّعاون بينَ الدُّول العَرَبِيَّة فِي مَجال مكافحة جرائم تقنية المَعلُومات لِدَرْءِ أخطار هذهِ الجرائِم لِلحفاظِ عَلَى أَمْن الدُّول العَرَبِيَّة وَمصالحها وَسلامة المُجتمَعات وَالأفراد. 


وَتشتملُ الاتِّفاقيَّة عَلَى تدابيرَ لِمَنْع الجرائِم التقنية وَالتحقيق فيها وَملاحقة مُرتكبيها، كَمَا تشتملُ عَلَى تصنيفِ لِتلكَ الجرائِمِ وَتحددها فِي: جرائم الاعتداء عَلَى سلامة البيانات، وَجرائِم إساءة استخدام وسائل التقنية المَعلُوماتيَّة، وَجرائم التزوير وَالاحتيال والإباحيَّة، وَجرائم الاعتداء عَلَى حُرمة الحياة الخاصَّة، وَالجرائِم المُتعلِّقة بِالإرهاب وَالمرتكبة بواسطة تقنية المَعلُومات مثل نَشْر أفكار الجماعات الإرهابيَّة وَالدعوة إليها، وَتَمْوِيل العَمَليَّات الإرهابيَّة، وَنَشْر طُرق صِناعة المتفجرات، وَكذَلِكَ الجرائِم المُتعلِّقة بِالجريمة المُنظَّمة، مثل: غسل الأموال وَالتَّرويج لِلمُخدرات وَالاتجار بالبشر وَالأعضاء البشريَّة وَالأسلحة. كذَلِكَ، انضمَّتْ مِصْر بِموجب قرار رَئِيس الجُمْهُوريَّة رقم 277 لِسنة 2014، إلى الاتِّفاقيَّة العَرَبِيَّة لِمكافحة الجريمة المُنظَّمة عبر الحدود الوَطنيَّة المُوقَّعة فِي القاهرة بتاريخ 21 ديسمبر 2010.


3) الجهُود عَلَى المُستَوى الدُّوَليّ:
حرصَ المُشرِّعُ المِصْريّ عَلَى إدراج نصّ خاصّ فِي قانُون مُكافحة جرائم تقنية المَعلُومات؛ من أجل تيسير سُبل التَّعاون الدوليّ فِي مَجال مُكافحة الجريمة قبلَ وقوعها، وَتبادل المَعلُومات وَالبيانات اللَّازِمة حال وقوعها، وَضبط وَتسليم المُجرمين الهارِبين وَالتَّحقيق معهم. 


وَهَذَا النصُّ هُوَ ما جاءَ فِي صدر المادة الرابعة مِن القانُون المَذكُور، وَالَّتِي جاءَ فيها: "تعملُ السُّلطات المِصْريَّة المُختصة عَلَى تيسيرِ سُبل التَّعاون مَعَ نظيراتها بالبلادِ الأجنبيَّة فِي إطار الاتِّفاقيَّات الدوليَّة وَالإقليميَّة وَالثنائيَّة المُصدَّق عَلَيها، أو تطبيقًا لِمَبدأ المُعاملة بِالمثل، بتبادل المَعلُومات بِمَا مِن شأنه أنْ يكفلَ تفادي ارتكاب جرائِم تقنية المَعلُومات، وَالمساعدة عَلَى التحقيقِ فِيها، وَتتبع مُرتكبيها عَلَى أنْ يكونَ المَركز الوطنيّ لِلاستعداد لِطوارئ الحاسب وَالشبكات بِالجِهَازِ هُوَ النقطةُ الفنيَّة المُعتمَدةُ فِي هَذَا الشأن". 


وَيُعدُّ مَسلك المُشرِّع فِي هَذَا الإطارِ إيمانًا مِنه بِخطورةِ هذهِ النوعية مِن الجرائِم، وَالحاجة الماسَّة لِلتَّعاونِ الدُّوَليّ وَالإقليميّ وَالثنائيّ لِمُواجهتِها؛ نظرًا لما تنطوي عَلَيه مِن صعوبةٍ كبيرةٍ فِي إمكانيَّة تعقُّب مُرتكبيها وَالقبض عَلَيهم وَالتَّحقيق مَعهم.