رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تصالح مع الإرهاب


بمناسبة مبادرة «الصلح خير» التى خرجت من تحت لسان الدكتور حسن نافعة واختياره مجموعة من دهاقنة الفتنة حتى يكونوا حكماء المبادرة، كان لنا أن نوجه للجميع سؤالا «وجوديا» هو: هل من سبيل للتصالح مع جماعة الإخوان بأى صورة من الصور؟ الأمر أيها السادة ليس ملغزا أو ملتبسا ولكنه يحتاج فقط إلى معرفة «الركائز المنهجية» لجماعة الإخوان حتى نصل إلى الإجابة..

...أول ركيزة ينبغى أن نسبر غورها هى موقف الإخوان من الوطن، ثم رؤية الإخوان للفصائل السياسية المختلفة، ومدى إيمانهم بالديمقراطية وتداول السلطة، وسنضرب الصفح مؤقتا عن دين الإخوان، رغم أن دينهم يعتبر من المعوقات التى تعوق أى مبادرة للصلح إذ إنهم يؤمنون بوجوب إكراه الناس كى يكونوا على منهجهم جبرا.أما عن موقف الإخوان من الوطن فليس خافيا علينا أن مخاوفنا قد تصاعدت إلى عنان السماء عندما اصطدمنا بعبارة المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف القبيحة حينما تحدث بصوته الفظ المبحوح قائلا: طظ فى مصر، لا شك أن العبارة كانت صادمة لنا ولكنها فى ذات الوقت لم تكن مستغربة من الجماعة، فلم تستنكرها أو تبررها وكأن مصر لا تعنيها من قريب أو بعيد، وبعد أن قال «عاكف» ممثل الجماعة وصوتها الرسمى المعبر عن أفكارها عبارته هذه أردفها بعبارة أخرى هى « نحن كإخوان نقبل أن يحكمنا مسلم من أى بلد فى العالم ولو كان من ماليزيا» كانت هذه العبارة متعددة المعاني، فمنها ومن سياقها نعرف أن الجماعة لا تمانع من أن تحتل مصر دولة أخرى طالما كانت دولة مسلمة متفقة مع الإخوان فى المنهج والمرجعية، فلا قيمة للوطن، ولا أهمية للمواطنة، وليس لدى الجماعة وفقا لعبارة مرشدها ما يمنعها من التخلى عن أجزاء من الوطن لكى يتم ضمها لدولة أخرى، وأظن أن الجميع رآهم مؤخرا وهم يستعدون الغرب على مصر، لا يهمهم استقرارها أو تقدمها، ولكن فقط يهمهم أن يكونوا هم سدنة كرسى الحكم ولو على أشلاء الشعب .أما عن نظرتهم للفصائل السياسية الأخرى المختلفة معهم ورؤيتهم للديمقراطية فمن خلال أدبياتهم أحكى لكم، فحسن البنا الذى أقام بناء هذه الجماعة لا يرى خيرا فى أى فصيل أو حزب، كلهم أعداء الله، وتفرق الأمة فى العمل السياسى من خلال أحزاب يحمل كل حزب فكرة هى الشر نفسه، أما الخير فهو أن تتوحد الأمة كلها تحت راية الإخوان، كتب البنا هذا الكلام فى إحدى رسائله التى تمثل الراية الفكرية والعقائدية للجماعة، وفيها قال:( إن الإخوان يعتقدون من قرارة نفوسهم أن مصر لا يصلحها ولا ينقذها إلا أن تنحل هذه الأحزاب كلها، وتتألف هيئة وطنية عامة تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن الكريم، إن الإخوان المسلمين يعتقدون عقم فكرة الائتلاف بين الأحزاب، ويعتقدون أنها مسكن لا علاج، وسرعان ما ينقض المؤتلفون بعضهم على بعض، فتعود الحرب بينهم جذعة على أشد ما كانت عليه قبل الائتلاف، والعلاج الحاسم الناجح أن تزول هذه الأحزاب، وبعد هذا كله أعتقد أيها السادة أن الإسلام الذى هو دين الوحدة فى كل شيء، لا يقر نظام الحزبية ولا يرضاه ولا يوافق عليه! أيها الإخوان لقد آن أن ترتفع الأصوات بالقضاء على نظام الحزبية فى مصر، وأن تستبدل به نظام تجتمع به الكلمة وتتوحد به جهود الأمة) .هذا هو المنهج الرئيسى الذى تقوم عليه الفكرة الإخوانية، الإخوان فقط ولا أحد غيرهم، ويبدو هذا واضحا أشد ما يكون الوضوح من خلال موقفهم من الديمقراطية وتداول السلطة والذى لخصه المرشد الخامس مصطفى مشهور إذ كتب فى أحد كتيباته التى تعد كـ «مانفستو» تسير الجماعة على أفكاره إن الديمقراطية: «ما هى إلا لغو وعبث وما هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم لا علاقة لها بالدين بل هى تخالفه» وفى موضع آخر يقول: «كيف لهؤلاء أن يفكروا فى مصطلح تداول السلطة إذا ما وصل الإخوان للحكم، فهل يمكن أن يفكر أحدكم فى أن يترك الإسلام حكم العباد ويتنازل عن التكليف الذى كلفه الله به لكى يترك الأمر لفرقة تدين بمنهج غير منهج الإسلام، كالرأسمالية أو الاشتراكية أو غيرهما!» وأخيرا ليس لى أن أصل فى نهاية المقال إلى نتيجة، فالتاريخ هو الذى سيحدد هذه النتيجة، ولكننى فقط أطرح للجميع قضية منطقية هى: الجماعة لم تطلب أصلا أن تصطلح أو تنخرط فى المجتمع سياسيا، وهى المعتدية وترى العكس، وهى الآثمة وترى العكس، وهى المصرة المستكبرة التى ترفض مراجعة أفكارها، فهل لمصر المجنى عليها أن تتذلف للجانى كى يصطلح معها، أترك الإجابة لكم.